اسمي نور، عمري ٢٣ سنة، من ريف القصير، من قرية تدعى البرهانية. "إجيت ب٢١ نيسان يمكن سنة ٢٠١٤، اه ٢٠١٣، نسيت"، فقدت ابنتي بعد شهرين من معرفتها، فقدت زوجي وأنا حامل في الشهر الخامس. في البرهانية كان لدينا بقالية صغيرة نسترزق منها. عندما بدأت الأحداث وبدأ معه النظام بشن هجمات على ريف القصير سألت زوجي أن نرحل، لكنه رفض. بعد حملي بأربع شهور سألت زوجي مرة أخرى أن نرحل، رفض مجددا، اقترح أن اسبقه وحيدة، أن آتي عائلتي إلى لبنان لعند عائلتي التي اتت قبلنا، وعدني أنه سيلحق بي بعد أن يبيع البقالية ومانملكه من ماشية، وافقت على مضض. علمت عن استشهاده وابن عمّه وحتى العجل التي كانت لدينا من حديث لأولاد هنا، كانوا كلهم يحاولون اخفاء الحقيقة، خوفهم مما يمكن أن يحدث لنا وأنا حامل، لكني علمت بالنهاية. خسرت كل شيء، زوجي، بيتي ودكاني.
كان الجيش الحر يتكفل بأعباء النزوح المادية، فهم من جلبوا الشاحنة التي نقلتنا إلى عرسال. "كنا شي ٢٠٠ واحد. قاعدة العالم فوق بعضها. ما في كراسي. أول واحد بيستفرغ عالثاني. هيك قاعدين فوق بعضنا. إجيت أنا وبيت عمي أهل جوزي وعالم من عنا من الضيع. ناس مشلولة، ناس عالكراسي، ما بعرف، أشكال ألوان." من البرهانية ذهبت إلى قرية أخرى تدعى الحسينية، فحسيا ومن حسيا إلى عرسال، من عرسال اتصلت بأهلي بطليا، بعلبك حيث كانوا يعيشون عند أخي، بقيت قرابة الشهرين ثم انتقلنا جميعا إلى الفاعور.
ولدت زينة في لبنان، كنت في المخيم. نقلوني إلى مستشفى الرحمة حيث ولدت الطفلة. لم يفحصها أحد هناك عندما ولدت، لكن عند عودتنا إلى المخيم بدأت اعراض غريبة تظهر عليها، فأقدامها بدأت تزرق، قالوا لي هذا قصور في الكبد أو تضخم بالقلب. اخذتها إلى عرسال حيث وافتني أم زوجي، فأهل زوجي لم يكملوا معي حيث أنهم اوصلوني لعند اهلي في بعلبك وذهبوا هم إلى وادي خالد. سألنا تشخيص طبيب فقال عندها تضخم في القلب. بسبب رائحة الغازات السامة التي كنت نستنشقها بسبب الضرب والقذائف وقصف الطيارات الذي شهدناه. توفيت زينة بعد شهرين. كنا قد امضيناها من طبيب لآخر نسأل علاج مناسب.
اسأل اليوم أن ينتهي هذا الذل وأن اعود إلى سورية، أن اخذ هذه الخيمة ذاتها وانصبها هناك، عالأقل هناك لا أحد يستطيع أن يسألني أن ارحل من بقعة إلى أخرى، فتلك أرضنا...
---