أنا علي، عمري ٧٠ سنة من محافظة الرقة من مدينة الطبقة، نزحت والعائلة إلى لبنان منذ سنتين. بدأ القصف على المدينة فخفت على أطفالي، لملمنا حاجياتنا وذهبنا إلى دمشق، ومن دمشق اتينا إلى المصنع بالطريقة الشرعية، فأوراقنا الثبوتية كاملة. لكن منذ بداية تطبيق القانون الجديد، اصبحت حركتنا قليلة خارج المخيم، نخاف من الاعتقال لان تجديد الفيزا شبه مستحيل. لم اجلب شيء سوى راديو املكه منذ خمس وثلاثين سنة، فعمره اكبر من ابني البكر، اشتريته من رجل لم يدرك قيمته. هذا الراديو عزيز على قلبي جداً ولا اسمح لاي شخص أن يلمسه، اضعه في مكان عال بحيث لا يستطيع أحد أن يوقعه أو يمسه بسوء، فإذا اوقعته ابنتي وانكسر، فماذا اقول لها! فهم لا يدرون مدى أهميته وليس لهم شأن به. عندما أكون بعيد عنه اضعه في خزانة واقفل عليه حتى لا يلمسه احد. أما أنا فهذا الراديو هو قطعة من جسمي وباستخدام هذا الراديو اعلم اخبار كل العالم. منذ أن امتلكته وهو يعمل، إن تعطل شيء به اعمل على اصلاحه بنفسي ولا أخذه لعند أحد ليصلحه، فأنا اعلم كل تفاصيله، وكل اشارة تصدر عنه أو ضوء. هذه القطعة يابانية الأصل، والقطعة اليابانية فريدة من نوعها وصناعتها من أجود الصناعات، من وجب عليه أن يتعامل معها وجب أن يكون انسان ذو عقل صافي وسليم ليتمكن من فهمها، فهذه الآلة لا تصنع بعد اليوم. في الرقة كنت املك خزانة كاملة كلها موسيقى وجميع الأشرطة تعمل على هذه الآلة، لكني لم اجلب منها شيء، فالراديو يبقى الأساس. استمع إلى الأخبار على هذا الراديو، فاعلم مايحصل في العالم دون أن احرك ساكن. اعلم كل محطة بث يلقطها وساعة الأخبار التي تبثها كل محطة. " في 3 محطات وحسب الساعة أعرف.. يعني في مونتكارلو الساعة كذا بي أخبار.. ولندن فيها كذا وسوريا بيها كذااا يعني من هل الأشياء هاي... لكن الأخبار مثل اللي يسبح بالبحر.. كل ما تجيه موجة يروح على غير طرف.. ما بي نتيجة حاليا.. كل ما احط على محطة أروح على طرف وبالأخير أقعد على طرف…"
كنت اعمل كسائق، الآن لا اعمل. عندي تسعة أطفال، منهم طفلة ذات احتياجات خاصة ولا املك بجيبي مال يكفي حتى لاخذ تكسي توصلنا إلى الطبيب، فما بالك أجار الطبيب نفسه!
---