دفاتر ثورة نخرها السوس

مقال

غالبًا ما تُعتبر تونس قصة النجاح الرئيسية لـ "الربيع العربي" بعد الإطاحة بالديكتاتور السابق بن علي قبل عشر سنوات. لكن في المساهمة الأولى من سلسلتنا "ذكريات المستقبل" ، تكتب ريم بن رجب عن روح ثورية مهددة بالإنكفاء، والعنف الأبوي وعنف الدولة ، واستحالة مناقشة كل هذا مع والدها.

تصميم غرافيكي

يصعب عليَّ يا أبي أن أقلّب معك صفحات الماضي وأن أجول معك في تفاصيله وأحداثه التي تركت في القلب دوائر محترقة. 

12 سنة مرّت ولم أنسَ ذلك اليوم الذي ضربتني فيه أمام المعهد الثانويّ بسبب مظاهرات خطّطت لها مع صديقي حسام لمناصرة القضيّة الفلسطينية، إثر الهجوم على قطاع غزّة سنة 2009، وانخرط فيها مئات التلاميذ والتلميذات. كانت مظاهراتٍ عارمةً في شوارع قريةٍ قصيّةٍ رفعنا خلالها شعاراتٍ ضدّ سلطة الاحتلال الإسرائيليّة وسرعان ما وجدنا الشجاعة والحماس لنرفع شعاراتٍ ضدّ البوليس ورئيس الجمهوريّة. كنت أقود المظاهرات بنزقٍ وكبرياءٍ وكان الأدرينالين سلاحي الوحيد. لم أفكّر في العواقب وفي إمكانيّة طردي من المعهد أو سجني. 

دخلت أجسادنا الصغيرة في فورة غضبٍ وهيجانٍ جامحٍ وتعالت أصواتنا المنادية بالحريّة. قرّر بعضنا العودة إلى نقطة الانطلاق (أي المعهد) لتجييش مزيدٍ من التلاميذ وبينما كنتُ أتحدّث مع بعضهم لإقناعهم بضرورة الالتحاق بنا حاصرت سيّارات الشرطة المكان. لم نرتعب من تهديداتهم وعصيّهم وبقينا مرابطين ومرابطات أمام المعهد.

 لم أكن أتوقّع قدومك من بين الجموع الغفيرة. صفعتني على وجهي بقوّة وشتمتني. ركلتني ومزّقت ميدعتي الزرقاء. ازداد غضبك لأنّني لم أذرف دمعةً واحدة. أمسكتني من شعري وأنزلتني إلى الأرض وضربتني على رأسي وبطني. كان مشهداً كرنفاليّاً أشبع غرور رجال الشرطة الحقيرين وأدمى قلوب صديقاتي وأصدقائي العاجزين. 

تدخّل رئيس المركز وطلب منك التوقّف عن ضربي: "يكفيها يا رجب أعتقد أنّها لن تُعيد فعلتها"، فكانت إجابتي غير متوقّعة: "يا كلاب بن علي".

 لم تُصدّق ما سمعته وانهلتَ عليّ ضربًا أشدّ عنفاً وقسوة. كانت مشاعري متضاربةً وقتها، بين الشعور بالخزي لأنّك تُناصر تلك الكلاب المسعورة وبين الشعور بالفخر لأنّني ابنتك التي لوت ذراعك ووضعتك في مواجهةٍ مباشرةٍ مع السلطة. اخترت أن تضربني لتحميني من الطرد والسجن ولكنّك لم تحترم كرامتي. 

كرامتي يا أبي التي بدأت معانيها تتشكّل بوضوح منذ ذلك اليوم. 


أنظر مرّاتٍ عديدةً إلى هاتفي الجوّال المُلقى على السرير. أحمله بين يديّ. أستجمع قواي للاتّصال بك وسرعان ما أتراجع. كنت قد قرّرت مع مجموعة من الصديقات والأصدقاء إنتاج سلسلة بودكاست عن الخوف في زمن الدكتاتوريّة. في ذاك الزمن كنّا نصدّق مقولة بأنّ "للحيطان آذان"، لذلك كان مجرّد الحديث في أمور السياسة داخل غرفنا المغلقة يُعدّ مغامرةً كبرى. جيلٌ جديدٌ لم يُعايش الدكتاتوريّة لا يعرف هذا الكلام ولا يعرف معنى الخوف. أشعر بالارتباك والتوتّر لأنّك ستكون من بين الأشخاص الذين كنت قد اخترت تسجيل شهاداتهم.     

-    ألو، مرحبا بابا، كيف حالك؟

-    أهلا ابنتي، بخير. كيف حال سيّارتك؟ هل مازلت خائفة من قيادتها؟

-    أشعر بالرّعب في الشارع. النّاس مجانين.

-    لا تخافي وقودي على مهلٍ ولا تتهوّري.

-    هشّمت المرآة الجانبيّة. أعتقد أنّني لا أصلح للسياقة.

-    تلك هي ضريبة التعلّم.

عادة لا أحبّ المقدّمات الطويلة وأدخل مباشرةً في صلب الموضوع ولكنّني كنت مرتاحةً للحديث عن الميكانيك وقانون الطرقات وعلامات المرور. قضينا ساعةً ونحن نتناقش حول دور سلسلة التوزيع في محرّك السيّارة وهل هي مصنوعة من البلاستيك أم من الحديد. كلانا لا يفهم شيئا في هذه المسائل الشائكة ولكنّنا نتجادل ونُقرقر مثل الدّجاج. حدّثتني للمرّة الألف عن السيّارة الوحيدة التي امتلكتها في حياتك في فترة السبعينيات عندما كنت لاعب كرة قدمٍ مشهورٍ في مدينة الكاف. كان نوعها رينو 17. وحدّثتني للمرّة الألف أيضا عن صديقك شيخ الميكانيكيّين ومعلّمهم الروحيّ السيّد فوزي الذي أنقذ أجيالاً من السيّارات من موتٍ مُحققٍ وضخّ في محرّكاتها المهترئة دماءً جديدة. فجأة قطعتُ الحديث. 

-    بابا، هل كنت تشعر بالخوف وقت بن علي؟

-    طبعا مثل كلّ النّاس. كنت أخاف من المخبرين في كلّ مرّة أذهب فيها إلى الجامع كي أصلّي وكنت أخاف عندما يحين موعد تجديد الانخراط في حزب "التجمّع". 

-    هل كان شعوراً بالخوف أم بالامتعاض؟

-    لا أعرف، أعتقد أنّه خوفٌ ممزوجٌ بالامتعاض. لم أرد أن يكون لي علاقةٌ بالحزب الحاكم ولكنّ طبيعة شغلي تفرض عليّ ذلك.

والدي مُوظّف متقاعد من "المعتمديّة"، وهي مؤسّسة تابعة لوزارة الداخليّة تُدير شؤون المنطقة التي نسكن فيها. كان يعمل بشكلٍ مباشرٍ مع "المُعتمد" الخاضع إلى سلطة "الوالي" حسب التقسيم الإداريّ في تونس قبل الثورة والذي كان قائماً على ثلاثة مستويات كبرى: الولاية (يرأسها الوالي) والمعتمديّة (يرأسها المعتمد) والعمادة (يرأسها العمدة). صلاحيّات "المُعتمد" مطلقة، يتدخّل في كلّ شيءٍ دون حسيبٍ أو رقيب، فهو ممثّل الدولة وعصاها الغليظة في منطقته الترابية. كان تعيينهم يعتمد بشكل أساسيّ على مدى ولائهم لحزب "التجمّع الدستوريّ الديمقراطيّ" الحاكم، بغضّ النظر عن كفاءتهم الإداريّة في تسيير شؤون الدولة وتنفيذ سياساتها التنمويّة.

طرأت تغييراتٌ على هذا التنظيم الإداريّ بعد الثورة في إطار تفعيل الحكم المحليّ وذلك بإحداث مجالس بلديّةٍ مُنتخبةٍ صارت تُزاحم نسبيّاً سلطة "المعتمد" الذي مازال تعيينه قائماً على الولاء الحزبيّ ومازال يمتلك صلاحيّاتٍ تجعله سيّداً في قومه.

كان والدي موظّفاً متفانياً وحاول طيلة حياته تحصين نفسه من مغريات الرشوة والتحالفات والدسائس. وسخّر كلّ طاقته وحيله لتقديم المساعدات الاجتماعيّة لمستحقّيها. كان يكره الحزب وممثّليه في قريتنا ولكنّه كان مضطرّاً إلى تجديد ذلك الانخراط الشكليّ. لم تكن له علاقاتٌ طيّبةٌ معهم وكانوا لا يتوانون عن فعل أيّ شيءٍ لشيطنته فهو في نظرهم متمرّدٌ صغيرٌ يجب التخلّص منه. يكتبون التقارير ويقولون بأنّه متعاطفٌ مع الإسلاميّين لأنّه يُصلّي في الجامع ويشتري البقدونس والسبانخ من بائعٍ متّهمٍ بالانتماء إلى "حركة النهضة" أو بأنه متعاطفٌ مع الشيوعيّين لأنّه يلعب النرد في المقهى مع أستاذ تاريخٍ يساريّ.

 كان يوم المظاهرات فرصتهم الذهبيّة للإطاحة به فتقاطروا على "المعتمد" ناقلين له الخبر الصاعقة: "ابنة رجب تقود مظاهرات وتشتم النظام". لسوء حظّهم أنني كنت قد أقنعت ابن رئيس مكتب الحزب بالمشاركة في المظاهرات، فخرج مثلنا إلى الشوارع بل إننا ردّدنا خلفه بعض الشعارات التي رفعها بنفسه. استغلّ والدي هذا ضدّهم فيما بعد لإخماد المشكلة وكانوا مضطرّين لغلق الملفّ لأنّ "فلذة الكبد" متورّطٌ معي.

 لكنّك يا أبي عنّفتني بشدّةٍ أمام الشرطة ولم تعتذر منّي إلى اليوم، ولم أستطع في مكالمتنا الأخيرة الحديث عن تلك النقطة السوداء وعن جراحاتي التي تحوّلت إلى ندبات ظاهرة. لقد كبرتَ يا أبي ومازلتَ مرحاً وغضوباً رغم الشيخوخة وتقوى السبعين. لقد كبرتُ يا أبي ولم أعد طفلتك الصغيرة التي تحلق شعرها وترتدي الفساتين القصيرة وتقرأ بنهمٍ قصص المكتبة الخضراء. جرت تحت الجسر أنهرٌ كثيرةٌ وصار عمري ثلاثين سنةً عشت خلالها خيباتٍ وإحباطاتٍ قسمت ظهري. لم أعد الفتاة نفسها التي تجري في الحقول الممتدّة وتسرق المشمش وتدقّ أبواب الجيران ثم تهرب. صرتُ امرأةً بجسدٍ مترهّلٍ وثديٍ منهارٍ وتجاعيد ثابتة. يبتلعني الخوف وتقتلني الوحدة. لا أحد يطرق بابي. أخفي رأسي تحت الوسادة كي لا أرى وجهك المعلّق على جدار الغرفة. كبرت ابنتك ولم يعد بإمكانك أن تدوس على كرامتها وتضربها.

 قبل مغادرتي القرية للالتحاق بالجامعة في العاصمة بيومٍ وبّختني وقلت لي كلاماً ظلّ عالقاً في رأسي الذي سينفجر قريباً. ترجيّتني ألاّ أنضمّ إلى أي منظمةٍ نقابيّةٍ طلاّبيّة، وطلبت إلي أن أصبر عليك قليلاً ريثما تؤمّن لي كلّ ما يلزم من أجل أن أغادر البلاد وأمارس السياسة خلف البحار والمحيطات. لم أكن مهذّبةً ولطيفةً ولم أسمع كلامك. كنت أتنقّل أنا وصديقتي أسماء بين الكليّات لحضور الاجتماعات العامّة لـ"لاتّحاد العام لطلبة تونس" ولمساندتهم في جميع تحرّكاتهم. كنت أتكلّم في السياسة وأشتم رموز الحكم في المقاهي مع أصدقاءٍ وصديقاتٍ معارضاتٍ للنظام. كنّا نفكّر في الثورة وفي قلب الطاولة والتحرّك ميدانيّاً بوجوهٍ مكشوفةٍ وبشكلٍ مستقلّ. جيل المدوّنين والمدوّنات فعل الكثير ضدّ الرقابة على الإنترنت وكنت منبهرةً بشجاعتهم وصدقهم وتضامنهم لمواجهة عدوّنا المشترك. لن ننسى الحملات التي أطلقوها على فايسبوك مثل "نهار على عمّار" و"سيّب صالح" و"رسالة إلى نائب". لن ننسى المدوّن زهيّر اليحياوي الذي مات بسبب التعذيب داخل سجون نظام بن علي. ولن ننسى لينا بن مهني التي فارقتنا منذ أشهر بعد أن كانت أيقونةً للحريّة والنضال.

 لماذا لم تُمسك بيدي وتطلب منّي أن أواصل طريقي وألّا أخاف من أيّ شيء؟ لماذا لم تحتضني ولو لمرّةٍ واحدةٍ في حياتك يا أبي؟ 


هل تونس جمهورية أم مملكة أم حديقة حيوان أم سجن؟ كان هذا عنواناً ساخراً نشرَته مدوّنة زهير اليحياوي TUNeZINE إثر الاستفتاء الذي نظّمه بن علي سنة 2002 لتعديل الدستور وتمديد ولايته. بعد عشر سنوات من الثورة مازلنا نطرح السؤال نفسه بمرارةٍ وغضبٍ والإجابة واحدة: تونس مرتعٌ للفاسدين والمنافقين والسلطويّين والجهلة وسجنٌ كبيرٌ للنساء والشباب الحالم والكويريّات والأطفال وذوي وذوات الإعاقة والبشرة السوداء. صرنا غرباء داخل أوطاننا ولم نعد نحسّ بالانتماء. أوطاننا لا تُشبهنا ولا تُشبه أحلام البدايات. كلّ شيءٍ من حولنا يدفعنا نحو الرحيل بعيداً. عشر سنوات بعد ثورة الحريّة والكرامة الوطنيّة ومازلنا نعيش على الخصاصة ونفكّر في الانتحار بسبب كآبةٍ عامّةٍ مُستشريةٍ نخرت أرواحنا وأحرقت جلودنا. نعيش داخل مجتمعٍ مضطربٍ ومرتبكٍ ويُجري محاكماتٍ علنيّةً لكلّ من لا يمشي أو تمشي فوق الصراط المستقيم. قُضاتنا غاضبون ونوّابنا متناحرون ورئيس جمهوريّتنا منعدم الصلاحيّات وقليل الحيلة. احتجاجاتٌ وإضراباتٌ في كلّ القطاعات تقريباً، اقتصادٌ منهارٌ ومشهدٌ سياسيٌّ يتّسم بالعدائيّة والعنف. قمنا بثورةٍ لطرد الحرس القديم فعادوا إلينا من جديدٍ ودخلوا بيوتنا واجتاحوا برلماننا. قمنا بثورةٍ سالت فيها الدّماء كي نعيش بكرامةٍ لكنّ التهميش والتفقير كان من نصيبنا. قمنا بثورةٍ من أجل الثورة وسنقوم بثورةٍ من أجل الثورة. 

منذ عشر سنوات أسقطنا نظاماً بوليسيّاً قمعيّاً وخضنا مساراً انتقاليّاً حقّقنا خلاله إنجازاتٍ لا نستطيع إنكارها وعشنا خلاله خيباتٍ أحبطت عزائمنا. بدأ السوس ينخر ثورتنا بسبب أوضاعٍ اقتصاديّةٍ واجتماعيّةٍ وثقافيّةٍ مترديّةٍ لكنّ قلوبنا مازلت نابضةً وحيّةً ومازالت أشياء كثيرةٌ تستحقّ الانتباه والمقاومة. تحوّلت الاحتفالات بذكرى الثورة إلى اجتماعاتٍ باهتةٍ لإلقاء خطبٍ صمّاء ورفع شعاراتٍ متآكلة. وككلّ سنة دعا "الاتّحاد العامّ التونسيّ للشغل" والعديد من منظّمات المجتمع المدنيّ إلى تنفيذ وقفةٍ احتجاجيةٍ أمام البرلمان يوم 18 ديسمبر احتفاءً بالذكرى العاشرة للثورة وتنديداً بالعنف المستشري داخل قبّة البرلمان. كانت حركة "فلقطنا" وهي حركة نسويّة تؤسّس لجيلٍ جديدٍ من النسويّات الغاضبات من بين التنظيمات التي دعت إلى ضرورة المشاركة في هذا اليوم الموعود تحت شعار: "خلّي شوارعنا تزعزع سياستهم". اجتمعت الحشود بشعاراتها أمام مكتب البريد المحاذي للبرلمان بمنطقة باردو. كان مشهداً صاعقاً بالنسبة لنا خاصّةً بعد أن بدأ الأمين العام المساعد لـ"لاتحاد العام التونسي للشغل" سمير الشفّي في سرد خطابٍ متكلّسٍ ومكرّر. لم أصدّق أنّنا بعد عشر سنوات من الثورة غير قادرين وقادرات على الوقوف أمام البرلمان فدخلتُ في حالةٍ هستيريةٍ من الصراخ أنا وصديقتي جواهر التي كتبت على لوحٍ بالطباشير: "لماذا نحتجّ أمام مكتب البريد؟". 

بدأ بعض الشباب في التجاوب معنا وانضموا إلى جوقة المستنفرين. ابتعدت أنا وصديقتي لنلتحق برفيقاتنا اللاّتي كنّ في الخلف مع مجموعةٍ من شباب وشابّات حركة "الجيل الخطأ" المعادية للفاشيّة. التحمنا معاً ورفعنا شعار: "لا منابر لا خطب الشوارع والغضب" وقرّرنا أن ننفصل عن الجميع ونتّجه نحو البرلمان وفي منتصف الطريق اعترضنا رجال الشرطة الذين طوّقوا المكان ومنعونا من العبور. كان عددنا قليلاً ولم نكن قادرين وقادرات على الدخول في مواجهاتٍ مع البوليس الذي تجمّع بالمئات ولكنّنا لم نصمت وصرخنا: "ثورة نسويّة ثورة كويريّة"، "شغل، حريّة، كرامة وطنيّة"، "مساواة، مساواة، للنساء والجهات"، "يا مواطن يا مقموع زاد القهر زاد الجوع"، "ACAB"، "الكفاح هو الحلّ ضدّ الرجعي والمحتلّ"، "لا خوف لا رعب الشارع ملك الشعب"، و"الشعب يريد إسقاط النظام". 

عدتُ إلى البيت وفي حلقي غصّةٌ لأنّنا لم نستطع الاحتجاج أمام البرلمان. يمشي الحزن متثاقلاً فوق رأسي وأدخل في نوبة بكاءٍ حادّة. أبحث عن حبّة إسبرين لتخفيف الصداع دون جدوى. يرنّ هاتفي.

-    ألو ابنتي، انتظرتك اليوم كي تسجّلي معي مثلما أخبرتني.

-    آسفة بابا، نسيت تماماً، كنت في مظاهرات. أعتقد أنّني بحاجة إلى أن أسمع نفسي أوّلاً.