الإفتتاحية

عندما  تتصدر المرأة في الشرق الأوسط العناوين، عادة تكون هي الضحية. قصص مثيرة للقلق ترتكبها "الدولة الإسلامية (ISIS) من خطف واغتصاب عشرات الآلاف من النساء، وللأسف تلك القصص لصيقة في الذاكرة الغربية.  ولكن  للمرأة التي تعيش في المنطقة ما هو أكثر من واقع القمع والإيذاء التي تتعرض له، فلديها أيضًا مشاركة سياسية. قررنا  في هذا العدد أن ننظر إلى المستقبل والحاضر والماضي في هذه القضية، من أجل تقديم رواية بديلة تتحدى التمثيل الممنهج للمرأة.

يُفتتح هذا العدد بمقالة لروبيرت باين، يأخذنا الى الحضارة الأشورية القديمة، يناقش أوجه التشابه بين الحكم الآشوري وداعش – وهما ثقافتان تلجأن الى العنف والإرهاب، حيث أن المعاملة التي كانت تتعرض لها المرأة مثيرة للقلق.

كما أن الغرب في معظم الأحيان يفترض أن الإسلام السياسي يُعد من أكبر العقبات أمام حقوق المرأة في المنطقة.  غير أن التطورات في مصر جعلته يتصدر المرتبة الأدنى في العالم العربي في احترام حقوق المرأة في عام 2013، حيث أن حقوق المرأة تدهورت في ظل القيادة العلمانية الحالية. وعلى نحو مماثل فإن الديمقراطية اللبنانية المتعددة الطوائف والحكم السوري السيادي، العلماني المزعوم ما هما إلا أمثلة عن ذلك، حيث نرى أن الافتراض بشأن حقوق المرأة اعتمادًا على النظرة العالمية والأيدولوجية لنظام سياسي ليس واضحًا جدًا.

برلمان لبنان الليبرالي، يتمثل فقط في %3 من النساء، لا يكاد يكون متوازنًا بين الجنسين من مثيلاته في بلدان دول الخليج الأكثر تحفظًا. عندما تَم التفاوض على اتفاق الطائف للبنان، قَدم "صانعوه" حصصًا لتمثيل الطوائف ال 18 المختلفة في البلاد، لكن ليس بالنسبة لأكثر من 50% من السكان أي النساء. يناقش وليد حسين من الجمعية اللبنانية لديمقراطية الإنتخابات الفوائد المحتملة لإنشاء حصة نسائية في النظام الإنتخابي. أما فيما يتعلق بسوريا، يحلل المحلل السياسي وائل سواح الإشارة الضئيلة لحقوق المرأة في برنامج الإخوان المسلمين السوريين على مدى العقود الماضية. يلقي الصحفي السوري يحيى ألوس نظرة نقدية على كيفية محاولة حزب البعث في سوريا في التعامل مع قضية حقوق المرأة – فيخلص بأن هذه القضية استعملت لتبيان صورة بهية للحزب، أما الواقع فأن الحزب لم يَولي هذه المسألة أية أهمية.

مشاركة المرأة وتمثيلها السياسي هو موضوع مقالات أخرى في هذا العدد. تدعو هدى الخطيب  إلى الدور الحيوي للمرأة في صنع السياسات في الشرق الأوسط. تدرس الناشطة لين هاشم دور المرأة من منظور نسوي خلال الإحتجاجات المناهضة للحكومة في لبنان التي حصلت مؤخرًا. وتلتقط عدسة المصورين (مروان طحطح وحسن بيضون وإبراهيم ديراني) هذه النساء في صور مبدعة تمر عبر صفحات هذا العدد.

إن تهميش المرأة في السياسة لا ينحصر في تحفظها على الكلام، ولكن حتى بالنسبة للنساء اللواتي يعبرن جيداً ليس من السهل أن تؤخذ على محمل الجد. تشاركنا الناشطة والمدونة السورية مارسيل شيحوارو بحماس في تجاربها حول كيف يتم التعامل مع النساء على أساس كليشيهات، والعبثية التي يجب على النساء التعامل معها من أجل تحقيق الاحترام والشرعية في عالم الرجال.

وبإلقاء نظرة أوسع على التطورات التي تطرأ على النساء في المنطقة، تسأل عالمة الاجتماع الفلسطينية، د. هنيدا غانم بشكل استفزازي ما إذا كانت النسوية العربية قد انتهت مع انهيار الربيع العربي. يتضمن هذا العدد، ثلاث مقالات تستكشف ما يعنيه أن تكون على أطراف مختلفة من الصراع وتستعرض قصص نساء سوريات في المنفى،  في المناطق التي يسيطر عليها النظام والمعارضة. تتحدث الناشطة السورية مجد شوربجي عن العبء المزدوج على اللاجئات السوريات في لبنان. تشرح لبنى القنواتي، وهي ناشطة سورية عاشت فترة طويلة تحت الحصار، الوضع الخاص واحتياجات النساء في المناطق المحاصرة. أليشا مولتر أجرت مقابلة مع امرأة شابة من دمشق، تحدثت عن التغيرات التى طرأت على مواقف وحياة الناس في العاصمة والتي أصبحت رويداً رويداً خالية من الرجال.

وبالنظر إلى أن محادثات السلام في جميع أنحاء العالم، غالبًا ما ُتدار من قبل الرجال - على الرغم من أن نتائج المفاوضات تؤثر على حياة كل من الرجال والنساء. وبالتالي فإن إستدعاء النساء إلى طاولة المفاوضات مطلب ضروري للغاية. لكن أيضًأ مهم جدًا كيفية وصولهن الى الطاولة، رامي عربان يناقش في مقالته لماذا لم تتمثل نساء "المجلس الاستشاري للمرأة" في محادثات جنيف في سوريا. وأخيرا تخط الرسامة جنى طرابلسي رسومها عن المرأة في المنطقة بقلمها الرصاصي وألوانها.

أما بالنسبة لعنوان العدد، قررنا استخدام جملة من قصيدة الشاعر الفلسطيني محمود درويش. في "قصيدة الأرض" يدعو خديجة، وهي شخصية الأنثى الأكثر شهرة في التاريخ العربي والإسلامي، "لا تغلقي الباب". لقد وجدناه ملهمًا للتفكير بقدرة المرأة في تقرير حياتها، ومقدار ما يكشفن عنه، أو إذا كن سيسمحن بالقاء نظرة خاطفة من فتحة الباب.

حان وقت قلب الصفحة والإستمتاع بالقراءة.

بنتي شيللر، دوروثيا ريتشوزكي، بتينا ماركس و يواخيم بول.