التَغَيُّر المُناخي في الوطن العربي: آليات الدفاع والمواجهة

في السنوات الأخيرة، شهدت أقطار الوطن العربي، بما فيها فلسطين المحتلة، تكراراً ملحوظا ومتزايدا لموجات الحرارة المرتفعة وتغيّرًا متواصلًا في كمية الأمطار وتوزيعها، حيث تراجعت وتيرة هطول الأمطارولكن في المقابل إزدادت شدّتها ما يعني أنخفاضًا في فعالية المطر. وتعتبر المياه من أهم الموارد المُتأثّرة من الظواهر المناخية السابقة من جهة اخرى، يؤدّي المناخ الحار إلى جفاف المياه وإلى انخفاض كميات المياه المتاحة،ما يؤثر على الزراعة.

وفي صيف العام 2012، شهدت بلاد الشام عمومًا، وفلسطين خصوصًا، اضطرابا مناخيا واضحا على مستوى التغيرات المتطرفة في درجات الحرارة التي كانت ترتفع، بشكل فجائي أحيانا، بأكثر من عشر درجات عن المعدل السنوي العام، مع زيادة كبيرة في شدة الجفاف، إلى جانب ارتفاع الرطوبة حتى في المناطق البعيدة عن الساحل الفلسطيني.

وعلى الرغم من قدرة المحاصيل على التكيّف مع أحوال الطقس؛ تكمن المشكلة في التغيرات المناخية التي تأتي فجأة وبضربة واحدة، كما حصل خلال هبوب موجات الحر في مواسم الصيف في السنوات الأخيرة؛ الأمر الذي يزيد من صعوبة الاستعداد لمواجهة مثل هذا الوضع، ويجعل احتمالات التنبؤ به ضعيفة. لذلك، يتمحور النقاش القائم على مجرّد تقديرات؛ في حين يبدو أنّ موجات الحرارة المرتفعة ستتعاظم.

لاجئو المناخ

بحسب تقدير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة (IPCC) في تقريرها الصادر عام 2007؛ من المتوقع أن يصل عدد اللاجئين البيئيين إلى 150 مليون نسمة بحلول العام 2050. ولا تبدو هذه الأرقام مبالغا فيها، خاصة وإن دققنا في تقرير الأمم المتحدة الذي نشر في أواسط العام 2009، والذي يفيد أنّ عشرين مليون شخص في العالم أجبروا خلال العام 2008 على هجر أماكن سكنهم، بسبب الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية. ويتعامل هذا التقرير مع الجانب الضيق من الظاهرة؛ أي الكوارث الطبيعية (بما فيها الأضرار الناجمة عن خلل البنى التحتية والفيضانات التي تتسبب بها الأمطار السنوية الغزيرة)، إلا أن الخبراء الذين دققوا في هذا الرقم "المتواضع" أشاروا إلى أنه أكبر بأربع مرات من عدد لاجئي النزاعات والحروب.

ونجد في جميع هذه التقارير وصفا مذهلا للعواقب السياسية والاقتصادية والصحية الناجمة عن ظاهرة اللجوء الجديدة؛ فهي تشير إلى التغيرات الاجتماعية التي ستحدث في الدول التي ستستضيف اللاجئين، فضلا عن زيادة تفشي الأمراض المختلفة، والأوبئة التي ستتفاقم بسبب ازدحام اللاجئين في المخيمات والمعسكرات التي سيقيمون فيها. وتضاف إلى ذلك المشاكل الاقتصادية الناجمة عن البطالة والعمالة في صفوف اللاجئين.

يقدر خبراء المناخ أن يصل عدد اللاجئين البيئيين إلى عشرات وربما مئات الملايين. فقد شهدت مناطق في العالم على ظواهر مماثلة، مثل إقليم دارفور وبعض مناطق شرق إفريقيا. من جهة أخرى، لا يزال التصحّر يتفشى في قطاع الساحل الإفريقي الممتد على عرض إفريقيا. وقد تواجه مصر كذلك، محنة مناخية خطيرة؛ فمن شأن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر أو أكثر أن يحول أكثر من نصف مليون مصري من سكان دلتا النيل إلى لاجئين بيئيين. أمّا بالنسبة إلى القطر السوري، فننوه هنا إلى ما نشره مؤخرا المعهد الدولي للتنمية المستدامة (IISD) القائم في كندا والذي يعمل على البحث في عدد كبير من الجوانب المتعلقة بمسألة تغير المناخ – والذي نشر معطيات غير مطمئنة؛ مفادها أن نحو 160 قرية سورية هجرها سكانها خلال السنتين 2007 – 2008 بسبب الجفاف المتواصل وشح المياه اللذين لم تعرفهما المنطقة من قبل، إطلاقا. فقد أدّى شح المياه إلى تداعي القدرة المعيشية لأهالي هذه القرى المتواجدة بمعظمها في شمال سوريا؛ ما دفعهم إلى نقل مكان سكنهم، طلبا للبقاء. كما أشار التقرير ذاته(IISD)، إلى أن منطقة المشرق العربي، وتحديدا فلسطين، ولبنان، وسوريا والأردن، ستواجه في العقود القادمة مشكلة مزدوجة: من جهة، ستشهد المنطقة فترات زمنية أطول من الأشهر الساخنة وارتفاع درجات الحرارة؛ مما سيزيد من حدّة أزمة المياه المتفاقمة أصلا. ومن جهة أخرى، سيزداد عدد سكان المنطقة بمقدار الضعف تقريبا.

البصمة الكربونية

تعتبر البصمة الكربونية سلمًا لقياس مساحة الأرض التي يحتاجها الفرد للعيش بنمط معين. ويهدف قياس البصمة الكربونية إلى فهم تأثير أسلوب حياتنا على كوكب الأرض؛ وبالتالي بذل الجهد الوطني المطلوب لتحقيق مستقبل مستدام.

وسعيًا إلى قياس البصمة يتمّ جمع البيانات الوطنية الحيوية وفقاً لمعايير موحدة ومعتمدة. وتُعتبر البصمة الكربونية الأداة الرئيسة للحكومات في سياسة اتخاذ القرارات. كما تشكّل البصمة البيئية حاجة ملحة حالياً، بخاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار ارتفاع معدلات استهلاك الموارد وتسارع النمو الاقتصادي. كما تعتبر البصمة الكربونية مؤشراً لعامل الاستدامة وتعمل على قياس استخدام الموارد الطبيعية من قبل سكان الدولة. وبالتالي، "تمثل البصمة الكربونية جانب الطلب على الموارد الطبيعية من قبل الإنسان في حين تمثل السعة البيولوجية جانب العرض من تلك الموارد. وتستوجب الحالة المثلى أن تكون السعة البيولوجية مساوية للبصمة الكربونية وذلك للمحافظة على التوازن، أما عندما تتجاوز البصمة الكربونية السعة البيولوجية المتاحة يعتبر هناك عجز في الموارد الطبيعية لهذه الدولة".

وفي هذا الإطار، تسعى الشبكة العالمية للبصمة البيئية، وهي منظمة دولية لا تبغى الربح، إلى احتساب البصمة البيئية في 150 دولة، وتورد النتائج التي تتوصّل إليها في تقريرٍ بعنوان الكوكب الحي. وفي عالم يسعى إلى تطوير نفسه بيئياً أصبح من الضروري أن تفهم الدول وبدقة أهمية السعة البيئية التي تملكها مدى استهلاكها منها والوقت الذي تحتاجه لإعادة بنائها؛ وبالتالي، فإن الشراكة التي تبنيها الدولة مع الشبكة آنفة الذكر مهمة، ما يتطلب تعاونا كاملا معها، بدءًا بدعم واختبار حسابات البصمة للدولة، ووصولًا إلى جعل البصمة إحدى الأدوات المهمة التي تدعم صنع القرار في الدولة. ومن المفترض أن تقدّم البصمة الكربونية المعلومات والتي تعتمد عليها قيادة الدولة لاستخدامها كأداة في توجيه السياسات.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، لو أردنا التعبير عن خطورة الدور الإسرائيلي في تفاقم الانبعاثات الغازية، بالمقارنة مع بعض الدول الصناعية الكبرى، من ناحية، وبعض الدول الكبيرة النامية أو الآخذة في النمو الصناعي، من ناحية أخرى، وبالتالي دورها في التغير المناخي الحاصل؛ وذلك باستخدامنا مؤشر البصمة الكربونية (جدول رقم 1)؛ نجد عندئذ أن إسرائيل تعد من أصحاب البصمات الكربونية المرتفعة في العالم. وعلمًا أن المعدل العالمي للبصمة الكربونية هو 22 دونما للفرد، نجد أنّ الولايات المتحدة تتصدر هذا السلم؛ إذ إن البصمة الكربونية لديها تصل إلى 95 دونما للفرد، ثم تليها كندا: 64 دونما للفرد، وتأتي إسرائيل في المرتبة الثالثة: 53 دونما للفرد. وفي حين تحتاج الولايات المتحدة إلى 46 دونما للفرد (العجز في الموارد الطبيعية)؛ فإن إسرائيل ينقصها 49 دونما للفرد، ما يشكّل أكبر فجوة عالمية بين المطلوب (البصمة الكربونية) والموجود (السعة البيولوجية).

وفي المقابل، بلغت البصمة الكربونية للضفة الغربية وقطاع غزة خلال العام 2012 حوالي 4.6 دونما للفرد الواحد، بينما بلغت السعة البيولوجية للضفة والقطاع خلال العام نفسه 1.3 دونما للفرد الواحد وبذلك يبلغ العجز 3.3 دونما (راجع جدول رقم 2).

الترويج لاستخدام الطاقة المتجددة

على الرغم من التوقع القائل إنّ الدول العربية هي من بين الدول الأكثر تضررا من التغيرات المناخية؛ لا تبذل الدول العربية جهودا كافية في الترويج لاستخدام الطاقة المتجددة. وجاء في تقرير للأمم المتحدة بشأن التنمية البشرية العربية أن انبعاث ثاني أكسيد الكربون في المنطقة يتزايد بواحد من أسرع المعدلات في العالم، وأنه تضاعف تقريبا في الفترة الممتدة ما بين العام 1990 والعام 2003. وتواجه مدينة الإسكندرية التي تطل على البحر المتوسط، والتي يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة، خطر الغرق. ويقول المنتدى العربي للبيئة والتنمية إن ارتفاع منسوب مياه البحر يهدّد بحذف ستة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر بينما تبين دراسات للأمم المتحدة أن الفيضان المتوقّع سيغمر 4500 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية في دلتا النيل ما سيؤدّي إلى خسائر بقيمة 35 مليار دولار.

ومن المعروف أن المنطقة صالحة للاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حيث توجد مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية وتتوافر أشعة الشمس بقدر كبير. وتخطط مصر لتلبية 20 بالمئة من احتياجاتها من الطاقة الناتجة عن المصادر المتجددة بحلول العام 2020.  كما تسعى شركة مصدر الإماراتية للطاقة المتجددة إلى استثمار 15 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة بما في ذلك استحداث مدينة خالية من الكربون في أبو ظبي.

استغلال الطاقة الشمسية يلبي حاجة العالم للكهرباء

بحسب تقرير شامل نشرته الأمم المتحدة مؤخرا حول وضع الطاقات المتجددة في العالم؛ ساهمت مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج 18% من إجمالي الكهرباء في العالم عام 2009.

وللسنة الثانية على التوالي، ارتفعت الزيادة في إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة أكثر من الزيادة في إنتاج الطاقة الناجم عن مصادر أخرى كالغاز والفحم والطاقة الذرية. وقررت عشرات الدول في العالم أن تولد 15 – 25% من كهربائها من المصادر المتجددة، حتى العام 2020. ولكن في المقابل، لا تسعى فلسطين وسائر مناطق الوطن العربي إلى استغلال الإمكانيات العظيمة التي توفرها الطاقة الشمسية، بينما تستغل ألمانياالإمكانيات القليلة نسبيا لتلك الطاقة إلى أقصى حد. والجدير بالذكر، أن الطاقة الشمسية التي تصل إلى الكرة الأرضية خلال ساعة واحدة يمكنها تلبية الطلب السنوي العالمي للطاقة. كما أن تكنولوجيا الطاقة الشمسية النظيفة يمكنها أن تلبي أربعة أضعاف الطلب العالمي على الكهرباء.  ومع ذلك، فإن الطاقة الشمسية تلبي حاليا نحو1% من الاستهلاك العالمي للكهرباء.

فرص الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة

يطالب العديد من خبراء المناخ بضرورة التخفيض السريع والفعال للغازات الكربونية، وخاصة ثاني أكسيد الكربون الذي يشكل نحو 63% من هذه الغازات، وذلك من خلال استخدام الوقود النظيف بدل الوقود الأحفوري، وزيادة استخدام الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والمياه، لإنتاج وقود نظيف بديل للنفط والفحم والغاز الطبيعي، علمًا أن نسبة استخدام الطاقة النظيفة لا تتجاوز 3% من إجمالي أشكال الطاقة المستخدمة حاليا في العالم.

من الممكن الحدّ من انبعاث غازات الدفيئة من خلال اتخاذ إجراءات يتطلّب البعض منها استثمارا ماليا، في حين لا يتطلّب البعض الآخر أي استثمار. وتشمل الإجراءات التي تتضمّنها الفئة الأولى إنشاء بنية تحتية لإنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية، والاستثمار في البنى التحتية للمواصلات العامة والتدوير. وعلى مستوى البلاد العربية؛ من الممكن زيادة استغلال الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، باعتبارها أهم وسيلة لتقليل الانبعاثات.

وتتضمن الإجراءات المشمولة في الفئة الثانية والتي لا تحتاج إلى استثمارات مالية، زيادة فعالية الطاقة، مثل استغلال النفايات لإنتاج الكهرباء، وتحسين المباني السكنية حسب مواصفات البناء الأخضر، وتغيير نسب أنواع الوقود في سوق الطاقة. وقد تؤدي هذه الإجراءات إلى تخفيض انبعاث ثاني أكسيد الكربون بمقدار عشرات ملايين الأطنان، وهو تخفيض قد يعادل تقريبا التوفير الناتج عن الاستثمار في الطاقة المتجددة.

ومن خلال تغيير أنماط سلوكنا يمكننا، على المستوى العربي، خفض انبعاث غازات الدفيئة بمقدار عشرات ملايين الأطنان. ومن بين التغييرات التي يمكننا إحداثها: ترشيد والحدّ من استهلاك الطاقة والمياه في المنازل، الحدّ من استهلاك اللحم البقري، رفع درجات حرارة المكيفات والإكثار من استخدام الدرّاجات بدلا من السيارات.

ما العمل

على المستوى الفردي والجماعي والمؤسسي؛ تُختصر أهم الممارسات البيئية التي تساهم إسهامًا كبيرًا في التخفيف من الاحتباس الحراري بما يلي:

أولا: ترشيد استهلاك الطاقة الأحفورية الأصل والغير المتجددة، والتوفير في استخدامها، والتحول المدروس والمنهجي إلى الطاقات المتجددة. ويتطلب ذلك عزل منازلنا ومنشآتنا جيدا، وتخفيف الإضاءة، واستخدام المصابيح والأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة، فضلا عن تقليل التنقل بالسيارات، واستخدام السيارات التي توفّر من استهلاك الوقود.

ثانيا: هناك فرص عديدة للحد من تأثير وتداعيات التغيرات المناخية. ويتعين علينا أن نعمل بشكل فوري من أجل الحد من انبعاث الغازات الحرارية وأن ننخرط بصورة عملية في الجهود العالمية لمكافحة الاحتباس الحراري الكوني وذلك عن طريق: تشجيع خفض انبعاث الغازات الحرارية في الصناعات والقطاع المنزلي، والتحول إلى استخدام المواصلات العامة والاقتصاد في استهلاك الكهرباء والمياه.

توظيف جهود أكبر في استغلال مصادر الطاقة البديلة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والهوائية أو طاقة الناتجة عن مصادر بيولوجية. بلورة سياسة حكومية وأهلية تسعى لحل المشاكل الرئيسية الناجمة عن التغيرات المناخية وتتضمن الاستعداد على مستوى البنى التحتية والبناء والطاقة والزراعة والتخطيط القومي والمنظومات الأمنية.

ثالثا: سعيًا إلى الاستعداد لمواجهة أسباب وآثار التغيرات المناخية، لا بد من اتخاذ تدابير عملية، وبلورة البرامج الحكومية والأهلية المتعلقة بإنشاء البنى التحتية الشمسية وأنظمة المحفزات المختلفة. ولا بد أيضا من تشريع القوانين واتخاذ الإجراءات الرقابية الفاعلة، وتبني أنواع الطاقة البديلة، ومنح إعفاءات ضريبية في حال استخدام الطاقة المتجددة.

رابعا: هناك حاجة ملحة للاستعداد الفوري في جميع المجالات المتعلقة بالموارد المائية القائمة والمستقبلية. كما ينبغي تحسين نجاعة استخدام الموارد المائية، وتقليص الحاجة إلى تحلية مياه البحر، وتطوير الزراعة في اتجاه يتماشى مع الاقتصاد في استهلاك المياه والطاقة. ولا بد أيضا من القيام بتغييرات في تخطيط الحصص المائية الضرورية للبلد وطريقة توزيعها على القطاعات المختلفة.

خامسا: تبرز فرص كثيرة للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة والتي لم يتطرق إليها أحد بعد، حيث يصل حجم الاستثمار العالمي في مجال الطاقة الشمسية إلى نحو عشرين مليار دولار فقط. فمن الممكن الاستثمار في مجال تصنيع الخلايا الشمسية في الأقطار العربية والضفة الغربية وقطاع غزة ، إلى جانب صناعة خط لتجميع الخلايا الشمسية وتوظيف مختلف الأفكار والإبداعات من خلال البحث العلمي في مجال الطاقة الشمسية وتنفيذ براءات الاختراع.

سادسا: تبرز طرق عديدة لاستغلال الطاقة المتجددة لمستقبل أفضل في البلاد العربية، مثل: استخدامها في قطاعي البناء والسياحة وبالتالي استحداث فرص عمل جديدة للمواطنين، فضلاً عن طرح برامج عملية وتدريبية مميزة في مجال التعليم العالي، مثل إنتاج المياه والحفاظ على الموارد التقليدية مثل موارد الغاز والنفط.

سابعا: الإكثار من زراعة الأشجار، فإن شجرة الواحدة تمتص كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون المنتشر في الهواء، وفي المقابل، تنبعث منها كمية من الأكسجين تكفي لأربعة أشخاص. والأشجار، إجمالا، تلطف الجو، وقد تغنينا عن استعمال المكيفات الاصطناعية، فضلاً عن أنها تُنَقي التربة من الملوثات المتسربة إليها، وبالتالي، تحد من تلويث هذه الملوثات للمياه الجوفية.

ثامنا: شراء واستهلاك الأطعمة البلدية والعضوية، بما أنّ الزراعات البلدية والعضوية لا تعتمد على استخدام الأسمدة الكيماوية النيتروجينية التي تؤدي زيادة نسبة غاز الميثان في الجو. كما لا تستخدم هذه الزراعات المبيدات الكيماوية الملوثة للتربة والمياه الجوفية والهواء، والتي تلحق أضراراً بالغة بالصحة العامة. كما لا بد من خفض استهلاك اللحوم إلى الحد الأدنى ؛ حيث تستنزف صناعة اللحوم موارد كثيرة وتساهم في انبعاث كميات كبيرة من غازات الدفيئة.

تاسعا: تتحمل بعض المحاصيل الحرارة المرتفعة؛ لذلك، وسعيًا إلى مواجهة موجات الحر والجفاف المتتالية منذ بضع سنوات، يفترض الإسراع في تطوير أصناف من الحنطة والقمح أكثر مقاومة للجفاف. كما لا بد أن نعمل على تشجيع زراعة المحاصيل التقليدية التي تتحمل الحرارة وتحتاج إلى قليل من العناية وتحقق فوائد اقتصادية وصحية وبيئية حقيقية للمزارعين، والتي يمكن زراعتها بطرق عضوية؛ مثل الصبر والخروب والبلح والأعشاب الطبية وغيرها.

عاشرا: لا بد من امتلاك المعرفة التي تتيح لنا إمكانية توقع التغيرات المناخية المحتملة في منطقتنا، وبالتالي الاستعداد لمواجهتها؛ لأن الزراعة لن تكون ضحية التغيرات المناخية بحد ذاتها، بل ستعاني أساسا بسبب عدم استعدادنا لمواجهة التغيرات في الشكل المناسب.

أحد عشر: لا يمكننا أن نعرف مسبقا ما إذا كنا سنواجه الموجات الحرارية المرتفعة نفسها كلّ عام؛ إلا أن احتمال حدوث هذه الظاهرة المناخية كبير. لذلك، وفي حال معرفة المزارعين بوجود احتمال كبير لحدوث موجات حرارية، عليهم أخذ الاحتياطات وإتباع الوسائل الدفاعية وإنتاج أو شراء أصناف مقاومة للحرارة. فمقاومة الخضار للحرارة أمر في غاية الأهمية، وكلما كانت مقاومتها أكبر، إزدادت إمكانية زراعتها في الظروف الحرارية القاسية.

اثنا عشر: سعيًا إلى تسريع التصميم لكفاءة الطاقة في المباني، ليس من الضروري انتظار المُشَرِّع كي يسنّ القوانين؛ فالتقنيات الحديثة تقدّم لنا الدعم في هذا المجال وتسهل علينا عملية بناء العمارة الخضراءوما يعكسه ذلك من توفير اقتصادي وتحسين للبيئة التي نعيش فيها.

استنادا إلى ما ورد في هذه المقالة، يمكننا القول بأن تغيرات جذرية سوف تحدث في أنماط المناخ بمنطقتنا العربية، وتتمثل في هبوب العواصف المدمرة، وانتشار الجفاف لفترات طويلة في العديد من المناطق؛ مما سيتسبب في تدميرها، وتشريد عشرات الملايين. ولا يعرف بالضبط كم عدد الناس الذين سيتضررون، وبالتالي كم سيكون عدد اللاجئين البيئيين؛ لأن الهجرة البيئية مرتبطة ارتباطا وطيدا بالهجرة الناجمة عن أسباب سياسية، أو إنسانية أو اقتصادية، وبخاصة في المناطق الخطرة التي يوجد فيها اقتتال على الموارد الأساسية، كالمياه والأرض الزراعية.

كما أن المجاعات وشح وتلوث المياه والفيضانات ستتسبب في انتشار الأمراض، وارتفاع ضخم في معدل الوفيات. هناك الكثير الذي يجب على المؤسسات والجهات العربية الرسمية والأهلية المهتمة بالبيئة والطاقة أن تفعله لترشيد استخدام الطاقة النفطية الملوثة للبيئة ولصحة الإنسان؛ أو استبدالها، حيثما أمكن، بالطاقة المتجددة والنظيفة من الانبعاثات السامة والمخربة للصحة العامة والبيئة والمناخ. وتتراوح مجالات العمل من المستوى التوعوي الإرشادي والتدريبي، إلى مستوى العمل التنموي الفني لإنشاء وتطوير مشاريع خدماتية وزراعية وصناعية معتمدة على استخدام الطاقة المتجددة.