المجالات العامة والفضاء الحضري: مقاربة نقدية مقارنة

الافتراض الموجه الى هذه الدراسة هو أن النظريات والمفاهيم والأفكار التي تنشأ ضمن وضع قومي أو إقليمي ليست بالضرورة قابلة للتطبيق ضمن وضع آخر. فعلى رغم أن العديد من المُثل والقيم باتت شاملة (Universal)، بصرف النظر عن موقع نشوئها الأصلي، لا نستطيع القول إن كل نظرية أو مفهوم أو فكرة تم إنتاجها ضمن مجال نظري محدد – وفي الحالة قيد الدراسة نعنى بذلك الغرب- تتمتع بالضرورة بكفاءة في التطبيق الشامل، قبل إخضاعها للاختبار أو للتحقيق النقدي. والواقع أن فكرة المجال العام (Public Sphere) هي فكرة تبدو متطابقة مع التجربتين الأوروبية والأمريكية الشمالية الى الحد الذي لا يسمح لها بأن تكتسب، بديهيًا قيمةً وامكانية تطبيق شاملتين.

ولتبديد أي سوء تفاهم، أسارع هنا الى الإعراب عن تحفظي بشأن مدلولين متضمنين عادة في مقولة كهذه: المدلول الأول هو أن المنهج الذي ينطوي عليه افتراض، والذي يقودنا بشكل أساسي الى تبني مقاربة نقدية تاريخية ومقارنة لمسألة المجال العام، لا يعني تبني أي شكل من أشكال جوهرية (Essentialism) القومية أو الثقافية.

أما المدلول الثاني، فهو أن مجرد الإتيان بأية أفكار أو مفاهيم أو نظريات ونشرها من قبل مؤسسات دولية، وبالتالي اعتبارها "عالمية" (Global)، لا يكفي بحد ذاته لجعلها شاملة. كما أن ادعاء "العالمية" لا يُضفي على تلك النظريات والمفاهيم صفة من الشمولية