حكايات مريرة من الهلال: نزاع، تلوث، وتحدّيات مناخية في سوريا التي تمزّقها الحرب

Attack on the Mhardeh Power Plant in Syria Source

"بعد عقود قليلة، قد تبدو العلاقة بين البيئة والموارد والنزاع واضحة تقريباً بقدر وضوح الرابط الحالي بين حقوق الإنسان والديمقراطية والسلام".

 

  • وانغاري ماثاي، ناشط بيئي وسياسي من كينيا

 

"التأثيرات الناجمة عن الأضرار اللاحقة بالبيئة والموارد الطبيعية خلال فترات الحروب والنزاعات المسلحة تستمر بعد وقت طويل من انتهاء النزاع. تنتقل هذه التأثيرات إلى الأجيال اللاحقة، وقد تتخطّى حدود البلد المعني. يمكن أن تتسبّب النزاعات المسلحة بالقضاء على سنوات من التنمية وبتدمير الأرزاق".

 

  • برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، اليوم الدولي لمنع استغلال البيئة في الحروب والصراعات المسلحة، 2015

 

مقدمة

 

سوف يطرح التعامل مع تأثيرات التغير المناخي وكذلك التلوث المرتبط بالنزاعات، تحدّيات خطيرة على آليات الاستجابة الإنسانية وجهود إعادة الإعمار الاقتصادية والاجتماعية في سوريا ما إن تضع الحرب أوزارها. من هذا المنطلق، ينظر هذا المقال في عدد من المسائل الأساسية: الرابط بين التغيير البيئي والنزاعات والموارد الطبيعية من وجهة نظر المجتمع العلمي والعاملين في المجال الإنساني؛ ودور هذه الظواهر المترابطة في سوريا؛ والمرتكزات الأساسية التي يمكن تطبيقها في سوريا بعد النزاع من أجل تقليص الأذى اللاحق بالمدنيين والحد من الضرر البيئي.

 

على الرغم من أن هذا التقصي سيكون محدوداً وأوّلياً بالضرورة – إذ إنه يصعب توقُّع ما ستكون عليه التركيبة السياسية وهيكليات الحوكمة في البلاد في نهاية النزاع – إلا أنه يستحق العناء، من أجل التفكير في عدد من المسائل الملحّة التي يُحتمَل أن تظهر إلى العلن، والتأمّل في الدروس التي يمكن استخلاصها من النزاعات السابقة. قد يُتيح لنا ذلك الاستعداد بطريقة مجدية للمرحلة التي يجب أن تنطلق فيها جهود إعادة الإعمار، وكذلك التخفيف من وطأة الضرر الحاصل على المستويَين الإنساني والبيئي.

 

منذ اندلاع الانتفاضة ضد الأسد عام 2011، ألقى القمع العنيف للاحتجاجات التي كانت سلمية في الجزء الأكبر منها، بالبلاد في أتون نزاع دموي، فتحوّلت مدن إلى أنقاض وعمّ الدمار والفوضى. لم تكن حصيلة النزاع باهظة على المستوى الإنساني وحسب، مع سقوط مئات آلاف القتلى في صفوف المدنيين وإصابة أعداد أكبر بجروح، بل إن التأثير البيئي سيتردّد صداه حكماً في المدى الطويل. في حين أن هناك مجموعة كبيرة من الأسباب التي أدّت إلى التصعيد في الثورة وتحوُّلها إلى حرب أهلية شاملة، غالب الظن أن العوامل البيئية ساهمت في تنامي التململ الاجتماعي. تُظهر البيانات أن الجفاف الحاد الذي ضرب سوريا في العقد الأخير كان ربما من العناصر التي ساهمت في تضاعف المخاطر قبل اندلاع النزاع. لقد تسبّب الجفاف بزيادة التصحّر في المناطق الريفية، ما أطلق آليات تمدين تزداد تسارعاً مع نزوح الأشخاص من الأرياف، وأدّى إلى ارتفاع أسعار الرغيف بسبب فشل المحاصيل وندرة الماء. كما أن الحوكمة البيئية الضعيفة بسبب سوء الإدارة قبل النزاع، فضلاً عن التصنيع السريع والنمو السكاني وتكثيف الزراعة، أدّت إلى مزيد من التدهور في الأوضاع، ما أثّر سلباً في الصحة العامة والإنتاجية الاقتصادية[1]. لكن مع استمرار النزاع، وتسبّبه بمزيد من الأضرار البيئية، ماذا ستكون تداعيات التدهور والتلوّث على مستقبل سوريا، وعلى فرص بناء السلام؟ وما هو الدور الذي يمكن أن يؤدّيه المجتمع الدولي والمجتمع الأهلي في إعادة بناء مستقبل مستدام في سوريا؟

 

الخلفية

 

مع نمو التصنيع والتمدين، تسبّبت الحروب والنزاعات في القرن الأخير، بصورة مطّردة، بظهور نقاط بيئية ساخنة في المدى الطويل، مع ما يترتب عن ذلك من مخاطر تهدّد الصحة العامة. فقد ألحقت دماراً واسعاً بالموارد الطبيعية، وساهمت في زيادة التلوث وانهيار الإمكانات الحكومية لتنظيم عمليات الإنتاج الصناعي. غير أن النقاش الأوسع عن تأثيرات النزاعات أغفل، للأسف، الرابط بين النزاعات وبصمتها البيئية. وحدها التأثيرات الأكثر "جاذبية في الصورة"، مثل الحرائق النفطية في الكويت والعراق، يمكن أن تحظى بتغطية صحافية أو تُحفّز تحرّكات فورية من الحكومات والوكالات الدولية. لقد نُظِر إلى البيئة تقليدياً بأنها جانب "ناعم" في تأثيرات النزاعات، وبالتالي لم تُعتبَر، وهذا مفهوم في بعض الحالات، أولوية في جهود الإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار.

 

الأمثلة التاريخية عن المشكلات الصحية المرتبطة بالتلوث بسبب النزاعات كثيرة، بدءاً من الأمهات والأطفال في فيتنام الذين أصيبوا بالأذى بسبب الديوكسين السام بعد استخدام الولايات المتحدة لـ"العنصر البرتقالي" وصولاً إلى حرائق الآبار النفطية في الكويت والعراق عام 1991. غالباً ما يتم تجاهل المشكلات الصحية المرتبطة بالبيئة في المناطق التي تشهد نزاعات والمجتمعات التي تمزّقها الحروب، فآثارها ليست دائماً حادّة وقد تستغرق وقتاً كي تتجلّى في شكل كامل. لا يزال عدد كبير من العائلات العراقية قلقاً من تأثير الحرب على صحته، وهذه المخاوف مبرّرة نظراً إلى أن مستوى الإصابات بالسرطان والتشوّهات الخلقية المرتبطة بالتلوث في العراق أصبح الآن أعلى مما كان عليه قبل النزاع. والسبب هو مجموعة من العوامل المرتبطة بالنزاع، منها حُفَر حرق النفايات على مقربة من المناطق المأهولة والتي ينبعث منها دخان سام يلحق الأذى بالجنود والمدنيين على السواء[2]، أو الهجمات السابقة على مواقع صناعية ما يؤدّي إلى تلوث التربة والماء على الصعيد المحلي، أو استخدام ذخائر اليورانيوم المستنفَد[3].

 

يتمثّل جانبٌ آخر من جوانب التدمير البيئي أقل وضوحاً إنما ذو أهمية، في الضغوط المالية والاقتصادية الهائلة التي يلقي بها على عملية إعادة الإعمار. من أبرز الأمثلة في الشرق الأوسط العراق، نظراً إلى تعرُّض قطاعه الصناعي، بما في ذلك البنى التحتية الأساسية، لاستهداف مكثَّف في حربَي 1991 و2003. بحسب الاستراتيجية المشتركة التي نشرتها وزارة البيئة العراقية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة عام 2013، استغرقت إعادة بناء منظومة سليمة للتحكّم البيئي سنوات عدة، ولا يزال العمل جارياً لمعالجة العديد من المشاغل البيئية[4]. وقعت مشكلات مماثلة في لبنان وغزة، حيث وُضِع التخلص من آثار التلوث المرتبط بالنزاعات على قائمة الانتظار بسبب محدودية الإمكانات الحكومية والخبرات، والانشغال بأولويات أخرى. بحسب النقّاد، أدّت برامج التكييف الهيكلي وجهود إعادة الإعمار النيوليبرالية إلى ترميم مواقع الصناعات الثقيلة، بهدف تعزيز الاقتصاد، لكنها تتسبّب بمزيد من التدهور البيئي والاستغلال الجائر للموارد الطبيعية[5]. تطرح هذه الشوائب في الجهود التي بُذِلت سابقاً لإعادة الإعمار السؤال حول ما إذا كان يجب أن تؤدّي البيئة دوراً أكبر من خلال آليات الاستجابة كي تتم معالجة مسألة المخلّفات السامّة والتخلص منها بصورة أسرع.

 

لكن في الأعوام العشرين الماضية، عزّز برنامج الأمم المتحدة للبيئة جهوده في مجال "التقويمات البيئية بعد النزاعات" (PCEAs) في المناطق والبلدان التي تمزّقها الحروب، مثل البلقان والعراق وأفغانستان وجنوب السودان وأوكرانيا وسيراليون[6]. لقد سلّط عمله الضوء على حجم التأثيرات التي تمارسها النزاعات على البيئة، والضغوط التي تلقي بها على الحكومات في جهودها الآيلة إلى إعادة الإعمار الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بسبب محدودية الإمكانات المادية وانعدام الخبرات ذات الصلة. علاوةً على ذلك، شدّد العمل الذي قام به برنامج الأمم المتحدة للبيئة على الرابط المهم بين الأضرار البيئية الناجمة عن النزاعات من جهة ومشكلات الصحة العامة من جهة أخرى. فإلى جانب إجراء "التقويمات البيئية بعد النزاعات"، ركّز البرنامج على تقويم الرابط بين النزاع على الموارد الطبيعية من جهة وأنشطة بناء السلام من جهة ثانية، وقد أنجِز هذا التقويم بالتعاون مع خبراء في القانون البيئي وأكاديميين ومنظمات غير حكومية[7]. لقد حدّدوا أن الموارد الطبيعية شكّلت أحد المسبّبات الأساسية للنزاع في 18 حالة منذ عام 1978[8]. وفي المحصّلة، شدّدت التقارير البحثية المتعددة التي نشرها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، على أهمية أخذ الأبعاد البيئية للنزاعات وجهود إعادة الإعمار بعد النزاعات في الاعتبار، نظراً إلى أنها تؤدّي دوراً محورياً في جهود بناء السلام والتخلّص من كل ما يمكن أن يشكّل مسببات للنزاع في المستقبل[9].

 

تغير المناخ، والموارد الطبيعية، والنزاع في سوريا

 

ثمة مجموعة متزايدة من الكتابات التي تسلّط الضوء على تأثير التغير المناخي كأحد مسبّبات النزاعات[10]. على الرغم من أنه لم تتوضّح بعد ديناميات العلاقة بين التغير المناخي والتغييرات البيئية وزيادة النزاعات[11]، من الممكن أن موجات الجفاف وما ينجم عنها من تدهور في الأراضي الزراعية ونقص في المياه ونزوح أكبر نحو المدن ربما تتسبّب بـ"تضاعُف التهديدات"، ما يؤجّج التشنجات السياسية والمجتمعية القائمة.

 

قبل الحرب، تعرّضت سوريا لموجة جفاف قد تكون الأسوأ منذ 900 عام[12]. نزح أكثر من 1.5 مليون نسمة إلى المدن مع تدهور الظروف البيئية في المناطق الزراعية بسبب ندرة المياه الطبيعية والتصحّر. وتفاقمت هذه الظروف بسبب ضعف الحوكمة جراء الفساد وغياب الكفاءة المؤسسية، ما أدّى إلى فشل الدولة السورية في استيفاء المعايير البيئية الدولية. كان الوضع في سوريا قاتماً قبل النزاع، مع مواجهة البلاد العديد من المشكلات البيئية. وكان تلوّث الهواء قد ازداد في المدن بسبب الكميات الكبيرة من الانبعاثات الصناعية، ووسائل النقل القديمة، وتدنّي نوعية المحروقات؛ وقد تأثّرت الأراضي الزراعية سلباً بالمواد الكيميائية الزراعية، وتأكُّل التربة، والرعي الجائر، فضلاً عن التلوّث الشديد من المصادر الصناعية؛ وتلوّثت مياه الشفة بسبب ضعف نظم إدارة النفايات، وأدّت محدودية الاستثمارات إلى الفشل في معالجة المشكلة كما يجب. على الرغم من أن الحكومة السورية كانت تملك نظرياً هيكلية مؤسسية ملائمة، غالباً ما عجزت عن استقطاب خبراء يتمتعون بمؤهلات عالية من أجل معالجة هذه المشكلات البيئية المتنامية[13]. كانت سوريا بلداً متوسّط الدخل ذا حكومة وظيفية، غير أن الطبيعة غير الديمقراطية لنظام الحكم تسبّبت بسوء إدارة مريع للتحديات البيئية المتنامية في البلاد، فأخفقت الحكومة بالتالي في تلبية احتياجات شعبها. باختصار، كانت الآفاق البيئية في سوريا قبل النزاع قاتمة، وكانت لدى البلاد في الأصل حاجة ملحّة إلى معالجة مجموعة من المشكلات المرتبطة بالتلوث وتأثيراتها الوخيمة على الصحة العامة. لم تكن هذه الظروف تحمل مؤشرات جيدة لمستقبل البلاد.

 

الأضرار البيئية المرتبطة بالنزاعات

 

عندما شرع نظام الأسد في استخدام الأسلحة الثقيلة لقمع الثورة التي انطلقت سلميةً، سرعان ما بدأ هذا التغيير في التكتيكات يمارس تأثيراً أبعد من التداعيات الإنسانية المباشرة. كما أشرنا في المقدمة، لم يمضِ وقت طويل قبل أن يتسبّب النزاع بتفاقم المشكلات البيئية وانهيار هيكليات الحوكمة القائمة. تكدّست أكوام من النفايات المنزلية والطبية والصناعية في مدن مثل حمص وحماه ودير الزور وحلب وفي ضواحي دمشق. أنشأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، في العامَين الماضيين، عدداً من نظم تجميع النفايات للاستجابة في الحالات الطارئة[14]. لكن على الرغم من ذلك، لا يزال عدد كبير من البلدات والمدن يفتقر إلى القدرات الوظيفية لجمع أنواع عدة من النفايات وتخزينها كما يجب – وقد أدرجت برامج الأمم المتحدة للاستجابة هذه المسألة بين أولوياتها[15].

 

لقد أدّى استهداف المناطق الصناعية مثل مصانع الإسمنت والأحياء الصناعية في حلب وحولها، ومصافي النفط وخطوط الأنابيب النفطية قرب حمص، ومحافظة دير الزور الغنية بالنفط، من قبل جميع الأفرقاء المتناحرين – أدّى إذاً إلى ظهور نقاط تلوّث ساخنة مكثّفة. وغالب الظن أن مستويات التلوث تفاقمت في هذه النقاط مع قيام التحالف المناهض لتنظيم "الدولة الإسلامية" بقيادة الولايات المتحدة وسلاح الجو الروسي باستهداف منشآت نفطية أساسية في شرق سوريا[16]. في البداية، صرّحت الولايات المتحدة أن المشاغل البيئية وكذلك المشاغل الاقتصادية-الاجتماعية في المدى الطويل حالت دون قيامها بشنّ هجوم شامل على "الدولة الإسلامية"[17]. غير أن موقفها تبدّل عام 2015 عندما بدأت قوات التحالف باستهداف المصافي والمواصلات النفطية، أما سلاح الجو الروسي فلم ينكفئ على الإطلاق، بل شنّ قصفاً مكثّفاً على مواقع كبيرة لتخزين النفط وعلى مصانع الفصل.

 

الهجمات على البنى التحتية الصناعية، بما في ذلك المنشآت النفطية، أمرٌ شائع في النزاعات المسلّحة: أشعلت القوات العراقية، عند انسحابها، النيران في زهاء 700 بئر نفطي كويتي خلال حرب الخليج عام 1991[18]؛ واستهدفت قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) مصافي النفط والمستودعات النفطية في بانتشيفو[19] ومصفاة نوفي ساد النفطية[20] في صربيا خلال حرب البلقان عام 1999؛ وضربت إسرائيل خزانات الوقود العائدة لإحدى محطات الطاقة الحرارية في لبنان عام 2006[21]؛ وقصفت القوات الروسية الآبار النفطية في الشيشان[22]. في كل تلك الحالات، تسبّبت الهجمات العسكرية بتلوّث الهواء والتربة، ما أدّى إلى زيادة التلوث، فأصبح الطريق إلى المعافاة والاستقرار بعد النزاع أطول.

 

إلى جانب هذا الاستهداف المباشر للقطاع النفطي في سوريا، أفضى تدمير المصافي المهنية وغياب الإشراف إلى زيادة في عدد المصافي النفطية المؤقتة التي تتولّى تشغيلها جهات مدنية في شرق سوريا. نظراً إلى غياب الآليات التنظيمية المجدية، يواجه المدنيون خطراً كبيراً بالتعرّض للمواد الخطرة، وتلفت التقارير المقلقة عن المنطقة إلى تسجيل زيادة في المشكلات الصحية والتلوّث البيئي المحلي[23]. يمكن أن تؤدّي هذه الممارسات إلى مشكلات صحية حادّة ومزمنة وتدهور بيئي، لا بل قد يكون أيضاً لتدمير المواقع الصناعية والموارد الطبيعية تأثير عميق على أي معافاة اقتصادية في المستقبل، نظراً إلى أن الاقتصاد السوري كان يستند في جزء كبير منه إلى إنتاج الغاز والنفط، وإلى أداء قوي لقطاع الصيدلة والتكنولوجيا الحيوية. لقد قُضِي على تلك القطاعات. وإن كان من دليل عن المستقبل نستشفّه من تأثير النزاعات وما نجم عنها من أضرار بيئية في العراق والبلقان ولبنان، فسوف تواجه سوريا تحدّياً هائلاً في التعامل مع مخلّفات الحرب السامة. لن يقتصر هذا التحدي على سوريا فقط، إنما سيشمل أيضاً البلدان المجاورة، حيث يلقي ملايين اللاجئين بأعباء شديدة على البيئة المحلية ويطرحون تحدّيات عدّة على هذه البلدان[24].

 

في تشرين الأول/أكتوبر 2015، نشرت منظمة السلام الهولندية "باكس" (PAX) دراسة نظرية بعنوان "وسط الركام" (Amidst the debris)[25]، سلّطت فيها الضوء على تأثير النزاع في سوريا على الصحة العامة والبيئة. وقد حدّدت الدراسة أربعة مجالات اهتمام أساسية. أولاً، تسبَّب انهيار الحوكمة البيئية بمشكلات جمّة في إدارة النفايات، مثلاً تتراكم النفايات المنزلية في الشوارع، ما يؤدّي إلى تفشّي أمراض معدية، وتزيد مكبّات النفايات من مستوى التلوث في التربة والموارد المائية. ثانياً، مع الأضرار الشديدة التي لحقت بأكثر من أربعين في المئة من المدن السورية، تتكدّس ملايين الأطنان من الأنقاض التي يحتوي جزء منها على مزيج من المواد الخطرة مثل الأسبستوس، والمعادن الثقيلة، والنفايات الصناعية، إنما أيضاً على ذخائر غير منفجرة، ولذلك يحمل خطراً صحياً كبيراً للمدنيين والعمّال. ثالثاً، إبان الهجمات على مواقع صناعية، غالب الظن أن البنى التحتية الأساسية (في قطاع الطاقة) والمنشآت النفطية خلّفت بصمة سامّة، بسبب انبعاث مواد خطرة مثل ثنائي الفينيل المتعدد الكلور والمنتجات النفطية ومبيدات الحشرات – فهذه المواد تمارس تأثيراً مباشراً على الصحة العامة وتتسبب بتسميم البيئة عبر تلويث المياه الجوفية والسطحية والأراضي الزراعية. مؤخراً، أدّى الاستخدام المكثّف لمجموعة من الأسلحة إلى تراكم الذخائر والخردوات العسكرية في مختلف أنحاء البلاد، ما قد يتسبّب بتلوّث موضعي وبتعرّض المدنيين لمواد خطرة – إذ يحتوي عدد كبير من الذخائر على مواد كيميائية سامة مثل المعادن الثقيلة وسواها من المواد المسرطنة.

 

كيف تؤثّر المخاطر البيئية في الصحة العامة؟ <دراسة حالة>

 

ليست التداعيات التي يمارسها التلوث البيئي المرتبط بالنزاع على الصحة العامة في المدى القصير والطويل، واضحة للعيان بصورة مباشرة دائماً، ولذلك لا تحظى في معظم الأحيان بالتغطية الكافية. فالتأثيرات ليست كلها جاذبة في الصورة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بتلوث المجاري المائية والتربة، أو البيئة القاحلة والمغبرّة حيث يعيش سكّان المنطقة ويعملون في معظم الأوقات. التأثيرات الصحية الحادّة واضحة للعيان عندما يحتكّ المدنيون بمواد خطرة، على سبيل المثال الأولاد الذين يعملون في واحدة من مئات المصافي النفطية المؤقتة في ضواحي دير الزور، أو عندما تُقصَف مواقع للصناعات الثقيلة حيث يمكن أن يتعرّض أوائل الواصلين إلى المكان لموادّ سامّة. سوف يتفاقم الخطر البيئي والصحي المزمن مع مرور الوقت عندما يتعرّض المدنيون لجرعات متكرّرة من المواد السامة، مثل المعادن الثقيلة أو مبيدات الحشرات في مياه الشفة، واستنشاق الأسبستوس، والرواسب المتفجّرة المسرطنة، وسواها من المواد الخطرة المحمولة جواً المنبعثة من ركام النزاع، والمواد الخطرة في الخردوات المعدنية العسكرية مثل ثنائي الفينيل المتعدد الكلور. وتطال هذه المخاطر في شكل خاص مدناً مثل حمص وحلب حيث جرى تدمير أكثر من خمسين في المئة من المناطق السكنية. في حمص، انفجر مستودع ذخائر كبير عام 2013، ما أدّى إلى انتشار واسع النطاق للتلوث من الرواسب المتفجرة والمعادن الثقيلة. وكذلك استهدفت مجموعات الثوار خطوط أنابيب النفط ومصفاة حمص النفطية، ما أدّى إلى اندلاع حرائق هائلة وتصاعد أعمدة دخانية سامة. علاوةً على ذلك، واجه المدنيون، بسبب نهب المواقع الصناعية، خطر التعرض لمواد كيميائية خطرة وسواها من المواد السامة، وللنفايات التي يتم تخزينها ومعالجتها في هذه المواقع، كما حصل في العراق بعد عام 2003[26].

 

إلى جانب خطر الأوبئة المعدية الذي يظهر في غياب منظومة لجمع النفايات[27]، أصبحت مساحات شاسعة من الأراضي ملوّثة مع استخدامها بمثابة مكبّات غير منظَّمة للنفايات المنزلية والطبية والصناعية. تتسرّب هذه النفايات السامة إلى المياه الجوفية فتلحق أضراراً طويلة الأمد بمياه الشفة أو المواشي أو المحاصيل الزراعية. لم يقتصر تأثير هذه البصمة البيئية على سوريا، فالأعداد الضخمة من اللاجئين الذين نزحوا إلى البلدان المجاورة تمارس تأثيراً حاداً على موارد المياه المحلية في تلك البلدان[28].

 

في النزاعات السابقة، سادت مخاوف أيضاً بين المدنيين من المخاطر الصحية المحتملة التي يمكن أن تنجم عن المواد الخطرة المنبعثة في بيئتهم، بحسب ما يكشفه "التقويم البيئي بعد النزاعات" الذي وضعه برنامج الأمم المتحدة للبيئة في لبنان وغزة والعراق. وبما أن المواد الملوِّثة غير مرئية في معظم الأحيان، تضيف مزيداً من الالتباس إلى التأثير الاجتماعي-النفسي للنزاع.

 

سوف يطرح التلوث المنتشر على نطاق واسع فضلاً عن النقاط البيئية الساخنة مشكلة خطيرة للصحة العامة، ويشكّل عائقاً كبيراً أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سوريا بعد النزاع. ولذلك، يجب المبادرة، من دون تأخير، إلى تحديد المواقع المثيرة للقلق، ورصدها ووضع خرائط بها من أجل التخفيف من عبء العمل الذي سيقع على كاهل المسؤولين عن إعادة الإعمار إذا أرادوا الحد من المخاطر المترتبة على المدنيين والبيئة التي يعيشون فيها.

 

استباق التداعيات البيئية

 

من أجل معالجة المخاوف بشأن التأثيرات التي تمارسها مخلّفات الحروب السامة على الصحة العامة للسكان المحليين وعمال الإغاثة على السواء، يجب وضع آليات سريعة للتحديد والرصد. تقليدياً، يجري برنامج الأمم المتحدة للبيئة "تقويمات بيئية بعد النزاعات" بناءً على طلب الحكومات المعنية وفي حال الحصول على الدعم المادي من المانحين. غير أن ذلك يسلّط الضوء على الفور على محدوديات عملهم، ففي بعض الحالات، لم تُجرَ هذه الدراسات الاستقصائية إلا بعد وقت طويل من انتهاء النزاع، وكان نطاقها محدوداً بسبب الشح في الموارد المالية. فضلاً عن ذلك، لم تكن هناك ضمانات بأن توصيات البرنامج ستجد طريقها إلى التطبيق. بناءً عليه، ثمة حاجة ماسّة إلى الشروع في تحديد المناطق المحتملة حيث يمكن أن تظهر نقاط ساخنة بيئياً ورصدها، لأن هذه المعلومات أساسية للسلطات المحلية، وعمّال الإغاثة، ومنظمات المساعدات، والمجتمعات المحلية في حال ظهور مخاطر حادّة تهدد الصحة، ووقوع أضرار بيئية طويلة الأمد.

 

على الرغم من الصعوبات والمحدوديات التي تعترض الوصول إلى مناطق النزاعات بسبب المشاغل الأمنية، ثمة عدد من الفرص المتاحة التي يمكن من خلالها جمع البيانات عن بعد. يؤمّن برنامج الأمم المتحدة التشغيلي لتطبيقات الأقمار الصناعية (يونوسات) تقويماً متواتراً للأضرار[29] في المدن وفي مواقع محدّدة، ما يقدّم لمحة عامة واضحة عن حجم الدمار وعن المناطق المتضرّرة. كما تشكّل مواقع التواصل الاجتماعي مصدراً غنياً للمعلومات، بما يساهم في تحديد الأهداف المحتملة التي يمكن أن تترك بصمة سامّة جداً، على غرار الهجمات على محطات توليد الطاقة أو مصانع الإسمنت[30].

 

يمكن أن تساعد الدروس المستمدّة من التأثير البيئي للنزاعات السابقة على تصميم آليات استجابة خاصة بالدول المتضررة والمنظمات الإنسانية تتميّز بقدر أكبر من السرعة والفاعلية. يعمل الخبراء البيئيون وهيئات الأمم المتحدة على استكشاف العديد من المقاربات، منها العمل الذي تقوم به "الوحدة البيئية المشتركة" بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) لجعل البيئة مكوّناً أساسياً في النشاط الإنساني[31]، ومكتب المساعدة الذي أنشأته هذه الوحدة لتقديم الدعم التقني والمعلومات إلى المنظمات التي تحتاج إلى الخبرات. ثمة مجموعة غنيّة من الأدوات والإجراءات للتقويم البيئي والمعافاة، على الرغم من أن هذه المقاربات غالباً ما تكون مجزّأة أو غير منسَّقة كما يجب[32]. من شأن وضع مجموعة منهجية من الأدوات وتحديد المسؤوليات بوضوح وتخصيص الموارد المالية اللازمة وإعداد منظومة للتنسيق أن تساعد على الحد من الضرر اللاحق بالمدنيين بسبب المخاطر البيئية، وتؤمّن آلية سريعة وفاعلة للاستجابة في مواجهة الأضرار البيئية، وتضمن إعطاء البيئة حيّزاً كاملاً في خطط المعافاة. وقبل كل شيء، يجب أن تعترف الدول والمجتمع الدولي في شكل عام بأن مسائل الأمن البيئي، سواءً تلك الناجمة عن تغيّر المناخ أو عن التلوث البيئي المرتبط بالنزاع، أساسية في منع النزاعات وجهود إعادة الإعمار بعد النزاعات. من شأن هذا الاعتراف أن يعزّز الحاجة إلى زيادة الخبرات البيئية وفرص التمويل ذات الصلة في إعادة إعمار المجتمعات التي مزّقتها الحروب.

 

البيئة والاقتصاد في أوضاع ما بعد النزاعات

 

مع استمرار محادثات السلام في جنيف، يشكّل النظر في الوقت المناسب في السبيل الأفضل لدمج المعافاة البيئية في عملية إعادة إعمار سوريا، عاملاً أساسياً في أي أمل ببناء مستقبل مستدام. تشير التقديرات إلى أن النزاع كلّف سوريا 1.2 تريليون دولار أميركي[33]. لقد دُمِّر أكثر من نصف المناطق السكنية، في حين أن أضراراً شديدة لحقت بالقطاع الصناعي والبنى التحتية الأساسية. القطاعان الخاص والصناعي وأفرقاء آخرون في مجتمع الأعمال السوري هم معنيّون أساسيون في مسيرة المعافاة، نظراً إلى أنهم يملكون ثروة معرفية عن الصناعات القائمة من شأنها المساعدة على تحديد المجالات ذات الأولوية من أجل التدخّل[34]. كما أنهم سيكونون شركاء محوريين في أي جهود من أجل "إعادة إعمار أفضل وأكثر مراعاة للبيئة" – عبر تعزيز حلول أكثر استدامة على المستوى البيئي بعد انتهاء النزاع[35].

 

من شأن النقاشات في منتديات الأمم المتحدة المتعددة مثل القمة العالمية للعمل الإنساني، التي أجريت في اسطنبول في أيار/مايو 2016، وفي إطار جمعية الأمم المتحدة البيئية حول أهداف التنمية المستدامة في نيروبي في أيار/مايو 2016، أن تقدّم توجيهات مجدية في هذا الإطار. يلامس تأثير النزاعات وأولويات إعادة الإعمار تقريباً كل أهداف التنمية المستدامة لعام 2020[36]. قد تتيح إعادة إعمار سوريا التي مزّقتها الحرب فرصة فريدة للحد من البصمات البيئية لمشكلات التلوث القائمة منذ ما قبل اندلاع النزاع وكذلك للأضرار البيئية المرتبطة بالنزاع. يمكن تحقيق ذلك عبر تطبيق مقاربات مبتكرة لآليات المعافاة بعد النزاعات تشمل البيئة باعتبارها مكوّناً أساسياً في المعافاة، الأمر الذي يقتضي عملية إشراكية جامعة ينخرط فيها أفرقاء المجتمع الأهلي، والسلطات المحلية، والخبراء البيئيون، والمنظمات الدولية من أجل تطبيق مقاربة شاملة – وإعادة إعمار سوريا بحيث تحمل أملاً جديداً وفرصاً للجميع.

 

[1]  European Commission: Delegation Damascus (2009) Country Environmental Profile for the Syrian Arab Republic. Max Kasparek & Marwan Dimashki. Agreco Consortium. Final Report. Brussels. Accessed at: http://eeas.europa.eu/delegations/syria/documents/content/eu_syria/cep_…

[2]  Walker, L. (2016) US military burn pits built on chemical weapons facilities tied to soldiers' illness. The Guardian. Accessed at http://www.theguardian.com/us-news/2016/feb/16/us-military-burn-pits-ch…

[3]  Weir, D. (2016) ‘The Most Toxic War’in History’ -25 Years Later. Sustainable Security. Accessed at http://sustainablesecurity.org/2016/01/29/the-most-toxic-war-in-history…

[4]  Zwijnenburg, W. (2015) Iraq’s Continuing Struggle with Conflict Pollution. Insight in Conflict. Accessed at http://www.insightonconflict.org/2015/03/iraqs-continuing-struggle-conf…

[5]  Conca, K. & Wallace, J. (2012) Environment and Peacebuilding in war-torn societies: Lessons from the UN Environment Programme’s experience with post-conflict assessment. In: Assessing and Restoring Natural Resources in Post-Conflict Peacebuilding, ed. D.Jensen and S.Longergan. London: Earthscan.

[6]  UNEP Disasters and Conflict Publications. Accessed at http://www.unep.org/disastersandconflicts/Publications/tabid/54718/Defa…

[7]  يدمج بناء السلام البيئي إدارة الموارد الطبيعية في منع النزاعات والتخفيف من حدّتها وتسويتها، وفي المعافاة لبناء المرونة في المجتمعات التي يطالها النزاع. هذه المبادرة هي مجهود تعاوني بين معهد القانون البيئي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وجامعة ماكغيل وجامعة طوكيو. انظر http://www.environmentalpeacebuilding.org

[8]  UNEP (2009) From Conflict to Peacebuilding – the Role of Natural Resources and the Environment. Accessed at http://www.unep.org/pdf/pcdmb_policy_01.pdf

[9]  Conca, K. & Wallace, J. (2012) Environment and Peacebuilding in war-torn societies: Lessons from the UN Environment Programme’s experience with post-conflict assessment. In: Assessing and Restoring Natural Resources in Post-Conflict Peacebuilding, ed. D.Jensen and S.Longergan. London: Earthscan.

[11]  Westervelt, A. (2015) Does climate change really cause conflict? The Guardian. Accessed at http://www.theguardian.com/vital-signs/2015/mar/09/climate-change-conflict-syria-global-warming; Garson, P. (20-15) Climate change and conflict: it’s complicated. IRIN News. Accessed at http://www.irinnews.org/analysis/2015/10/20

[12]  Stokes, E. (2016) The Drought That Preceded Syria's Civil War Was Likely the Worst in 900 Years. VICE News. Accessed at  

 https://news.vice.com/article/the-drought-that-preceded-syrias-civil-wa…

[13]  European Commission: Delegation Damascus (2009). Country Environmental Profile for the Syrian Arab Republic. Max Kasparek & Marwan Dimashki. Agreco consortium. Final Report. Brussels. Accessed at: http://eeas.europa.eu/delegations/syria/documents/content/eu_syria/cep_…

[14]  UNDP (2015) Emergency employment yields a healthier environment for Syrians. Accessed at

 http://www.undp.org/content/undp/en/home/ourwork/ourstories/emergency-e…

[15]  UNDP (2016) UNDP outlines 2016 plans for Syria crisis response. Accessed

 http://www.undp.org/content/undp/en/home/presscenter/pressreleases/2016…

[16]  Zwijnenburg, W. & Waleij, A. (2016) Fire and Oil: The Collateral Environmental Damage of Airstrikes on ISIS Oil Facilities. Accessed at http://www.newsecuritybeat.org/2016/01/fire-oil-collateral-damage-airst…

[17]  Richardson, B. (2015) Ex-CIA chief: Fear for environment stays US hand on ISIS oil Wells. The Hill. Accessed at

http://thehill.com/blogs/blog-briefing-room/261283-ex-cia-chief-fear-fo…

 

[18]  انظر NASA’s overview on the Kuwait oil fires: Smoke from a distant fire. Accessed at http://earthobservatory.nasa.gov/Features/ShuttleRetrospective/page8.php

 

[20]  UNEP (1999)Complementary measures to assess the environmental impacts of the conflicts to the Danube. UNEP/UNCHS Balkans Task Force Danube Mission Report. Accessed at http://www.grid.unep.ch/btf/missions/august/danube.pdf

[21]  UNEP (2007) Lebanon: Post-Conflict Environmental Assessment. Accessed at http://www.unep.org/disastersandconflicts/CountryOperations/UNEPsPastAc…

[22]  Ingwold, C. (2002) Chechnya Conflict and Environmental Implications. ICE Case Studies 
Number 93, June, 2002. Accessed at http://www1.american.edu/ted/ice/chechnya.htm

[23]  Hamlo, K. (2016) Syria’s war impacts environment. The Arab Weekly. Accessed at http://www.thearabweekly.com/?id=3880; VICE (2014) Black-Gold Blues: The Hazards and Horrors of the Makeshift Oil Industry in Rebel Held Syria. Accessed at http://www.vice.com/video/syria-syrian-oil

[24]  انظر مثلاً Ministry of Environment (2014) Lebanon Environmental Assessment of the Syrian Conflict & Priority Interventions. September 2014. Accessed at   http://www.undp.org/content/dam/lebanon/docs/Energy%20and%20Environment…

[25]  PAX (2015) Amidst the debris: Environmental impact of conflict in Syria could be disastrous. Accessed at http://www.paxforpeace.nl/stay-informed/news/amidst-the-debris-environm…

[26]  UNEP (2005) Assessment of  Environmental  “Hotspots” in Iraq.  Accessed at http://postconflict.unep.ch/publications/Iraq_ESA.pdf

[27]  IRIN News (2013) Clearing rubbish in Syria: A life-saving - and life-threatening – job. Accessed at http://www.irinnews.org/feature/2013/07/02/clearing-rubbish-syria-life-…

[28]  انظر الهامش 25.

[30]  Zwijnenburg, W. (2015) Online Identification of Conflict Related Environmental Damage. Accessed at https://www.bellingcat.com/resources/how-tos/2015/12/17/online-identifi…

[31]  Joint UNEP/OCHA Environment Unit (2014) Environment and Humanitarian Action. Increasing Effectiveness, Sustainability and Accountability. Accessed at https://www.humanitarianresponse.info/topics/environment/document/eha-s…

[32]  Wilson Centre (2014) Environmental Dimensions of Sustainable Recovery: Learning From Post-Conflict & Disaster Response- Accessed at https://www.wilsoncenter.org/event/environmental-dimensions-sustainable…

[33]  World Vision (2016) The Cost of Conflict for Children. Five Years of the Syrian Crises. Accessed at http://www.wvi.org/syriacostofconflict

[34]  Syrian Economic Forum (2016) Syrian businesspeople Map – “Part II”. Accessed at

 http://www.syrianef.org/En/2016/02/syrian-businesspeople-map-part-ii/

[35]  لسخرية القدر، يتمثل أحد المضاعفات الجانبية "الإيجابية المأسوية" غير المقصودة للحرب في التراجع الحاد في تلوث الهواء في الشرق الأوسط مع حرق كميات أقل من الوقود الأحفوري. انظر Howard, E. (2015) Middle East conflict 'drastically altered' air pollution levels in region – study. The Guardian. Accessed at http://www.theguardian.com/environment/2015/aug/21/middle-east-conflict…

[36]  Weir, D. (2016) Armed conflict, environmental protection and the Sustainable Development Goals – Accessed at http://newint.org/blog/2016/02/01/environmental-protection-and-the-sustainable-development-goals/