تقرير عن مؤتمر الدوحة ال18 حول تغير المناخ

وقت القراءة: %count دقيقة

تقرير عن مؤتمر الدوحة ال18 حول تغير المناخ

مقدمة

بالرغم من تمديد اعمال المؤتمر يوما اضافيا، لم يخرج اجتماع الدوحة ال18 للدول الأطراف في الاتفاقية الاطارية لتغير المناخ الذي استمر اسبوعين، بأية نتيجة جديدة وجدية. وقد اكد ما كان مؤكدا في الاجتماع الأخير في دوربان، تمديد كيوتو (الذي لم يعد ينفع قضية تغير المناخ كون الملتزمين به يشكلون اقل من 15% من الانبعاثات العالمية) والتحضير لاتفاق جديد العام 2015 . ولكي لا يظهر الوضع على هذا النحو من القتامة، وصف عبد الله بن حمد العطية رئيس المؤتمر الاتفاق الذي تم التوصل اليه في ختام أعمال المؤتمر بأنه "بوابة نحو المستقبل"، معتبرا انه يشكل بداية المحادثات حول اتفاقية دولية عالمية جديدة تكون بديلا عن كيوتو وملزمة قانونياً للدول كافة، التي يفترض أن تقرّها الأطراف العام 2015 (في باريس) على ان تدخل حيّز التنفيذ العام 2020. وهي النتيجة نفسها التي كانت قد توصلت اليها الدول الاطراف العام الماضي في دوربان!

ومن جهتها، وصفت كريستيانا فيغيرس، الأمين العام التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيّر المناخي (UNFCCC)، خلال المؤتمر الصحفي الختامي ، اتفاق الدوحة ب"الجسر" بين بروتوكول كيوتو الأصلي، الذي أقرّ عام 1997 وتنتهي صلاحيته في نهاية هذا العام، وبين البروتوكول التالي، الذي اتّفقت عليه الأطراف بالمبدأ في دوربان العام الماضي على أن يوقّع عليه الأطراف عام 2015.

واذ اصرت على التفاؤل بأن جميع الدول اتفقت في الدوحة على أن تأتي بوثيقة تفصّل تخفيضاتها من انبعاثات الكربون قبل 6 اشهر من مؤتمر التغير المناخي عام 2015... اعترفت "أن التعهدات الحالية لا تكفي لضمان بقاء معدل ارتفاع درجة حرارة الكوكب دون درجتين مئويتين".

وكان رئيس الوفد الروسي قد اشتكى خلال الجلسة الختامية من عدم إعطاء تحفظات بلاده الاهتمام اللازم، واشتكى أيضا من منهجية ادارة الجلسات وصوت العطية الذي وصفه بالمرتفع وطريقة استخدامه للمطرقة أثناء إنهائه أعمال المؤتمر.

بدا اجتماع قطر مملا هذا العام. لا صخب ولا حركة غير اعتيادية. لم نشاهد اي مفاوض يركض في الممرات، كما في الجولات السابقة من المفاوضات، ولا رأينا ولا سمعنا أصوات مرتفعة خارج الاجتماعات الرسمية. ولا نقاشات حامية. الكل مسترخ ومستسلم لفكرة ان لا شيء سيتحقق من هكذا انواع من الاجتماعات. حتى الاعداد والارقام المعلن عنها من قبل الامم المتحدة والدولة المضيفة (194 دولة شاركت في المؤتمر، وتقدير عدد المشاركين ب 16 ألف مشارك منهم 6,868 مندوباً و5,829 مراقباً. و861 عضواً من وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية و 10,900 موظّف تقني وحجز 70 ألف غرفة في فنادق الدوحة طوال فترة انعقاد المؤتمر) يمكن التشكيك بها بمجرد النظر وبالمقارنة مع اجتماعات أخرى شبيهة. لا يمكن القياس على كوبنهاغن العام 2009، حين احتشدت الصحافة وتدافعت من اجل الوصول الى القاعة التي قيل ان الرئيس الاميركي سيعقد مؤتمره الصحافي فيها. لعل اجتماع كوبنهاغن هو الذي سبب كل هذا الاحباط اليوم. ففي كوبنهاغن احتشد رؤساء الدول بشكل غير مسبوق وتوقع كثيرون (غير المتعمقين بدراسة السياسات الحقيقية للدول واقتصاد السوق ومتطلباته) ان تخرج القمة بتعهدات واتفاقيات ملزمة... الا ان "الاعلان السياسي" الذي صدر عن ذاك الاجتماع الشهير، والذي خرج عن اطر التفاوض المعتمدة في الامم المتحدة، هو الذي قوض عملية التفاوض باسرها. صحيح ان اي تقدم مهم لم يتم احرازه قبل كوبنهاغن ايضا، الا ان الاطار بقي صالحا، نظرا لعدم وجود البديل.

كل هذه الاخفاقات دفعت بالبعض الى التفكير في ضرورة إيجاد اطر جديدة وبديلة لمقاربة قضية تغير المناخ. غير الأطر التي تجمع فيها الامم المتحدة كل سنة ممثلي الدول (الحكومات) والمجتمع المدني والإعلام والمستثمرين وقطاع الشباب. هذا الإطار الذي بات مملا ودخل في نفق مسدود. فممثلي الحكومات الجديين يشكون من غياب القرار السياسي في بلدانهم (في الكواليس) وممثلي المجتمع المدني تراجع بريقهم حتى تم الاستعادة عن دورهم الضاغط خارج قاعات الاجتماعات الرسمية، الى تمثيل رمزي داخل الأروقة، كفولكلور وكتغطية للإخفاقات الرسمية، لا يقدم ولا يؤخر. وقد بقي بعض المستثمرين الذين يبحثون عن مشاريع صغيرة للاستثمار في المشكلة من هنا او من هناك، واعلام (المحترف والمتابع) فقد حماسه بعد متابعته للمواقف متكررة والتعثرات الدائمة.

في ظل هذه الاجواء، علم في اجتماع الدوحة الأخير عن بروز تطور جديد وبديل تمثل في تداعي برلمانيين من عشر دول في العالم لعقد اجتماعات موازية بعد انتهاء اعمال المؤتمر الرسمية للتفكير في ايجاد تحالف برلماني عالمي لدفع هذه القضية الى الامام بعد ان ظهر فشل الحكومات في التقدم في اي من الملفات المطروحة.

الا ان المعادلة في مؤتمرات تغير المناخ باتت واضحة: ان العالم الخاضع لسيطرة اقتصاد السوق القائم على "المنافسة" لا يستطيع ان يحل قضة عالمية تحتاج الى "التعاون". ولذلك تظهر سنة بعد اخرى استحالة التوصل الى اتفاقات ملزمة وجدية. حتى التعهدات السنوية التي تقدمها كل من البلدان المتقدمة والنامية، لا قيمة لها ويمكن ان تتنصل منها ساعة تشاء. حتى البروتوكول (كبروتوكول كيوتو) الذي اعتبر ملزما، يمكن الانسحاب منه من دون اي اثر او عقوبة، وهذا ما ثبت فعلا العام الماضي حين انسحبت كندا من البروتوكول من دون اي حرج ولا اية ضجة تذكر. وفي وقت استمرت التقارير المتشائمة بالصدور عن ارتفاعات قياسية في درجات الحرارة والتسبب بكوارث مناخية متعددة الأوجه، كان لا بد من التاكيد مرة اخرى ان المطلوب تغييرا في السياسات لا المزيد من التعهدات الفارغة.

فما الذي حصل في هذا المؤتمر وما هي النتائج التي توصل اليها؟

وصول رؤساء الوفود

مع وصول رؤساء الوفود والوزراء، قبل اربعة ايام من موعد انتهاء المؤتمر للمشاركة في الاجتماع ال18 للدول الاطراف في اتفاقية تغير المناخ في الدوحة، بدأ العد العكسي للخروج بشيء من هذا الاجتماع الذي أنهى اعماله في السابع من الشهر.

وكانت فرق العمل المتخصصة التي بدأت اعمالها منذ 26 تشرين الثاني قد اعدت التقارير لتضعها امام رؤساء الوفود، لاسيما النقاط الخلافية للبت بها. ابرز القضايا التي تدور حولها النقاشات الان هي تلك التي يبحثها الفريق العامل المخصص المعني بالعمل التعاوني الطويل الاجل بموجب الاتفاقية، والفريق المعني بالنظر بالالتزامات الاضافية للاطراف المدرجة في المرفق الاول بموجب بروتوكول كيوتو والفريق المعني بما يسمى "منهاج ديربان".

حول مواضيع نقل التكنولوجيا لا تزال الهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجيا تبحث في القضايا والمفردات نفسها (كما هي الحال منذ خمس سنوات) من دون اي تقدم يذكر.اما الهيئة الفرعية للتنفيذ فهي لا تزال عالقة في مناقشات عقيمة حول خطط التكيف الوطنية مع قضية تغير المناخ وكيفية القيام بالقياس والابلاغ والتحقق لاسيما عند الاطراف غير المدرجة في المرفق الاول من اتفاقية تغير المناخ الاطارية. وقد اشار رئيس هذه الهيئة توماس شروسزوكزو (بولندي) ان هناك بعض القضايا التي تحتاج الى توافق سياسي اكثر منه علمي لاسيما تلك المتعلقة بالخسائر والاضرار والتكنولوجيا. كما ظهر جليا في مؤتمر الدوحة ان بولندا تخالف الاتحاد الاوروبي ولا تريد ان تلتزم بتعهدات الاتحاد بتخفيض الانبعاثات 20% العام 2020، بالرغم من استضافة بولندا الاجتماع العام 2008 في بوزنان.

كما تبين ايضا ان اي تقدم لم يحققه الفريق المعني بالتباحث حول فترة الالتزام الثانية لبروتوكول كيوتو بانتظار القرارات السياسية من الدول المشاركة. وقد وعدت رئيسة الفريق مادلين ديوف (من السنغال) بان يصدر نص منقح اليوم (الاربعاء).

اما حول عمل الفريق المتخصص المعني بالعمل التعاوني الطويل الاجل، فقد اشار رئيسه ايسر طيب (من السعودية) الى بعض التقدم في قضايا "التخفيف" من الانبعاثات والى التعثر في قضايا التكيف والتمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات والى "الحاجة للمزيد من العمل" على العديد من القضايا، مما يعني باللغة الديبلوماسية عدم التوصل الى شيء مهم. واضاف في خلاصته لاجواء المناقشات "ان العمل يتم حاليا لتحديد القضايا ذات الطابع السياسي والتي تتطلب اشراك وزاري".

ابرز المواقف

اما ابرز المواقف التي تم الاعلان عنها قبيل افتتاح الجلسة الرسمية بحضور رؤساء الوفود، فقد عبر عنها ممثل الجزائر الذي تحدث باسم مجموعة ال77 والصين والذي أعلن صراحة باهتمام من يمثل بقضيتي التكيف ونقل التكنولوجيا اكثر من اي شيء آخر، محذرا من استخدام العامل الزمني كذريعة لعدم الوصول الى اجماع في الراي.

كما تحدث عن البلدان الجزرية الصغيرة (النورو) فقد ايد مطالب البلدان النامية مؤكدا على اهمية التمويل وعلى ضرورة تاكيد الالتزامات قبل نفاد الوقت.

اما ممثل استراليا الذي تحدث باسم ما يسمى المجموعة الشاملة او "مجموعة المظلة" (التي تضم الولايات المتحدة الاميركية وروسيا في عضويتها) فقد اكد على ضرورة متابعة ما بدا في كانكون وديربان، ما يعني البحث في اتفاق شامل جديد غير بروتوكول كيوتو.

اما ممثل الاتحاد الاوروبي فاكد على ضرورة متابعة ما تم التوصل اليه في ديربان العام الماضي لناحية التوصل الى اتفاق العام 2015 والبدء بالتطبيق العام 2020، مؤكدا الالتزام بالفترة الثانية من بروتوكول كيوتو، بالرغم من الشكوك حول هذا الموضوع.

كما اعرب العديد من المشاركين لاسيما من البلدان النامية عن اسفهم لبقاء صندوق كوبنهاغن الاخضر لتغير المناخ فارغا، وقد وصفه احدهم ب"القذيفة الفارغة".

التشاؤم كقاعدة

وكما في كل مؤتمر مناخي، ولاسيما منذ ثلاث سنوات، بعد النكسة التي حصلت في مؤتمر كوبنهاغن العام 2009 ، هناك شبه اجماع عند الخبراء في قضايا تغير المناخ وفي المفاوضات ذات الصلة على ان التشاؤم بات هو القاعدة من امكانية الوصول الى شيء من هذه المؤتمرات، التي بقدر ما تبدو ضرورية لمعالجة هذه المسالة، بقدر ما تبدو مسدودة الافق امام الازمات الاقتصادية التي تعصف بالعالم واولوياته، وامام اقتصاد السوق المسيطر الذي يفتح مجالات التنافس حتى الرمق الاخير ولا يترك مجالا للتعاون ولو حول اكبر قضية تواجه البشرية.

مقترحات اكثر البلدان تضررا

قدم ممثل ناورو، نيابة عن تحالف الدول الجزرية الصغيرة، خلال اجتماع المائدة المستديرة المعني بمسار العمل 2 مسودة نص قرار حول "تعزيز طموحات التخفيف خلال مرحلة ما قبل عام 2020"، ملقيا الضوء على أنها تتضمن خطة العمل التفصيلية للفريق العامل المخصص المعني بمنهاج ديربان للعمل المعزّز لعام 2013. ويؤكد النص، على ضرورة سد الفجوة الحالية المتعلقة بتدابير التخفيف من حدة تغير المناخ، ويقترح تنظيم العديد من حلقات العمل على مدار عام 2013 حول مجالات موضوعية متعددة. ويدعو النص الأطراف أيضا إلى تقديم مقترحات حول: تدابير تعزيز طموحات التخفيف خلال مرحلة ما قبل عام 2020، والتقديرالكمي لمثل هذه التدابير، وإمكانية الحد من غاز الدفيئة، والعقبات التي تحول دون التنفيذ، والتمويل والتكنولوجيا وبناء القدرة اللازمة للتنفيذ.

رحبت العديد من الأطراف بالنص المقدم من قبل تحالف الدول الجزرية الصغيرة باعتباره مقترحا مفيدا للتقدم في المناقشات.

حث ممثل جزر مارشال على دراسة والنظر في الأهداف والتعهدات الكامنة وراء إمكانات التخفيف؛ وأكد على أن النهج المواضيعي يحظى بإمكانات تخفيف أكبر من إمكانات التخفيف التي تحظى بها المبادرات التعاونية الدولية.

كما عقد الفريق العامل المخصص المعني بمنهاج ديربان للعمل المعزّز مشاورات غير رسمية حول مقترح تحالف الدول الجزرية الصغيرة وحول مسودة النص المنقح من قبل الرؤساء المشاركين للفريق العامل المخصص المعني بمنهاج ديربان للعمل المعزّز، الذي يسعى إلى أن يعكس التداخلات والوثائق التي قدمتها الأطراف خلال عام 2012

وذكرت العديد من الأطراف أنه يمكن تعزيز النص مع اشارتهم إلى الافتقار للتفاصيل بشأن العمل المستقبلي والموضوعات المستقبلية، داعية إلى الإشارة لقضايا تتضمن: المبادرات التعاونية الدولية، وتقديم التعهدات، والتزام قيادة البلدان المدرجة بالمرفق الأول، والتكيف، وسبل التنفيذ، والعناصر الرئيسية لخطة عمل بالي. وأيدت العديد من الأطراف مطالبة الأطراف بتقديم وثائق حول العديد من الموضوعات. ومع ذلك، أعربت بعض الأطراف عن عدم الارتياح عن النهج القطاعي لزيادة الطموحات، رغم عدم استبعاد المناقشات الموضوعية.

طلب "التعويض" بدل المساعدات والتمويل

تعتبر مسألة التمويل واحدة من أهم القضايا العالقة من المؤتمرات السابقة. كان من المفترض أن تقدم الدول المتقدمة مساعدات طارئة تصل إلى 30 مليار دولار فى الفترة ما بين 2010 و2012 وان تنفذ وعودها بشأن توفير مساعدات تقدر ب 100 مليار دولار سنويا حتى عام 2020 . وتتشدد الدول النامية (خاصة تحالف الدول الجزرية الصغيرة) بضرورة الحصول على المساعدات التي التزمت بها الدول المقدمة وتوفير 60 مليار دولار من المساعدات بحلول عام 2015 .

وأشار باسكال كانفان وزير التنمية الفرنسي إلى أن الدول الرئيسية المانحة ترفض الالتزام بهذا المبلغ الكبير وان المفاوضين يسعون لإيجاد "صيغة" تساعد على "رسم" مسار لتوفير مساعدات تصل إلى 100 مليار دولار.

مع العلم أن الولايات المتحدة ظلت تعارض حتى نهاية المؤتمر الحديث عن اى "مسار" يلزمها بصرف مساعدات فى هذا الصدد مشترطة وجود آليات للقياس والتحقق من قيام البلدان بتخفيض الانبعاثات، وهذا ما ترفضه البلدان النامية.

ولعل المفاجأة الكبرى التي تميزت بها اجتماعات الدوحة هي طلب الدول النامية الجنوبية "تعويضات" من الدول الصناعية الكبرى فى الشمال بسبب "الخسائر والأضرار" المتعلقة بالتغيرات المناخية ، وذلك بدل طلب المساعدات كالمعتاد وازاء تعنت الولايات المتحدة تجاه تقديم المساعدات للدول الفقيرة.

وأكد أحد المراقبين للمداولات أن الدول النامية ترغب فى وضع آلية واضحة لتوفير المساعدات المالية لها لمواجهة التغيرات المناخية.. بينما أعرب الوفد الأمريكي عن مخاوفه من أن ينتهى هذا الأمر ذات يوم بدعاوى قضائية.

ومن الأفكار المبتكرة التي طرحت للتمويل، فرض ضرائب على النقل الجوي والبحري الدوليين بالإضافة الى فرض ضريبة على المعاملات المالية.

تقارير متشائمة عن "فجوة الانبعاثات"

تقارير ودراسات عدة نشرت قبل واثناء اجتماع الدوحة اكدت أن درجة حرارة الجو فى العالم سترتفع بما بين 3 درجة مئوية الى خمس درجات وليس درجتين فقط، مما قد يؤدى إلى مخاطر انهيار النظام المناخي ككل.

ابرز هذه التقارير ما بينه تقرير "فجوة الانبعاثات"، الذي أعده برنامج الأمم المتحدة للبيئة (اليونيب) بالتنسيق مع مؤسسة المناخ الأوروبية، والذي صادر قبل أيام من عقد مؤتمر الدول الأطراف بشأن تغير المناخ في الدوحة، مؤكدا أن مستويات انبعاثات غازات الدفيئة تبلغ الآن أعلى بنحو 14 % من المستويات التي يجب أن تكون عليها في عام 2020.

وبدلاً من الانخفاض، فإن مستويات تركيز الغازات المسببة لارتفاع درجات الحرارة مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2) في الغلاف الجوي ترتفع واقعيًا، وقد ارتفعت بنحو 20 % منذ العام 2000.

 

ويقول التقرير الذي شارك فيه 55 عالم من أكثر من 20 دولة، أنه من المتوقع أنه إذا لم تتخذ الدول أي إجراء سريع ستصل الانبعاثات إلى 58 غيغا طن في غضون ثمان سنوات.

وسوف يترك هذا فجوة تفوق الآن تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعامي 2010 و2011 وهو ما يعزى جزئيًا للنمو الاقتصادي المتوقع في الاقتصاديات النامية الرئيسية وهي ظاهرة تعرف "بالإحصاء المزدوج" لتغيرات الانبعاث.

وقد أبرزت تقارير التقديرات السابقة أن الانبعاثات ينبغي أن تبلغ 44 غيغا طن في المتوسط أو أقل من ذلك في عام 2020 حتى تمهد الطريق إلى تحقيق الانخفاضات الأكبر المطلوبة بتكلفة يمكن تحملها.

ويبين تقرير "فجوة الانبعاثات" لعام 2012 أنه حتى إذا طبقت أكثر مستويات التعهدات والالتزامات طموحًا في جميع الدول (وطبقًا لأشد القواعد صرامة) سوف تبلغ الفجوة حينئذ 8 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2020.

وهذا التقييم أكبر بمقدار 2 غيغا طن من تقييم العام الماضي مع مرور عام آخر.

وتقدر التقييمات الاقتصادية الأولية التي يبرزها التقرير الجديد أن عدم اتخاذ أية إجراءات سوف يتسبب في تكاليف أعلى بنسبة 10 إلى 15 في المائة بعد عام 2020 إذا تأجلت الانخفاضات المطلوبة إلى العقود التالية.

ويقدر التقرير أن هناك انخفاضات كبيرة في الانبعاثات يمكن تحقيقها (التي تتراوح حول متوسط قدره 17 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) في قطاعات مثل المنشآت والابنية وتوليد الطاقة والنقل وتجنب ازالة الغابات... يمكن لها أن تؤدي إلى ما هو أكثر من سد الفجوة بحلول عام 2020.

وفي الوقت ذاته، هناك أمثلة وفيرة على الإجراءات التي يمكن أن تساعد ويمكن اتخاذها على المستوى القومي في مجالات تتراوح بين تحسين قواعد تصميم المنشآت ومعايير وقود السيارات ويمكن التوسع فيها وتكرارها.

البنك الدولي يكرر أرقامه

- كرر البنك الدولي في تقريره الذي عرض الدوحة حول اثر تغير المناخ على المنطقة العربية نفس الارقام والسيناريوهات التي سبق ان اعلن عنها منذ سنوات.

- حذرت السيدة راشيل كيت نائب رئيس البنك الدولي لشؤون التنمية المستدامة من استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض، ونبهت إلى أن الدراسات تشير إلى أنه "إذا كان المعدل يحدث عن ارتفاع درجات الحرارة بدرجتين كمعدل، فإنها تصل في بعض البلدان إلى زيادة تقدر بعشر درجات، مما سيضطرنا مستقبلا إلى بناء برادات للعيش فيها"، مشيرة إلى أن درجات الحرارة في العالم العربي تتزايد بنسبة 50 بالمائة أسرع من المعدلات العالمية، كما أن الكوارث المناخية التي عرفها الوطن العربي أثرت على 50 مليون شخص على مدى الثلاثين سنة الماضية.

- 56% من سكان الوطن العربي يعيشون في المناطق الحضرية وهي المناطق الاكثر عرضة للتغيرات المناخية.

- قدر كلفة الأضرار على القطاع السياحي من جراء التغيرات المناخية بما يقارب 50 مليار دولار سنويا .

- تقدر التقارير إمكانية تضرر القطاع السياحي في لبنان بشكل كبير لاسيما في السياحة المتعلقة بتساقط الثلوج والمحميات والمنتجعات السياحية البحرية. كما تتوقع التقارير ان تزداد الأعاصير في الأردن.

- هناك تأكيد على التوقعات السابقة بإمكانية زيادة الأمراض الناجمة عن تغير المناخ وزيادة الفاتورة الصحية.

- يتأثر كثيرا في المنطقة العربية قطاعي المياه والزراعة. لاسيما لناحية قلة المياه وجودتها.

- أكثر البلدان التي ستتأثر زراعتها في المنطقة هي مصر والأردن ولبنان، مع توقع خفض الإنتاج الزراعي بشكل كبير.

في الكواليس: اجتماع لقادة العالم العام 2014

- التقى الأمين العام للأمم المتحدة، بالعديد من الأطراف الرئيسية وأعلن أثناء كلمته خلال الاجتماع الوزاري للمائدة المستديرة عن عزمه تنظيم اجتماع لقادة العالم العام 2014 للمساعدة على إيجاد زخم سياسي خلال عام 2015 حينما يختتم الأطراف المفاوضات التي يتم إجراؤها من قبل الفريق العامل المخصص المعني بمنهاج ديربان للعمل المعزّز للوصول الى اتفاقية عالمية جديدة تحل مكان بروتوكول كيوتو.

وأشار أحد المفاوضين المحنكين إلى أن هذا النوع من المشاركة رفيعة المستوى قد ساعد على تحقيق ما اعتبره "نتائج ناجحة في كانكون وديربان".

- تقرر ان يعقد الاجتماع ال19 نهاية العام القادم في بولندا (العاصمة وارسو)، وهي المرة الثانية التي يعقد فيها هكذا انواع من الاجتماعات في فترة اقل من خمس سنوات في البلد نفسه، اذا عقد الاجتماع ال15 العام 2008 في بوزنان في بولندا. ويبدو ان الخيار قد وقع على بولندا كونها تخالف الاتحاد الاوروبي الراي وتجد صعوبة في الالتزام بخفض انبعاثاتها 20% حتى العام 2020 كونها لا تزال تعتمد بشكل كبير في انتاجها للطاقة على الفحم الحجري.

- كما شوهد في الأروقة وجوه مفاوضة جديدة لاسيما من المنطقة العربية، وقد تسرع بعضهم حين قدر ان تخرج الدوحة بشيء استثنائي ومهم، لاسيما بعدما علم المشاركين اثناء انعقاد المؤتمر بأخبار الوفيات والدمار الناجم عن إعصار بوفا الذي اجتاح الفلبين.

من طرائف المؤتمر: أهمية الركوب

- بسبب استخدام الحافلات لنقل المشاركين في المؤتمر، اشتكى الكثير من العمال الأجانب من قلة الحافلات في المدينة وعرقلة أعمالهم.

- كما اشتكى الكثير من المشاركين من بعد "مركز قطر الوطني للمؤتمرات" الذي عقد فيه المؤتمر عن إقامتهم في الفنادق اذ يستغرق وقت الانتقال، بين الفنادق والمركز، اكثر من ساعة ونصف، لاسيما في الصباح.

- علق احد الظرفاء على ما كتب على بعض الحافلات التي خصصت لنقل المشاركين طيلة فترة المؤتمر "شارك في الركوب وساهم في خفض التلوث" متسائلا : "وهل لدينا خيار آخر؟"، في اشارة ان اهمية هذا الشعار فيما لو كان موجودا للركاب الذين ينتقلون كل يوم في الدوحة، مع العلم ان القطريين يفضلون السيارة الخاصة.

- كان يمكن معرفة ان قطر هي البلد الاول في العالم في نسبة اقتناء السيارات الخاصة من زحمة السير اليومية الخانقة.

- كما شهدت إحدى جلسات التقييم المسائية العامة (قبل يوم من نهاية المؤتمر) قيام أحد المشككين بشأن المناخ بالتقاط الميكروفون والمطالبة بمراجعة علم المناخ. وقد قوبل ذلك باستهجان شديد من الحاضرين بالقاعة . وقد طالب البعض ب “استبعاده" ومنعه من حضور مؤتمر الأطراف مرة أخرى!

المجموعة العربية وتهريب الفحم النباتي

كما في كل جولة من المفاوضات، تجتمع الوفود العربية الرسمية المشاركة في المفاوضات كل يوم تقريبا عند الظهر في احدى القاعات للتداول في المعلومات والتنسيق وقد تشددت هذه المرة في ان تكون الجلسات مغلقة. وقد مثلت مصر الوفود العربية في هذه المفاوضات بناء على اتفاق وزراء البيئة العرب في اجتماعهم الاخير. وقد تفاجأ المشاركين في الاجتماعات قبل يوم من نهاية المؤتمر بمداخلة نارية لممثل الصومال وزير البيئة السابق بورعي حمزة الذي اعلن انه مكلف من رئيس مجلس الوزراء الصومالي لاثارة قضية التجارة غير المشروعة بالفحم النباتي التي تحصل بين مجموعة من الميليشيات في بلاده (لاسيما في منطقة كوسما جنوب السودان) ودول الخليج والتي تتسبب بفقدان الصومال الغابات وبهدر وسرقة ملايين الدولارات بسبب عمليات التهريب، مطالبا دول الخليج بضبطها. وقد هدد باثارة الموضوع امام كل وفود العالم في كلمة بلاده التي سيلقيها. وقد حاول رئيس الجلسة ومندوب الجامعة العربية ضبضبة الموضوع والطلب من ممثل الصومال نقل شكواه بداية وبشكل ثنائي مع الدول المعنية او تقديم شكوى الى الجامعة او طرح الموضوع امام الاجتماع القادم لوزراء البيئة العرب الذي سيعقد في بغداد. فرد الوزير الصومالي بان بلاده اثارت الموضوع منذ العام 2009 ولم تلقى تجاوبا وان هذه الميليشيات التي تهرب الفحم من بلاده تساهم ايضا في تمويل القاعدة!

وبعد وساطات من هنا وهناك، عاد وأثار الموضوع امام الهيئة العامة انما من دون ان يسمي الدول التي تستورد الفحم النباتي المهرب الذي يستخدم للاراكيل وشي اللحم.

وفي المناسبة اعاد الوزير ناظم الخوري الذي يراس الوفد الرسمي اللبناني الى اجتماع قطر التاكيد على تعهد لبنان الرسمي، في جلسة الافتتاح الرسمي للمؤتمر ، بان ينتج 12% من طاقته من مصادر متجددة العام 2020 ، مؤكدا ايضا ان الوصول الى هذا الهدف لا يمكن ان يتحقق الا بوجود دعم مادي وتقني من البلدان المتقدمة.

ملخص نتائج مؤتمر الدوحة للمناخ

1- تعديل بروتوكول كيوتو:

- تم تعديل بروتوكول كيوتو، باعتباره الاتفاق الوحيد القائم والملزم الذي بموجبه تلتزم البلدان بخفض غازات الاحتباس الحراري، بحيث يستمر نفاذ مفعوله اعتبارا من 1 كانون الثاني/يناير 2013. وأن فترة الالتزام الثانية ستكون 8 سنوات.

- وان البلدان التي تتخذ التزامات إضافية بموجب بروتوكول كيوتو وافقت على استعراض التزاماتها بخفض الانبعاثات في موعد أقصاه عام 2014، وذلك بهدف زيادة مستويات طموح كل منها.

- كما تم الاتفاق على استمرار العمل بآليات السوق التابعة لبروتوكول كيوتو (آلية التنمية النظيفة، التنفيذ المشترك والاتجار الدولي بالانبعاثات)، اعتبارا من عام 2013.

- كما أعلنت أستراليا والاتحاد الأوروبي واليابان ولختنشتاين وموناكو وسويسرا أنها لن تُرّحل أية أرصدة اتجار فائضة للانبعاثات (الكميات المخصصة) إلى فترة الالتزام الثانية لبروتوكول كيوتو.

2- الاتفاق على الجدول الزمني للاتفاق العالمي بشأن تغير المناخ لعام 2015 وزيادة الطموح قبل عام 2020:

- وافقت الحكومات على العمل بوتيرة سريعة لوضع اتفاق عالمي بشأن تغير المناخ يغطي جميع البلدان اعتبارا من عام 2020، والذي سيُعتمد بحلول عام 2015، وإيجاد سبل لمضاعفة الجهود قبل عام 2020 بما يتجاوز التعهدات القائمة للحد من الانبعاثات بحيث يستطيع العالم أن يبقى تحت الدرجتين المئويتين في ارتفاع درجة الحرارة كحد أقصى.

- سوف يعقد عدد كبير من الاجتماعات وورش العمل في عام 2013 لإعداد الاتفاق الجديد واستكشاف وسائل أخرى لزيادة الطموح.

- وافقت الحكومات على أن تقدم إلى أمانة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ، في موعد أقصاه 1 آذار/مارس 2013، المعلومات والآراء والمقترحات بشأن الإجراءات والمبادرات والخيارات لتعزيز الطموح. على ان تكون عناصر النص التفاوضي متاحة في موعد أقصاه نهاية عام 2014، بحيث تكون مسودة النص التفاوضي متاحة قبل أيار/مايو 2015.

3 – استكمال البنية التحتية الجديدة:

1- أقرت اختيار جمهورية كوريا مقرا لصندوق المناخ الأخضر وخطة عمل للجنة الدائمة للشؤون المالية. ومن المتوقع أن يبدأ صندوق المناخ الأخضر نشاطه في مدينة "سوندغو" في النصف الثاني من عام 2013، مما يعني أنه يمكن إطلاق أنشطته عام 2014.

2- أقرت الحكومات إنشاء اتحاد بقيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة بصفته المضيف لمركز تكنولوجيا المناخ، وذلك لفترة أولية مدتها خمس سنوات. وسيكون هذا المركز، إلى جانب الشبكة المرتبط به، هو الذراع التنفيذي لآلية التكنولوجيا التابعة لأمانة الأمم المتحدة للاتفاقية الإطارية. واتفقت الحكومات أيضا على دستور للمجلس الاستشاري لهذا المركز.

3 - التمويل الطويل الأجل لإجراءات المناخ:

4- جددت البلدان المتقدمة التزامها بالوفاء بوعود مواصلة تقديم الدعم المالي الطويل الأجل لإجراءات المناخ إلى الدول النامية، وذلك بهدف حشد 100 بليون دولار أمريكي من أجل إجراءات التكيف والتخفيف على حد سواء بحلول عام 2020. 2-

5- يشجع الاتفاق أيضا البلدان المتقدمة على زيادة الجهود المبذولة لتوفير التمويل لفترة 2013-2015 على الأقل بقدر مستوى المتوسط السنوي الذي قدمت به تمويل البداية السريعة خلال فترة 2010-2012. وهذا لضمان عدم وجود فجوة في استمرار الدعم المالي بينما يتم خلاف ذلك مضاغفة الجهود.

6- سوف تستمر الحكومات في برنامج عمل بشأن التمويل الطويل الأجل خلال عام 2013 تحت قيادة رئيسين مشاركين من أجل المساهمة في الجهود الجارية لزيادة حشد التمويل لإجراءات المناخ وتقديم تقرير إلى مؤتمر الأطراف المقبل حول سبل بلوغ ذلك الهدف.

7- أعلنت ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا والدنمارك والسويد ومفوضية الاتحاد الأوروبي في الدوحة عن تعهدات مالية محددة للفترة الممتدة حتى عام 2015، والبالغ مجموعها حوالي 6 بلايين دولار أمريكي.