هل نسقط مرضى جميعاً بفعل التغيّر المُناخي؟ - بدائل العدد 11 – 2011

هل نسقط مرضى جميعاً بفعل التغيّر المُناخي؟ - بدائل العدد 11 – 2011

لن نتناول هنا بعجالة آثار التغيرات المناخية ومفاعيلها المحتمَلة في كل الميادين التي يجرّ التأثير بأحدها تأثيراً على الميادين الأخرى، لأن قياس مدى التأثير غير المباشر للتغير المناخي على الصحة هو عملٌ سيبقى زمناً طويلاً، عملاً نظرياً يعتمد تحليل الفرضيات. والحق، إن الأسلوب الصحيح الوحيد هو القيام بدراسات إحصائية طبية تهدف إلى معرفة ما إذا كان تأثير الإصابة، قائماً على مدى متوسط، لا على المدى الفوري فحسب، وتحديد الأسباب المعيّنة الدقيقة للإصابة؛ فإذا كان الجواب بالإيجاب، يصبح هدف الدراسة قياس حجم هذا التأثير.
هذا النوع من الدراسات هو الوسيلة الوحيدة المتوافرة لدى الطب، عندما لا يكون التأثير ثابتاً ومؤكداً. تتناول الدراسة عدداً كبيراً من الناس (على الأقل بضعة آلاف من الأشخاص) تعرّضوا لعامل يفترَض أنه ضارّ "على المدى الطويل" لمقارنة تطوّرهم بتطوّر مجموعة أخرى لم تتعرض لذلك العامل، لكنها تشبه المجموعة الأولى من ناحية الخصائص والمزايا (العمر، الجنس، المهنة، نمط العيش، عادات العيش، الخ..).
سنسعى ـ في ما يخص التغير المناخي ـ إلى تقدير ما إذا كانت مجموعة سكانية تعرّضت لهذا التغيّر تظهر لديها أمراض على نحو يختلف عن ظهوره لدى مجموعة سكانية أخرى لم تتعرّض لذلك التغيّر المناخي. بطبيعة الحال، دون ذلك عقبات وصعوبات منهجية جمّة، بدءاً بالعثور على مجموعتين ضخمتي العدد متشابهتين من حيث التركيب والعادات ونمط العيش الخ.. وعاشتا ظروفاً مناخية واحدة في أول الأمر ثم تطوّر كل منهما على نحو مختلف.. وذلك أمرٌ بطبيعة الحال في منتهى الصعوبة!

ثمة إذاً بعض الحالات التي يكون ممكناً بيُسر تبيّن العلاقات القائمة بينها، ولكن أن "يُنسَب" أموات إلى التغيّر المناخي، فهذا ما ليس بالعمل اليسير قط، على الأقل ما دام التغير البيئي لا يزال لم يكتسب الأهمية الكافية. يمكن إذاً أن ندرك بسهولة ويُسر أننا سنبقى في مرحلة الافتراض في مجال الكثير من الحالات الخاضعة حتى الآن للمراقبة والمعاينة، ما دمنا لا نعرف بدقة ماذا كان يمكن أن يحدث لو لم يقع تغيّر مناخي. على أن ذلك لا يحول دون طرح بعض الملاحظات بشأن العلاقة بين الصحة والتغيّر المناخي