الإشاعة في سوريا: بين استراتيجية النظام وتكتيك المعارضة

شكلت الإشاعة تاريخيا جزءا من أدوات أنظمة الاحتلال والانتداب والاستبداد لضبط المجتمعات المحكومة عبر قراءة رد فعلها على حدث أو إشاعة ما، ليصار إلى وضع الآليات الضابطة لهذا المجتمع استنادا لرد الفعل هذا، أو لدفع المجتمع (من خلال الإشاعة والدعاية المكثفتين) للسير في الطريق المرسوم من قبل الأنظمة تلك، عبر تقنية تجمع بين التخويف والترغيب يضمها خطاب الإشاعة ذاته، الذي يحمل أغلب الأحيان رسالة مبطنة تحوي كمّا هائلا من العنف الرمزي المتخيّل الذي يهدف لإخافة المجتمع مقابل باب الخلاص والنجاة لمن يسلك طريقا مغايرا، إلى درجة أن هذا النوع من الإشاعة يصبح نوعا من الإشاعة المستمرة على مدار الأيام في أنظمة الاستبداد خاصة، ومنها النظام السوري، بحيث تبث أخبارا ضخمة عن عنف النظام وهمجيته وقوته وما يحصل في سجونه بشكل سرّي وعلى المستوى الشعبي ليصار إلى إخصاء المجتمع عبر الخوف مما يحصل هناك، ممهورة بأمثال تصبح نوعا من الثقافة الشعبية على مر الأيام مثل "الدبين الأزرق ما بيعرف وينو"، تقابلها ثقافة تقول "ميت أم تبكي ولا عين أمي تدمع" و "امشي الحيط الحيط ويا رب السترة"، بحيث يكون الشق الأول يهدف إلى التخويف والثاني يدل على طريق النجاة والسلامة، حيث تعمل السلطات على خلاف ما يظن على إدارة هذا الأمر يوميا عبر ما أطلقت عليه "ليزا وادين" السيطرة الغامضة، دون أن يعني ذلك أن العنف في السجون والمعتقلات هو نوع من الإشاعة وأن هذا لا يحصل، بل كل ما سبق يحصل و لكن هذا ذاته يستخدم في خطاب السلطة لإعادة تصديره للمجتمع في "إشاعة" مضخمّة في بعض الأحيان على المستوى الشعبي ومفلترة على المستوى الإعلامي ونكران مطلق على المستوى الرسمي، حيث لكل قناة أداتها وطبيعة تصدير خطاب الإشاعة فيها، لنكون أمام حقيقة تقول أن خطاب الإشاعة أو موضوعها قد يكون حقيقيا مستندا لحوادث جرت على أرض الواقع يجري تضخيمها بغية توظيفها، وقد يكون مخترعا بالكامل، مع اختلاف آلية تصديرها إلى المجتمع وزمنها والهدف منها.

الإشاعة في ظل الانتفاضة:

استفادت السلطة السورية من اندلاع الربيع في خمسة بلدان ( تونس، مصر، ليبيا، اليمن، البحرين) قبل أن يصل الحريق إلى بيتها، فشكّل الأمر عامل نجاة لها من عامل المباغتة الذي يلعب دورا بارزا في هذا السياق، وسمح لها بوضع استراتيجية عاجلة لاحتواء ما سيحصل، فكانت على أهبة الاستعداد، وهو ما يمكن تلمسه بوضوح من خطاب الدكتاتور الأول بعد بدء الانتفاضة السورية.

وأحد العناصر في استراتيجية السلطة لإجهاض الحراك وتشويهه، كان عنصر الإشاعة لامتلاكها خبرة في استخدامها في مجتمع تمتلك كل مفاتيحه وأسراره على خلاف المعارضة التي تجهل مجتمعها وطبيعة بلدها وتركيبة سلطتها حتى هذه اللحظة، إلى درجة أنها كانت عاملا مساعدا للنظام في كثير من الأحيان في تحقيق أجندته بدلا من مواجهتها.

شائعات النظام:

شد عصبية الطائفة العلوية حول النظام

أوّل الإشاعات التي بدأت السلطة تطلقها هدفت إلى وسم الانتفاضة بأنها سنية/ سلفية الطابع لأجل تحييد الأقليات مع التركيز الواضح على الأقلية العلوية، حيث انتشرت أقاويل وشائعات كثيرة عن شعارات منسوبة للحراك مثل "علوي على بيروت، مسيحي عالتابوت"، مع مطالب من نوع "الفصل بين الإناث والذكور" و"إعادة فتح مدارس شرعية"، دون أن يعني هذا أن المطالب الأخيرة كلها إشاعات، بل فعلا تضمنت مطالب أحد قادة الحراك في بانياس الشيخ "أنس عيروط" بعض هذه المطالب الدينية، مما أعطى السلطة فرصة تضخيم الأمور والاتجاه بها نحو المسار الذي تريد، حيث انتشرت شائعات بين ليلة وضحاها، تقول بالمطالبة بإمارة سلفية وإعادة النساء إلى البيوت، وهي كلها شائعات موجهة للأقليات وللعلمانيين والمجتمع المدني ذي التدين الشعبي البسيط بغية عزله مبكرا عن الحراك.

شائعات الأشهر الأولى من الانتفاضة ركزت على شد عصب الطائفة العلوية كليا باتجاه النظام، لأخذ تفكيرها باتجاه أن هذه الثورة سنية تستهدف وجود العلويين بحد ذاته، ولهذا كان عليها أن تعمل أولا على عزل المعارضين العلويين عن بيئاتهم، فعملت على ضخ شائعات كبرى تستهدفهم بالاسم على أنهم عملاء لـ"بندر بن سلطان و"حمد بن جاسم" ويقبضون أموالا من السفارات، مرفقة برسائل على القنوات التلفزيونية تعلن تبرّأ عائلاتهم وقراهم منهم بالاسم مما جعلهم في دائرة الخطر المباشر، ووصل الأمر حد تهديد حياتهم الشخصية، حيث تعرّض أحد المدرسين من الطائفة العلوية الذي شارك في مظاهرات بانياس للضرب في سيارته على يد طلابه، وصدرت شائعات كثيرة تستهدف المعارض "محمود عيسى" في قريته ( الدردارة) ومحيطها على أنه يعمل "شاهد عيان" من بيته في حمص وأنه يملك جهاز ثريا مقدّم من إستخبارات دولية، تزامنا مع شائعات طالت المعارض "مروان عدوان" بأنه ينقل أسلحة إلى مدينة دوما بعد اعتقاله، ونفس الأمر بالنسبة لأغلب المعارضين.

كانت السلطة تهدف إلى عزل الناشطين والمعارضين المنحدرين من منابت علوية لمنع تأثيرهم في بيئاتهم الاجتماعية التي تشكل احتياط السلطة الصلب من جهة، ولمنع عرقلتهم لرؤيتها الهادفة إلى شد عصب الطائفة خلفها، حيث أتبعت الشائعات السابقة بأخرى تقول بعثور السلطات على سلاح في المقابر وقلعة المرقب التابعة لمدينة بانياس، بهدف إعطاء إيحاء بأن السنّة تسلّحوا وما على العلويين إلا حماية أنفسهم، حيث كانت السلطة تهدف هنا أيضا لخلق مبررات لحمل السلاح واستخدامه، حيث بدأت آنذاك أولى جنائن ما بات يعرف اليوم بـ"جيش الدفاع الوطني"، إذ أقدمت السلطة منذ نيسان/ أيار (2011) على تسليح البعثيين ونصب حواجز على مداخل ومخارج القرى، مع شائعات تتكرر يوما بعد يوم عن إلقاء القبض على مسلّح هنا وقناص هناك وهي أمور عززها مقتل المواطن "نضال جنود" في بانياس وتعرّض قوة من الجيش لإطلاق النار عند جسر بانياس، مما أيقظ الخوف الكامن لدى الأقلية العلوية تاريخيا فباتت تشعر أنّها مهدّدة بوجودها، أي أن النظام عمل عبر إشاعاته وتصرفاته لإيقاظ مكوّن الهوية الأقلوية لإشعارهم أنهم مهددون بوجودهم، وأن الأمر ليس له علاقة بأيّة مطالب وطنية، لإدراكها (السلطة) أن المرء ينزع إلى "التماهي مع أكثر انتماءاته تعرّضا للتجريح" (1) كما يقول أمين معلوف الذي يشرّح هذه الحالة بوضوح: " من الطبيعي أن يبرز في كل جماعة مضطهدة محرضون يتميزون بشراستهم أو انتهازيتهم، فيروّجون خطابا ديماغوجيا يبلسم الجرح، ويعتبرون أنه لا يجب استجداء احترام الآخرين لأن هذا الاحترام حق مكتسب، بل يجب فرض هذا الاحترام على الغير، ويعدون بالنصر أو الانتقام، يلهبون المشاعر، ويلجأون أحيانا إلى الوسائل المتطرفة التي قد يحلم بها سرّا بعض إخوانهم المضطهدين. وهكذا يكتمل الإطار ويمكن للحرب أن تندلع. ومهما حصل، يكون "الآخرون" قد استحقوا عقابهم، و "نحن" لا ننسى "كل ما جعلونا نقاسيه" منذ فجر التاريخ". (2) كما يردف قائلا: "فما يصطلح على تسميته "جنونا قاتلا" هو تلك النزعة الكامنة لدى بني جنسنا للتحوّل إلى "مجرمين" حين يشعرون أن "عشيرتهم" مهددة، ذلك أن الشعور بالخوف أو بانعدام الأمان لا يرضخ دوما لاعتبارات عقلانية بل قد يكون مغاليا أو نابعا من عقدة الارتياب، ولكن، واعتبارا من اللحظة التي يشعر فيها شعب بالخوف، يجب أن تؤخذ في الحسبان حقيقة الخوف أكثر من حقيقة الخطر المحدق" (3).

ضرب المكونات الطائفية والتمهيد للحرب الأهلية وتدخل الميليشيات الخارجية

 ما سبق، لم تنتبه له المعارضة أبدا، حين اختبأت خلف شعار "الشعب السوري واحد" في الوقت الذي كان النظام يضع استراتيجية واضحة لجر الحراك نحو التطييف والتسليح ودفع الطائفة العلوية للاحتماء به، بمساعدة أطياف من المعارضة وجهات خارجية توّهمت أن إسقاط النظام قائم بين ليلة وضحاها، فاستخدمت أدواته نفسها، سعيا لحشد الطائفة السنية خلف الثورة بمواجهة النظام، حيث انتشرت الكثير من الشائعات القائلة بأن "كل الشبيحة هم علويون وقتلة" وأن  قرى السنة ستهجم على القرى العلوية أو العكس، ولعل المثال الذي ذكره الكاتب "فارس سعد" عن لسان أحد الناشطين يوّضح الأمر جيدا إذ قال: "خلال رمضان، جاءنا في منزلنا خبر أنّ العلويين اجتمعوا للهجوم على بابا عمرو بالعصي والسكاكين، وقد صاروا عند الجسر. اجتمع الناس، وحملوا أيضاً عصياً وسكاكين واتجهوا نحو الجسر. وبعد نصف ساعة عادوا، سألهم البعض عمّا حصل، فقالوا "لقد أعدناهم، كانت القصة كلّها كذب، لو قالوا أنّهم يهجمون بالسلاح لصدقناهم، لأنّ بابا عمرو فيها سلاح، وكان المسلّحون فيها قد قتلوا قبل أيام 15 رجل أمن. أمّا أن يهجموا بالسكاكين، فهذا يعني أنّهم قادمون لينتحروا وليس ليقاتلوا". في اليوم الثاني رأيت صديقي من الزاهرة وهو علويّ؛ قلت له مازحاً: "شو يا دبّ، عم تجتمعوا وتهجموا علينا، بدكم تقتلونا؟". قال: "لا والله، وصلنا الخبر أنّو أنتو مجتمعين عند الجسر وهاجمين بدكم تقتلونا!!!" (4) لنصبح أمام إشاعة وإشاعة مضادة يديرها النظام بذكاء لضرب المكونات الطائفية والإثنية والقبلية ببعضها البعض ومنع تقاربها لتندمج وطنيا وتتقارب في الثورة ضده، بغية الدفع باتجاه تقدّم المادون وطني ( طائفي، مذهبي، قبلي، إثني..) على حساب الوطني الحامل لشعارات الحرية والديمقراطية، إذ يقول سلامة كيلة: "ولقد كان هاجس السلطة يتحدد في منع ذلك عبر تخويف العلويين من الأصولية السنية، لهذا من يدرس خطابها في الأشهر الأولى يلحظ الرموز التي كانت تركز عليها (الإمارات السلفية، والعصابات الإخوانية، وتنظيم القاعدة، وتقطيع الأجساد). وحين شعرت بالفشل بعد عام من الثورة أطلقت “الجهاديين” (بين أول سنة 2012 ونيسان سنة 2012) لكي يؤسسوا جبهة النصرة (ثم داعش) وأحرار الشام، وجيش الإسلام" (5) وهو أمر سيلعب دورا بارزا لاحقا في دفع الأمور نحو الاحتقان والحرب الأهلية وتمهيد الأرضية اللازمة لدخول التطرف والإرهاب إلى الأرض السورية، خاصة مع تطوّر وتغيّر نوعية الشائعات بين مرحلة وأخرى، فإطلاق شائعة أن مقام السيدة زينب في دمشق مهدد من قبل السنة كان الخطوة الأولى نحو تدخل الميليشيات الشيعية ( حزب الله، أبي الفضل العباس..) في سوريا، في حين أن شائعات من نوع أن "العلويون يقتلون السنة" كان الخطوة الأولى نحو تدخل المقاتلين العرب والأجانب، لتتحول سوريا إلى ساحة حرب ضروس بين "السنة والشيعة" إلى جانب حرب "الجيش الحر" ضد النظام، لتمتزج الثورة بالحرب الأهلية بالتطرف والإرهاب في تداخل مربك ومعقد لا يزال قائما حتى اللحظة، الأمر الذي يثبت في نهاية المطاف أن الشائعة آداة فعالة جدا بيد النظام في دفع المجتمع والثورة نحو السير في الفخ الذي ينصبه النظام للجميع، بعد أن تكون الشائعة قد مهدت الأرضية اللازمة لذلك، مستخدمة كل ما يمكن لنشر الشائعة على أوسع نطاق ممكن، بدءا من إطلاق مخبريها في القرى والمدن وليس انتهاءا بتسريبها عبر الفيسبوك حيث أنشأت الاستخبارات السورية الكثير من الصفحات التي تنقل أخبار المناطق السورية لحظة بلحظة، بغية بث شائعاتها من خلالها.

إغراق الناس بتفاصيل المعيشة لاستغلالها في ضرب السلم الأهلي

 ولعل ما حدث مؤخرا في مدينة السلمية يدل بوضوح على ذلك، حيث انقطعت المياه والكهرباء عن السلمية لمدة أسبوع تقريبا ما دفع أهل المدينة لمحاولة التظاهر لأجل هذا الأمر، حيث ترافق الأمر مع شائعات تقول بأن الكهرباء ستأتي غدا، وفي الغد جاءت الكهرباء لمدة ساعة واحدة فقط، وحين تساءل الناس عن السبب، انتشرت شائعات تقول بأن أهالي مدينة "حماة" الذين غادروا مدينتهم ولجؤوا إلى السلمية هم من قام بتخريب شبكات المياه والكهرباء، حيث نشرت صفحة "سلمية مباشر" التي يعتقد العديد من الناشطين أنها تدار أمنيا، تعليقا على الفيسبوك بتاريخ 29 يونيو 2014 جاء فيه: "السبب وراء قطع الكهرباء في #سلمية حسب مؤسسة الكهرباء هي محافظة #حماة !!، يعني عرفتو مين بدن ياكن تتطلعو مظاهرة !! أهل حماة شافوا انو أهل سلمية قدموا 4000 آلاف شهيد وأبطال للجيش العربي السوري واستقبلت أكثر من 250 ألف نازح من كل المحافظات السورية وهذا ما لا يرضي الكثيرين في حماة ..!! وحيث أن سلمية تتبع لحماة فإن بمقدورها اللعب بمعيشة السلموني كما تشاء ..إلى متى أهل حماة يستوطون لقمة عيشنا وخدماتنا الأساسية !!!"، ثم أتبع الأمر ببوست بتاريخ 30 يونيو 2014 جاء فيه: " شباب وصبايا ..أنو بس حدا يفهمني ليش بحماة عم تنقطع الكهربا 3 بـ 3 و بسلمية 7 بـ 1 !!"(6) هنا نلاحظ اللغة التحريضية ومحاولة العمل على إذكاء الصراع المناطقي بين أهالي السلمية وأهالي حماه، حيث يعمل النظام على زرع التفرقة عبر استخدام الشائعات بهدف دفع أهالي السلمية لطرد أهالي حماة وعدم تأجيرهم منازلهم، وكأن النظام يقول لهم ضمنا: إذا أردتم الكهرباء فعليكم طرد أهالي حماه أو التضييق عليهم على الأقل! علما أن حماة والسلمية وأريافهما شهدوا الكثير من الشائعات، فحين دخل الجيش السوري إلى قرية السعن وقام جنوده بالسرقة، انتشرت شائعات تقول بأن أهل مدينة الصبورة هم من دخلوا المدينة وليس الجيش، وذلك بغية رفع مسؤولية السرقة عن الجيش وعدم تشويه سمعته! كما يقول أحد مثقفي المدينة لنا.

عزل الأقليات

وبالعودة إلى ما سبق، سنجد أنه بعد أن تأكدت السلطة أن ظهرها بأمان من الطائفة العلوية، خاصة بعد أن تمكنت من جعل أغلب المعارضين يغادرون بيئاتهم، اتجهت نحو الطوائف الأخرى خاصة المسيحيين والدروز، حيث عملت في البداية على ضخ شائعات مكثّفة تقول بأن ما يحصل في سوريا هو أمر بين السنة والعلويين و ليس للآخرين علاقة به في مرحلة أولى، مترافقة مع كل الشعارات المشيطنة للحراك مع التركيز على إشاعات تتعلق بالمرأة والحجاب واللباس والسلفية الجهادية، وقد أحدث هذا الأمر أثره، إذ حتى اليوم تجد من يقول لك "أن هذا الصراع هو بين السنة والعلويين وقد كان المسيحيون والدروز أذكياء بما يكفي لتحييد أنفسهم عن هذا الصراع!" وهذا ما كانت تريده السلطة تماما، فما يبدو "ذكاء" من قبل هذه الأقليات للوهلة الأولى ليس إلا نتاج استراتيجية متقنة للنظام، بدأت من شائعات في تلك المناطق تقول بأن الحرب قائمة بين السنة و العلويين، مع سعي واضح لتوظيف رجال الدين في تلك الاستراتيجية عبر العمل على دفع طوائفهم نحو الحياد في مرحلة أولى والوقوف خلف النظام في مرحلة ثانية وإن على مسافة منه، فلم يكن النظام يريد في المرحلة الأولى من تلك الأقليات أكثر من الحياد، ريثما يكون انتهى من ضبط الطائفة العلوية خلفه وشيطنة الحراك، علما أن النظام لم ينجح كليا في تحييدها، إذ كانت مشاركتها لافتة وإن بشكل رمزي في القامشلي وعامودا والسلمية وبعض مدن وقرى السويداء.

 وقد توازى الأمر السابق مع سعي النظام دوما لتحريض أبناء هذه الأقليات ضد الأكثرية السنية، خاصة العاملين في سلك الأمن والجيش، ففي أحد القطع العسكرية قام ضابط الأمن بعد اندلاع الانتفاضة بجمع أبناء الأقليات والعمل على تحريضهم ضد الطائفة السنية بشكل علني، في سعي منه للترويج أن على الأقليات أن تتحالف فيما بينها (7). وترافق الأمر في البداية مع معاملات تفضيلية لأبناء تلك الأقليات في الأفرع الأمنية وعلى الحواجز، علما أن الأمر لم يبق على هذا الحال بل سيتغير مع كل طور من أطوار الانتفاضة، فمع سعي المعارضة المسلّحة لإدخال مدينة السويداء ذات الأكثرية الدرزية في سياق الحرب ضد النظام لاحظ أغلب المراقبين بدء خروج شهداء تحت التعذيب من أبناء المدينة، مترافقة مع شائعات مضخّمة على أن جبهة النصرة تهدد مدينة السويداء بقصفها وسبي نسائها، في حين لم يكن الأمر كذلك في بداية الحراك.

الشائعات بعد تسلّح الثورة

مع انتقال الثورة نحو السلاح تغيّرت الشائعات وطبيعتها، وباتت السلطة أكثر راحة في قدرتها على إقناع شرائح كثيرة بصواب رؤيتها، خاصة أن السلطة أطلقت في البداية الكثير من الشائعات عن وجود سلاح، فأتى تسلّح المعارضة ليؤكد شائعاتها تلك لدى الأقليات ومؤيديها، كما أنه مهّد الأرضية اللازمة لانتشار شائعات السلطة أكثر وسط عدم قدرة المعارضة على التصدي لها أو إثبات زيفها على الأقل لدى القطاعات الشعبية التي لم تنخرط في الحراك، في حين كان الأمر عكس ذلك في الفترة السلمية، إذ رغم الشائعات المكثّفة التي استخدمها النظام بقيت تصب ضده وظلت أصابع الاتهام تشار له حتى في أوساط الكتل الصامتة التي بدأت فيما بعد تفقد ثقتها بالمعارضة تدريجيا وتتظاهر بالوقوف خلف النظام الذي يعرف كيف يدير أزمته عبر إبقاء هذه الكتل غارقة في مناخ إشاعاته التي يطلقها كل عدة أيام وفق طبيعة كل منطقة، ففي مدينة جرمانا التابعة للغوطة الشرقية لم تتوقف الإشاعات يوما عن اقتراب دخول "الإرهابيين" إلى المدينة للانتقام من أهلها وسبي نسائها، بالتوازي مع تضييق سبل العيش عبر قطع الماء والكهرباء لساعات متواصلة مما جعل أغلب هذه المناطق تتحول إلى غيتوات محكومة بالخوف والشائعات التي ضيّعت الحقيقة التي كانت واضحة للناس في البداية في حين أصبحت ضبابية كثيرا فيما بعد، وهو ما نلمسه في موضوع قذائف الهاون التي تسقط على المدن تباعا وتحصد الأبرياء دون وجود آلية علمية لتحديد المسؤول عنها، خاصة أن الأمور تختلف من منطقة لأخرى، إذ لا يزال الأمر موضع انقسام على المستوى الشعبي بين من يتهم النظام لإبقاء هذه الفئات مشدودة له في سجنها الكبير الذي يتحكم بأبوابه وبين من يتهم المعارضة المسلحة.

لم يتوقف أثر الشائعات عند إدارة الرأي العام وتوجيهه نحو ما تريد السلطة في تفسيخ الروابط الاجتماعية للسوريين ومنع اندماجهم ووضعهم على حافة الحرب الأهلية، بل تعداه إلى التأثير في سير المعارك عبر إطلاق شائعات يومية تقول أن تلك المنطقة سلمت سلاحها أو أجرت مصالحة أو أنها في طور إجراء مصالحة بغية دفع المسلحين للشك ببعضهم البعض من جهة، و تعزيز الشك بينهم وبين حواضنهم الاجتماعية التي باتت تخشى أن تبقى في مرمى النظام إن عقد هؤلاء مصالحة لم تأخذ وضعهم بعين الاعتبار، إضافة إلى إشاعات تتحدث عن القوة "الخارقة" و "المنظمة" لعناصر حزب الله وكتائب أبي الفضل العباس وما يرتكبونه من جرائم في المناطق التي يدخلونها بغية إخافة الطرف الآخر قبل أن تبدأ المعركة بما يصار إلى إقناعه بأنه سيخسر المعركة حتى قبل أن تبدأ، وقد ساهمت في هذا الأمر وسائل إعلام ومحطات محسوبة على النظام مثل الميادين والأخبار، وذلك باعتراف واحد من أركانها، إذ كتب رئيس تحرير الأخبار "ابراهيم الأمين" في صحيفة الأخبار اللبنانية: " ظل الأمر يحقق تقدماً كبيراً، وصولاً إلى معركة يبرود الأخيرة، حيث أدت الحرب النفسية دوراً حاسماً في الانتصار السريع، ومكّنت الجيش السوري ومقاتلي المقاومة من الوصول إلى الأهداف بأقل الخسائر في صفوفهم ودون تعريض المناطق المستهدفة لدمار كبير. وكانت المعركة الإعلامية ـــ النفسية، تترجم عملاً أمنياً واستخبارياً جباراً، جعل كل مقاتل في الجهة المقابلة، يتصرف على أنه مهزوم حتماً. فكان قرار هؤلاء، إما الهروب والانسحاب، أو الدخول في تسويات، أو الموت!" (8).

ولكي نفهم آلية استخدام النظام وحلفائه وأدواته للشائعة بدقة وكيفية ترويجها لتغدو حقيقة، لنا أن نعود هنا إلى شائعة أن الإرهابيين سيدمرون مقام السيدة زينب في دمشق، وهي الشائعة التي استند لها حزب الله للتدخل في سوريا إلى جانب شائعات أخرى، حيث قال ابراهيم الأمين وحسن عليق في مقال مشترك: "ومع محاولات إلصاق تهم القتل والتفظيع بالحزب، كان هؤلاء يبحثون عن فخ استراتيجي يقع فيه الحزب وبيئته. ومن هذا الباب، دخل هؤلاء إلى هدف المسّ بمقدسات شيعية، ولا سيما مقام السيدة زينب الواقع جنوب دمشق. وسارع الحزب إلى طلب موافقة القيادة السورية على نشر مجموعات من مقاتليه، لمنع سقوط المقام تحت سيطرة المسلحين. وكانت هذه الإشارة العلنية الأولى لتدخل الحزب. وخلال وقت طويل، لم يمارس مقاتلو الحزب هناك، أي عمل هجومي، بل سقط منهم عناصر كثيرة، كانوا يتمركزون في نقاط هدفها حماية المقام" (9) الأمر الذي يوضح أن الشائعة هنا لم تكن أكثر من ذريعة هيّأت الأرضية اللازمة لتدخل الحزب في سوريا، وهو ما يؤكده موضوع قتال الحزب اليوم على كافة الجبهات السورية دون الاكتفاء بحماية المقدسات الشيعية.

الشائعة عند المعارضة وقوى الثورة

لم يقتصر استخدام الشائعة على النظام وحده بل وصل إلى المعارضة وقوى الثورة التي كان لها محطات كثيرة مع استخدام الشائعات، وهو ما يمكن قراءته ضمن أمرين اثنين: الأول: شائعات المعارضة. والثاني: ترويج المعارضة لشائعات النظام من حيث لا تدري.

شائعات المعارضة

ظهرت خلال مسيرة الثورة السورية الكثير من الشائعات التي هدفت إلى التأثير على النظام وبنيته الصلبة ومؤيديه، كان بدايتها مع شائعات من نوع هروب الرئيس الأسد من قصره أو حدوث انقلاب في القصر الرئاسي أو انشقاق شخصيات سياسية أو عسكرية سرعان ما تبيّن كذبها، مثل انشقاق المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس الأسد الدكتورة "بثينة شعبان" وانشقاق رئيس هيئة الإمداد والتموين في الجيش السوري اللواء "محمد خلوف" و انشقاق نائب الرئيس السوري "فاروق الشرع" حيث أكد الأخيرة الحقوقي المعارض "هيثم المالح" قبل أن يتبين أنها مجرد إشاعة.

كما سرت شائعات عن قرب انهيار الاقتصاد السوري وعدم قدرة النظام على دفع رواتب الموظفين في مؤسسات الدولة وتراجع الاحتياطي النقدي في المصرف المركزي وأرقام مضخمة عن عدد المنشقين عن الجيش والأمن، إضافة إلى إشاعات كثيرة رافقت كل مجزرة ( المجزرة ليست إشاعة بل أرقامها وكيفية تنفيذها والترويج لها إعلاميا)، تبدأ من عدد الضحايا ولا تنتهي عند منفذيها وسيناريوهات حدوثها، مع اتهام الأمن والشبيحة بعد الإشارات المكثفة والإحالات شبه الدائمة إلى أن هؤلاء هم من الطائفة العلوية حصرا وهو ليس صحيحا، الأمر الذي كان يساهم في صب النار على الزيت ويمهد الأرضية اللازمة لإعلاء الجدران اللامرئية بين الطوائف في سوريا، وهذا أغلبه حدث في الفترة السلمية للانتفاضة.

و بعد أن انتشر السلاح خرجت إشاعات مضخمة عن قوة الكتائب المسلحة وقرب اقتحامها دمشق وحلب والدير بهدف إخافة النظام وزعزعة قوات نظامه، بغية دب الوهن فيها، إضافة إلى شائعات عن قوة تحصينات المعارضة العسكرية في القصير والقلمون، وهو أمر تبيّن عدم دقته حين تمكن النظام من السيطرة على هذه المناطق.

ترويج المعارضة لشائعات النظام

أكبر فخ وقعت به المعارضة والقوى الثورية هو تحوّلها أحيانا إلى أدوات للنظام في نشر شائعاته من حيث لا تدري، إذ كثيرا ما أطلق النظام شائعات تلقفتها المعارضة وبدأت في نشرها والترويج لها دون أن تتأكد من صحتها أو تتبين أهداف النظام من خلفها. ففي 29/7/2011 انتشرت شائعة تقول بـ "مقتل محافظ دير الزور سمير عثمان الشيخ وإصابة رئيس فرع الأمن العسكري جامع جامع على يد كتيبة منشقة عن الجيش" (10).

 وهو الأمر الذي أكده العديد من المعارضين على صفحاتهم الشخصية على الفيسبوك ومنهم المعارض "لؤي حسين"، ليتبّين لاحقا أن الأمر مجرد إشاعة. وهو أمر تكرر في الكثير من الشائعات التي تبيّن لاحقا أن النظام مصدرها وقامت المعارضة بترويجها، ولعل قضية "زينب الحصني" التي حظيت بجدال كبير داخل الثورة تعكس مدى وقوع المعارضة في الأفخاخ التي ينصبها لها النظام، حيث نشرت تقارير مكثفة في الإعلامين العربي والغربي عن مقتل زينب تحت التعذيب الوحشي وتبّنت المعارضة هذه الرؤية بكثافة قبل أن تعود زينب وتظهر على شاشة التلفزيون السوري، دون أن تعرف ملابسات القضية الحقيقية حتى اليوم. (11).

إن تأمّل ما سبق سيبيّن لنا أن النظام كان يعمل على تشويه سمعة المعارضة وإفقادها مصداقيتها أمام الرأي العام وجمهورها، حيث ينشر شائعات تتبناها المعارضة ليثبت كذبها لاحقا، مما يحقق أجندة النظام أكثر لأن الإشاعة المرسلة من قبله حين يتبناها خصومه تحقق أهدافها أكثر.

ولعل أكثر ما يبيّن كيفية تحوّل المعارضة إلى أداة للنظام في ترويج شائعاته هو ترديد المعارضة للشائعات التي عمل النظام على إطلاقها قبل موعد الانتخابات الرئاسية، حيث ظهرت شائعات تقول بأن الأجهزة الأمنية ستعتقل وستفصل كل موّظف لا يذهب للتصويت، وأن الحواجز المنتشرة في البلاد لن تسمح بمرور أي مواطن ما لم تكن أصبع يده ممهورة بحبر التصويت، وأنه سيذهب للمنازل لإجبار الناس على الذهاب لصناديق الاقتراع. هذه الشائعات عززها النظام ببعض التصرفات الحقيقية مثل تهديد عناصر الحواجز للمواطنين عبر القول: "من يأتي غدا ويده ليست ممهورة بالحبر لن يمر من هنا أو سيعتقل"، و قيام عناصر مدنية لم يتسنى لأحد التأكد من هويتهم بالذهاب إلى المنازل قبل أيام من موعد الانتخابات والقول بأن على الجميع التصويت دون أن يترافق الأمر مع تهديد علني، إنما الأمر يحمل رسالة مبطنة (12).

المعارضة في سعيها للاعتراض على هذه الانتخابات أقدمت على نشر تصرفات النظام هذه وتضخيمها، بحيث أنها ساهمت إلى جانب النظام في تضخيم مناخات الخوف لدى المواطنين، لأن النظام كان يهدف أولا  إلى إجبار الناس على الذهاب لصناديق الاقتراع تحت وابل الخوف، وثانيا وهو الأهم إعادة بناء حاجز الخوف من جديد.

هذا الأمر نتأكد منه بدقة حين ندرك أن النظام في يوم الانتخابات لم يقم بأي من هذه الإجراءات التي تم ترويجها، باستثناء وجود ضباط أمنه في المؤسسات الرسمية لإشعار الناس بأنهم موجودون ودفعهم للتصويت، في حين تكفل الخوف الذي زرعه النظام عبر إشاعاته وساهمت المعارضة في ترويجه بالباقي.

خاتمة

إن تأمل كيفية استخدام النظام للشائعات، ستبيّن لنا أن الشائعة عنصر أساسي من استراتيجية النظام لمواجهة أية ثورة يتعرض لها، وهو كونه يمتلك مفاتيح السلطة والمجتمع على اعتبار أنه عمل طيلة عقود على تفخيخ المجتمع من الداخل عبر منع تقارب مكوناته الاجتماعية ووأد المجتمعين المدني والأهلي، تاركا الطائفي يبقى في حالة مستترة ليديره وفق ما يشاء وفق علاقات ما دون وطنية/ دولتية تشبه نظام أعيان القرى والمدن ( وجهاء، مخاتير، تجار، زعماء طوائف، زعماء قبائل، رجال دين...) الذي كان سائدا في فترة الاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي، ليكون قادرا على رسم حدود لا مرئية بين الطوائف والسوريين، يستطيع إعلائها وقت يشاء عبر الشائعات والاعتقالات والفوضى المستحدثة، مستفيدا من كون الوعي الجمعي للسوريين لم يصل حدود الوعي الوطني الذي يدفن الطائفي ويلغيه.

وإذا كانت السلطة تفعل ذلك كونها سلطة تريد الحفاظ على بقائها وامتيازاتها، فإن الملفت هنا أن المعارضة خلال سلوكها في مواجهة النظام أثبتت قصورا واضحا في مواجهة الأمر، مما يطرح سؤالا نقديا باتجاه المعارضة التي لم تقرأ تاريخ نظامها وبنيته لتفككه نقديا ومعرفيا عبر أسئلة من نوع: لماذا استمر النظام طيلة عقود طويلة؟ ما هي الاستراتيجية التي استخدمها آنذاك؟ ما دور الشائعة في انتصاره ؟ ليصار لاحقا إلى فهم جوهر النظام وآليات مواجهته للمجتمع والمعارضة، الأمر الذي يضعنا أمام قصور واضح للمعارضة تدفع ثمنه اليوم، فلو امتلكت معرفة حقيقية بآليات النظام وطبيعة عمله وأدواته لكانت لديها القدرة على استشراف وابتكار آليات مقاومة تنزع أدواته وتحرقها وتعطلها أو تلتف عليها، وعلى رأسها الشائعات التي سمّمت المجتمع ووصلت جسد الثورة نفسه، حيث تعاملت المعارضة مع الإشاعة عبر تكتيك آني لا يقرأ أبعد من اللحظة التي تطلق بها الإشاعة بعيدا عن أية استراتيجية واضحة، بحيث تكون الإشاعة جزءا من مجموعة قرارات تهدف لتحقيق هدف آني يلي هدف آني آخر وصولا للهدف النهائي، في حين أن النظام تعامل مع الأمر عبر استراتيجية واضحة ومتكاملة، بحيث يبدو اليوم بوضوح أن الإشاعة كانت جزء من منظومة متكاملة وضعها النظام لتحقيق أهدافه، ولا يزال، في الوقت الذي تتخبط فيه المعارضة، ولا تزال.

المراجع:

(1): الهويات القاتلة، أمين معلوف، دار الفارابي، ترجمة نهلة بيضون، الطبعة الثانية 2011، ص: 41.

(2): المصدر السابق، ص: 42.

(3): المصدر السابق، ص: 44-45.

(4): بابا عمرو برواية محايدة كيف مرت الثورة فى عينى؟، فارس سعد، الأهرام اليومي ديسمبر 2012، الرابط: http://digital.ahram.org.eg/Community.aspx?Serial=1134474 .

(5): سلامة كيلة يردّ على فيكتور شمس: النظام السوري ليس طائفيا، سلامة كيلة، موقع جنوبية الجمعة 30 مايو 2014، الرابط: http://janoubia.com/184791 .

(6): تم وضع التعليقات كما وردت في الصفحة بأخطائها اللغوية لكي تكون مثال معبر دون تدخل من الباحث. وتم الحديث من قبل الباحث بهذا الشأن مع عدد من مثقفي سلمية ونشطائها للوقوف على حقيقة ما يحدث. ورابط الصفحة هو https://www.facebook.com/salamiehlive.

(7):  محادثة شخصية للباحث مع العنصر الذي جرى معه هذا الأمر.

(8): الحرب النفسية والإعلام السوري، ابراهيم الأمين، صحيفة الأخبار اللبنانية الخميس 10 نيسان 2014، العدد 2268. الرابط: http://www.al-akhbar.com/node/204391 .

(9): حزب الله في سوريا :15 شهراً من الإنجازات الأمنية والعسكرية، ابراهيم الأمين وحسن عليق، الخميس 10 نيسان 2014 العدد 2268. الرابط: http://www.al-akhbar.com/node/204390.

(10): ناشطون: مقتل محافظ دير الزور والتلفزيون السوري ينفي، زمان الوصل، تاريخ 29/7/2011، الرابط:

(https://www.zamanalwsl.net/news/20651.html.

(11): لمزيد من الاطلاع: ويكيبيديا: زينب الحصني. الرابط:

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B2%D9%8A%D9%86%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B5%D9%86%D9%8A.

(12): كان الباحث شاهدا على هذا الأمر.