الحدود والمخدرات والمهاجرون في شمال المغرب

على الرغم من أنه لمفهوم الحدود تاريخٌ طويل، يبقى تعريفها ملتبساً إلى حد بعيد. فهو يعتمد على مجموعة كبيرة من العناصر السياسية-الاجتماعية والاقتصادية المعقّدة التي تتناقض في بعض الأحيان. والسبب الأساسي هو صعوبة تحديد شكل الحدود ووظيفتها، بما أنها تتغير وتتطور باستمرار. وهكذا يتغيّر مفهوم الحدود عند الانتقال من اختصاص أكاديمي إلى آخر. ثمة عددٌ من المقاربات المتنوّعة للمفهوم، ويستخدم كل ميدان أفكاراً وفلسفات خاصة به؛ فسواءً في الميدان التاريخي أو الجغرافي أو السياسي أو السوسيولوجي أو الأنثروبولوجي أو النفسي أو غير ذلك، من الواضح أنه ليس هناك تعريفٌ واحد للحدود. بيد أن مفهوم الحدود يعتمد إلى حد كبير على مفهوم جون لوك (John Locke) عن القانون الطبيعي وترسيم حقوق الملكية الخاصة. يقع هذا المفهوم في صلب إنتاج المعارف في العلوم الاجتماعية، وهو متداوَل أيضاً بكثرة في العلاقات الدولية.

إذا كانت أوروبا حصناً، فجدرانها مليئة إذاً بالتصدعات: حالة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في المغرب

نراهم يومياً في نشرات الأخبار. حشودٌ من الأجساد السوداء تكتظّ بها مراكب غير صالحة للإبحار، أجساد مغطّاة بخِرَقٍ تتمدّد، بلا حيل ولا قوة، منهوكة القوى، على الرمال البيضاء. لا وجوه. لا أسماء. تُعيد هذه الصور، مراراً وتكراراً، توليد تخيّلات عن اجتياح أوروبا من "الآخر" المتشدّد؛ تخيّلات تبرّر بدورها الإجراءات الاستثنائية المتمثّلة في الإدارة العسكريتارية والاعتباطية للهجرة. هنا أيضاً، تتشابه الصور وتتماهى: سفنٌ عسكرية، رادارات طوّافة، عناصر يرتدون بزّاتهم ويضعون قفّازات يعترضون الأجساد اليائسة. غالباً ما نرى هذه الصور. لم يبقَ ما نراه أو نفكّر فيه؛ أو نفعله: يبدو وكأنه يتعذّر وقف "تدفّق" هؤلاء الأشخاص والرد العنيف من الدول على عبور حدودها. اقلبوا الصفحة، غيِّروا المحطة. ومع ذلك، هذا "التدفق" للأشخاص هو ما سعيت بالضبط إلى تصويره بطريقة مختلفة: سوف أحاول أن أُبيِّن أن الهجرة العابرة للأوطان لسكّان أفريقيا جنوب الصحراء الذين يمرّون عبر المغرب العربي ليست "اجتياحاً" أحادي الاتجاه وعنيفاً وحاشداً، بل تطوّرت وفقاً لأنماط معقّدة، على امتداد سنوات عدّة في معظم الأحيان، وتطبعها أشكال متعدّدة من النشاط والتعاون من جانب المهاجرين.

انعكاسات امتداد أزمة اللاجئين السوريين في لبنان على البيئة الحاضنة

لعل اختلاف بعض المشاكل التي يعاني منها اللاجئون السوريون في لبنان عن تلك التي يعاني منها أمثالهم الذين لجأوا إلى دول أخرى، يعود في قسم كبير منه إلى اختلاف سياسات حكومات هذه الدول بالتعامل مع اللاجئين السوريين. ففيما أقامت كل من تركيا والأردن مخيمات للسوريين الهاربين من العنف في سوريا، وتعاملت معهم كلاجئين من اليوم الأول (وإن اختلفت التسميات بين ضيف وأخ ونازح وغيرها)، اتخذت الحكومة اللبنانية سياسة النأي بالنفس، نتيجة التعقيدات السياسية اللبنانية، فهي لم تتعامل معهم كلاجئين، لما لذلك من دلالات سياسية، الأمر الذي أضعف دور المؤسسات الحكومية والأهلية في مساعدة اللاجئين السوريين والفلسطينيين القادمين من سوريا وتوفير حاجاتهم. كما أثر أيضاً على عمل المنظمات الدولية وخاصة المفوضية السامية لشؤون للاجئين التي لم تتمكن من الحصول على تصريح عمل مع اللاجئين السوريين حتى مرحلة متأخرة مقارنةً بدول الجوار الأخرى. وعليه سيقتصر هذا المقال على البحث في انطباعات اللبنانيين عن الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترتبت على وجود اللاجئين القادمين من سوريا على لبنان وانطباعات اللاجئبن السوريين عن وجودهم في لبنان.نائل بيطاري وربى محيسن

عن أسلحة الدمار الشامل... عن الاغتصابات في أزمنة الجنون

تتسابق الدول فيما بينها لتطوير تكنولوجيا الحرب والاسلحة الضرورية لخوضها وكسبها. ويترافق انتاج وانتشار هذه التكنولوجيا مع تزايد إندلاع الحروب والنزاعات في أماكن شتى من العالم. وعلى الرغم من هذا التنافس على اقتناء آخر تقنيات القتال، الا ان الأطراف المتصارعة لا تجد حرجاً من الاستمرار في اللجوء الى إحدى أقدم الوسائل، وأكثرها بدائية، أي الاغتصاب، بهدف قهر العدو ومجتمعه معنوياً وسياسياً. ولم يردع وضع وتطوير قوانين دولية مختلفة لحماية المدنيين من تكرار ارتكاب الانتهاكات والاعتداءات ذات الطابع الجنسي والجندري خلال النزاعات، ليس ضد النساء فقط، وإنما الرجال والفتية الصغار أيضاً. ومن الأمثلة الحديثة لهذه الانتهكات ما بدأ يترشح من تقارير من داخل سوريا، البلد الذي انتفض شعبه ضد ديكتاتورية حكمته لأكثر من أربعة عقود. المقالة التالية، بقلم جمال خليل صبح، المتخصص في العلاج العصبي-النفسي، تسلط الضوء على هذه الجريمة المتكررة، وضد النساء بشكل خاص، والتي تشكل سوريا أحد مسارحها حالياً.