مؤتمر وارسو المناخي يكتب الحرف الأول من اتفاقية جديدة

بالرغم من دخول المفاوضين في الاسبوع الثاني والاخير في وارسو (بولندا) حول قضية تغير المناخ، إلا انهم لم يتمكنوا من كتابة الحرف الاول من الاتفاق الذي يفترض إبرامه في العام ٢٠١٥ في باريس.

خلفية النقاشات الاساسية التي تحصل الآن في وارسو هي حول كيفية إدخال البلدان الناشئة والنامية في الاتفاق الجديد، والحصول منها على التزامات واضحة بتخفيض الانبعاثات، في مقابل حصولها على تمويل من البلدان المتقدمة، فيما تسعى البلدان النامية للبحث في قضايا التكيف مع قضية تغير المناخ والحصول على تمويل عمليات التكيف من دون التزامات بالتخفيض.
كل ذلك يحصل على أرضية دوربان لتعزيز التعاون ومناقشة التزامات الدول النامية في ما يخص تخفيض الانبعاثات، علماً أنّ بروتوكول كيوتو كان يلزم الدول الصناعية المتقدمة فقط، ويعفيهم من أي التزام.

كل خلفية المفاوضات التي بدأت منذ اسبوع والتي يفترض ان تستكمل طول السنتين المقبلتين اذاً، هي حول كيفية الوصول الى اتفاق جدي في العام ٢٠١٥ ملزم لكل الاطراف، بما فيها البلدان النامية، في مقابل وعود من البلدان المتقدمة بـ«نقل التكنولوجيا» و«تمويل منتظم وإضافي» وتعزيز القدرات للبلدان الاقل نمواً.

وكان على جدول أعمال وارسو موضوع الزراعة وكيفية التكيف مع تغير المناخ. كما تم التباحث في التعويضات للزلازل والكوارث المناخية. وبحثت الهيئة الفرعية للتنفيذ في إنشاء آلية لمتابعة تنفيذ التزامات الدول وفي المساعدات وكيفية توزيعها للتخفيف من الانبعاثات وتوسيعها لتشمل الدول النامية وضرورة رفع سقف التخفيض للتكيف مع التزامات ما بعد العام ٢٠٢٠. كما تم التباحث في تمويل المدى البعيد، «الطويل الامد».

في موضوع تحديد الخسائر الناجمة عن تغير المناخ والتعويضات وإنشاء آلية للتعويضات، عارضت الولايات المتحدة الحديث بالمطلق عن هذا الموضوع مقترحة ان يكون هناك تأمين على الممتلكات قبل البحث في قضايا التعويض (بضغط من شركات التأمين العالمية الحاضرة بقوة منذ سنوات في مفاوضات المناخ). كما تم التباحث بشأن كيفية تنظيم دور وعمل صناديق التعويضات كالصندوق الاخضر الذي لا يزال فارغا منذ إقراره في كوبنهاغن منذ سنوات، بالاضافة الى البحث في كيفية إدخاله في الاتفاقية الجديدة مع الصناديق التي أُقرّت سابقاً. ورجحت مصادر المفاوضين ان يتم الانتهاء من مناقشة موضوع الصناديق في وارسو، وسيتم ترحيل مناقشته الى المؤتمر المقبل في العام 2014 الذي سيعقد في البيرو.

قمة الفحم

من جهة اخرى، وصف أحد المراقبين قمة وارسو بأنها «قمة الفحم» اذ تم عقد قمة موازية لقمة المناخ في وارسو، مع العلم ان الفحم الحجري هو المتهم الاول بتغير المناخ منذ الثورة الصناعية، وان بولندا لا تزال تعتمد عليه بنسبة ٩٠ في المئة.

وفي هذا الاطار، قامت منظمة «كان» (الشبكة الدولية للعمل المناخي) بتحرك احتجاجي ضد قمة الفحم التي عقدت في مبنى وزارة الاقتصاد في بولندا بالتزامن مع قمة المناخ.
وقد رُفع مجسم يشكل رئة العالم على سطح الوزارة للتعبير عن احتراق رئة العالم جرّاء استخدام الفحم الحجري في توليد الطاقة.

أما أبرز ما حصل حتى الآن في وارسو فقد تمثل بتقديم البرازيل بمشروع اقتراح، نال دعم مجموعة الـ٧٧ مع الصين، بالقيام بدراسة حول إيجاد منهجية تقييمية حول المسؤولية التاريخية لانبعاثات ثاني اوكسيد الكربون المتراكمة منذ الثورة الصناعية في الغلاف الجوي وكيفية احتسابها لكي تُدرج في الاتفاقية الجديدة.

أما الحدث الثاني والاخطر فتمثل بتراجع دولة صناعية كبرى مثل اليابان عن التزاماتها في تخفيض الانبعاثات وعن تمويلها للقضايا المتعلقة بقضية تغير المناخ، ولا سيما بعد كارثة فوكوشيما وتعرض مفاعلاتها النووية وصناعاتها لانتكاسة كبيرة وبعد ان اتخذت قرارا بالتخفيف التدريجي من الاعتماد على الطاقة النووية. ويبدو ان اليابان متجهة لإعادة استخدام الفحم الحجري كبديل من الطاقة النووية، وهو ما اعتبر انتكاسة كبيرة للتوقعات للوصول الى اتفاقية جديدة وملزمة العام 2015.

---

نشرت أوّلاً في صحيفة السفير في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013.