اسمي فادية، عمري ٣٨ سنة. أتيت إلى لبنان من قرابة السنة، في البدء رحلت من القصير، مسقط رأسي. بعد تعرضها للقصف الشديد رحلت إلى دمشق، بقيت هناك فترة قصيرة، لكن وجدت المصير نفسه، قتل وقذائف ودمار. قررت الرحيل من دمشق. قصدت من يهرب الناس للبنان، قسمت التكاليف على مجموعة من الأشخاص كانت ترغب الرحيل بذات الطريقة. دخلنا عرسال. من عرسال ذهبت إلى حلبا، بقيت قرابة الاربع شهور. هناك عانينا من غلاء الاجار. تعرفت على سيدة تعمل لدى الرابطة النسائية، هي من دلتنيّ على السكن المشترك بكوشا. ساعدتني بتقديم طلب النقل، ومن هناك نقلت إلى كوشا التي اقطن بها حتى هذه اللحظة.
اثناء بقائي في دمشق قصدت القصير في يوم من الأيام، ذهبت لأرى منزلي "كانت المنطقة كلياتها مهدمة ومدمرة ومافيها بيت بقيان على حالو" بعد أن وجدت المنزل تمنيت لو كان باستطاعتي أن اخذ الكثير من الأشياء العزيزة على قلبي، لكني لم استطع، أخذت مجموعة من الصور كانت عزيزة على قلب ابني، وكتاب كان هدية من ابنتي. على الرغم من تمزق الكتاب وتوسخه نتيجة الدمار، إلا أني جلبته معي ومازال معي حتى اليوم. عندما اتذكر ما كان لدينا سابقا اذكر المنزل، السيارة، الأثاث، الملابس ربما، لكن كل تلك لا تعنيني. بالنسبة لي كل هذه الأشياء بامكاننا الحصول عليها مجددا، لكن الذكريات التي عشناها في تلك المنازل، في سورية، هي الخسارة الحقيقية. يحز في قلبي من الأشياء الأخرى التي خسرتها مكتبتي، فأنا احب القراءة، كانت لدي مجموعة لاتعد ولا تحصى من الكتب. بضع هدايا حصلت عليها من اصدقائي، أيضا لم اجلبها. الأشياء المعنوية هي التي تحزّ في قلبي..
عندما وصلت إلى لبنان كانت نفسيتي محطمة، شعرت بخوف شديد، انغلقت على نفسي، لم اختلط بالناس، كنت اشعر بالعذاب. اليوم وتحديدا في كوشا اشعر بأني استرد قوتي شيئا فشيء، بمساعدة كونسيرن ومد يد العون لي وثقتهم بي، بدأت باسترجاع ما فقدت، اشعر بأني اقف على قدماي مجددا واستعيد ثقتي بنفسي والأشخاص من حولي. "إنو نفسيتي تحسنت عن قبل وأكيد بضل هاد الحنين للوطن و ذكريات الوطن أكيد شي لا ينسى أبدا أبدا. بس إنو الحياة بدها تستمر وأنا عندي إيمان إنو الحياة بدها تمشي، يعني كانو بماضي أو بحاضر بدها تمشي، فليش نخليها مثلا تمشي بالعذاب وبالهم وبالتعتير والواحد يكون موقف بأرضو لأ لازم الإنسان دائما يكون قد حالو ويوقف ويرجع يعيد ترتيب أيامو من أول وجديد"...
---