بين الصدمة والمقاومة: المشاركة النسوية ومآلات الربيع العربي

يبدو السؤال عن أثر الربيع العربي على المرأة في هذه الأيام  مثيرا للسخرية وغير ذا صلة. اذ ان المآلات الدموية والوحشية للثورات في دول كسوريا وليبيا واليمن والانتكاسات المتتالية للثورة في مصر لا تترك مجالا للشك بأن الاحلام الكبيرة التي رفعها ملايين المتظاهرون في ميدان التحرير في يناير 2011 عبر شعار  "عيش حرية وعدالة اجتماعية"   وشعارات  المتظاهرين في سوريا  واليمن وليبيا "الكرامة والحرية" ، تحولت الى كوابيس مرعبة تطال كل افراد المجتمع وان الحركة النسوية التقدمية تعيش صدمة وتشهد نكوصا نحو قضايا بدايات النسوية التي ظنت انها تجاوزتها.

 لا يقتصر الأثر السلبي على النساء ولا على قضاياهن الحقوقية فقط ، فبراميل المتفجرات التي يلقي بها النظام السوري على حلب لا تفرق بين المستهدفين على أساس الجنس او  العمر او الانتماء،  كذلك الحال لا يطال التدهور الاقتصادي في مصر النساء دون غيرهن بل يؤثر سلبا على الجميع، وبطبيعة الحال فان قنابل التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن تساوي بين جميع المستهدفين. اما المقتلة التي تجري في سوريا واليمن وليبا، تظلل حياة الجميع في المناطق المشتعلة، دون تمييز، على أساس طبقة او جنس او جيل، ويبدو ان المساواة الوحيدة التي تحققت اليوم في دول الربيع العربي باستثناء تونس هي مساواة الجميع امام فوهة البندقية .

كان سقوط الثورات العربية من حلم "الحرية والعدالة" الى كابوس التقتيل والمعارك، يذهب يدا بيد مع تدهور وضع النساء فعليا ورمزيا، ويتوازى مع نكوص في الخطاب السياسي العام تجاه قضايا النساء وحقوقهن. فيما يمكن القول ان بشاعة الممارسات بحق النساء شكلت صدمة للنسويات وللخطاب النسوي الذي كان يحلق  بعيدا في نظريات ما بعد الاستعمار وما بعد الحداثة ويدافع عن النسبوية الثقافية.

عشية الثورات العربية كان الخطاب النسوي العربي يتطور الى حد بعيد عبر حواره مع النظريات الجنسوية ونظريات ما بعد الاستعمار التي وجهت الخطاب النقدي.  يناكف النظرات الاستشراقية من جهة والاسلاموية من جهة أخرى ويحاول طرح قراءات بديلة للديناميكيات المجتمعية خاصة فيما يتعلق في حقوق النساء، وينحو نحو استخلاص نقاط القوة والمقاومة للمنظومة البطريركية الذكورية. في هذا السياق برزت كتابات باحثات نسويات كالمغربية فاطمة المرنيسي[1] والمصرية ليلى احمد[2] وسابا محمود[3] , والكاتبة  التونسية رجاء بن سلامة. اشتركت كتابات هؤلاء النسويات الباحثات في انشغالها في تفكيك منظومات القوة المرتبطة بمكانة المرأة في الإسلام سواء ممارسة وفكرا، وكن يفعلن ذلك من خلال تبني نمط كتابة تناصيه وحوارية مع الفكر الحداثي الغربي من جهة والنظرية النقدية لما بعد الاستعمار والنسوية من جهة أخرى.   لقد كان خطاب النسويات موجه داخليا نحو مجتمعاتهن، لكنه كان أيضا موجه نحو دوائر البحث في الجامعات الغربية التي تنتج فعليا النظريات الرائدة سواء الاستشراقية والثقافوية التي تدعم من الاسلاموفوبيا او النقدية المعارضة والمغايرة والمتحدية للهيمنة. وقد أدى تصاعد قوة الحركات الإرهابية كالقاعدة بعد هجمات سبتمبر 11 بالذات والى حد بعيد الى تعميق الاستقطاب النظري حول مسألة الإسلام والحداثة والتخلف والتقدم وحقوق النساء والأقليات والى تعميق انخراط النسويات فيه وهو ما أدى بشكل غير مقصود الى هيمنة الابستولوجيا الغربية وإعادة انتاج الخطاب النسوي العربي وفق اولوياته.

في داخل المجتمعات العربية وبين الناشطات النسويات كانت تتزايد عمليات تحول الحركات النسوية من حركات شعبية نحو المأسسة والتحول الى مؤسسات قطاع غير حكومي مهنية(NGOs) غالبيتها مرتبطة بالتمويل الخارجي او الحكومي ومحكومة بشكل مباشر او غير مباشر لأولويات التمويل، ويمكن ان نرى تزايد التركيز في اجندات هذه الحركات على التغيير عبر القوانين ومساعي التأثير عبر النخب السياسية مقابل الانشغال بقضايا الاعتداءات الجنسية وبخطاب الجنوسة المنمق (Gender Jargon) والتوعية بحقوق النساء والتمكين (empowerment).  

غير ان العمل النسوي الذي كان يبحر وسط قضايا التمكين والجنوسة والمساواة ويحارب من اجل تطبيق المواثيق الدولية المرتبطة بمساواة النساء، وجد نفسه وهو يصحو على وقع ممارسات وانتهاكات إجرامية بدائية بحق النساء تنتهكها حركات إرهابية، تعيد النساء الى عصور مظلمة غابرة. كانت منظمات كداعش والقاعدة وجبهة النصرة وحركات سلفية أخرى تقوم بإحياء المتاجرة بالنساء والنخاسة وفرض البرقع الأسود ومنع خروج النساء من بيوتهن، وكانت ثورة يناير التي شكلت رافعة عظيمة ببداياتها للمشاركة السياسية للنساء، تنحدر، حيث تحول استخدام التحرشات الجماعية الممنهجة ضد النساء في مصر من اجل اهداف سياسية، في المقابل استفحل الخطاب الاصولي الرجعي. هذه الفجوة بين ما وصلت له الخطابات النسوية والحركات النسوية من إنجازات من جهة والممارسات الظلامية التي عادت للحياة بحق النساء شكلت صدمة للنسويات وللخطاب النسوي لم تنتهي اثارها بعد. النموذج الافغاني الطالباني للمرأة المغطاة بالكامل والمخفاة عن الانظار والذي بدا غريبا على الأقل كنموذج للحكم السياسي، تحول الى بارديجما حكم في أماكن واسعة في قلب العالم العربي الفجوة التي تمددت بين الخطاب النسوي العربي التقدمي وما بين الواقع في ارض الثورات أجبرت النسويات اللاتي تحمسن للثورات في بداياتها يعدن تقييم أثر هذه الثورات على مكتسباتهن ويعدن تقييم الاثار الاستراتيجية التي تركها الإسلام السياسي على مكانة المرأة[4]. الانكى ان الحركات النسوية والنسويات والناشطات وجدن انفسهن يتحاورن ويجادلن في قضايا شغلت رائدات الحركة النسوة كالحجاب والزواج المبكر والتعليم.

النساء والثورات- من المراة ثورة الى المراة عورة

تظهر الاحصائيات في مصر ان النساء شاركن بقوة في التظاهرات التي عمت ميدان التحرير في يناير 2011 وانتهت بسقوط مبارك. وبحسب البعض وصلت نسبة مشاركة النساء ما بين 40% -50% من المتظاهرين في الميدان[5] وكن من كل الفئات الاجتماعية والخلفيات الأيديولوجية، وهي نسبة غير مسبوقة للمشاركة النسوية في المظاهرات. وكان شعار الثورة عيش حرية وعدالة اجتماعية ، على اتساعه شعارا واعدا لتطوير واقع النساء كمواطنات متساويات وحرات. وبرزت أسماء نسائية قيادية منها الناشطة أسماء محفوظ ونوارة نجم . غير ان هذا التفاؤل اصابته صفعة مدوية في يوم 8 اذار في يوم المرأة الأول بعد الثورة، حيث تعرضت مسيرة نسوية تطالب بالمساواة بين الجنسين الى التحرش والاعتداءات اللفظية، وفي اليوم التالي تم فض اعتصام في الميدان بالقوة واعتقلت 18 فتاة تم ترحيلهن إلى السجن الحربي واجبرت منهن سبعة على الأقل لإجراء فحوص عذرية، بحجة الاحتراز من قبل الجيش ضد اتهامهن مستقبلا باغتصاب المعتقلات.[6] وقد بدأ يظهر بسرعة ان الصراع اخذ في التبلور بين تيارين لا يكترثان بحقوق المرأة على اقل تقدير هما التيار الإسلامي الذي كان التيار الوحيد المنظم من جهة وتيار العسكر الذي بيديه مصادر القوة والقمع من جهة أخرى فيما بدأ تهميش القوى الشبابية والنسائية والمدنية ولم تتعدى نسبة النساء 2% من أعضاء البرلمان بعد انتخابات 2012[7] التي أتت بالاخوان لحكم مصر ، وبحسب تقرير المركز المصري لحقوق المرأة  "(2012) عام الخروج الكبير للمرأة المصريه"،  احتلت مصر المركز الاول بتراجع الدول في مجال المشاركة السياسية حيث وصلت الى المركز (126)  عام 2012[8] . وناهيك عن الانتكاسة في التمثيل فقد شهدت مصر تحول التحرش الجنسي الى أسلوب ممنهج لترهيب النساء من المشاركة في المظاهرات والاعتصامات ووصل حد الاغتصاب في ميدان التحرير في ذكرى الثورة الثانية[9]. وبحسب "قوة ضد التحرش والاعتداء  الجنسي " شهد ميدان التحرير في الذكرى السنوية الثانية لاندلاع الثورة المصرية – جرائم مروعة في حق النساء المشاركات في التظاهرات وإحياء ذكرى الثورة. حيث تلقت “قوة ضد التحرش والاعتداء الجنسي تسعة عشر بلاغاً بخصوص اعتداءات جنسية جماعية في محيط ميدان التحرير وصل بعضها إلى محاولات قتل أو تسبب في عاهات مستديمة". لا يعرف احد بالتحديد وبشكل قاطع من كان يقف وراء الاعتداءات على النساء في الأماكن العامة، ولكن الأكيد ان هذه الاعتداءات كانت ممنهجة ولها اهداف سياسية لترهيب النساء أولا وبث مشاعر انعدام الأمان والفوضى ثانيا. وفي الحالتين كانت المراة بمثابة أداة لبث رسائل سياسية، يستخدمها العسكر للتدليل على عدم قدرة الاخوان على ضبط الامن العام ويستعملها الاخوان للتدليل على ضرورة منع الاختلاط! ومع انقلاب السيسي وانهاء حكم الاخوان، تم فعليا إعادة مسألة حقوق المرأة ومكانتها الى سابق عهدها في زمن مبارك أي كموضوع اداتي يستخدم وفق المصالح السياسية وليس مسألة مواطنة.

وقد كان حظ المرأة المصرية بالتأكيد افضل من حظ المراة السورية ، اذ تشير الإحصاءات التي نشرتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريره نشرته 25 نوفمبر  بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء 2013، إلى أنّه ومنذ اندلاع الثورة السورية، تم قتل ما يقارب 11 ألف امرأة، كما قد تم تسجيل أكثر من 7500 حالة عنف جنسي من بينها 850 حالة حدثت في داخل المعتقلات، ومن بينها ما لا يقلّ عن 400 حالة عنف جنسي لفتيات ما دون سن الثامنة عشرة. وقد بلغ عدد النساء النازحات داخليًا قرابة 2.1 مليون امرأة، وأكثر من 1.1 مليون امرأة لاجئة [10]وبحسب احصائيات  المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين  تعيل أكثر من 145000 امرأة سوريّة لاجئة في مصر أو لبنان أو العراق أو الأردن عائلتها في أماكن اللجوء، في ظلّ أوضاع معيشية صعبة.[11] اما في اليمن ورغم المشاركة الضخمة للنساء في المظاهرات عشية إزاحة صالح الا ان تدهور الحال الى حرب أهلية أطاح بآمال النساء بالتغيير.

فعليا يمكن ان نرى ان النساء كن في مقدمة الثورات التي رفعت شعار الحرية والعدالة والكرامة، لكنهن ذيلن مع مآلات الثورات وتحولها الى حروب اهلية وثورات مضادة سواء في سوريا واليمن وليبيا ، إضافة الى العراق الذي كان في قلب الجحيم منذ عقد ونيف. في زمن قياسي انتقلت النساء من ثورة الى عورة، وتحولت أجساد النساء الى جزء من ساحات المعارك التي يراد ضبط السياسة من خلالها، واحد أدوات الصراع  على السلطة بين الحركات الإسلامية الأصولية والأنظمة القمعية،  بما يذكر بما كتبته قبل الثورات فاطمة المرنيسي في كتابها الخوف من الحداثة: الاسلام والديموقراطية : ان السلطان الذي يعاني أزمة ويواجه هيجانات الجوع أو الانتفاضة الشعبية يبدأ في الحال بتطبيق اجراءين يحتلان دائما المقدمة في كل استراتيجية تصحيح : تدمير المخزون من الخمور ومنع النساء من الخروج ومن استخدام وسائط النقل التي يستخدمها الرجال"[12] . كانت المشكلة في الثورات العربية اذاً ان منظومة السلطان أي السلطة التقليدية متجذرة وصلبة وموزعة عبر مؤسسات الهيمنة والثقافة الذكورية التي تتمركز حول القومية الذكورية وحين يتعلق الامر بتحديها تستقطب كل مخزونها القمعي وموروثها الممتد الى ما قبل التاريخ  من اجل التشبث به. في هذا السياق صدمت كما يبدو صلابة الموروث الذي يتعامل مع المرأة كشيء يساق وفق ارادات الذكورة المهيمنة ورغباتها الحركات النسوية.

الخطاب النسوي-الصدمة والعمل في دوائر الخوف:

تشير ادبيات الإسلاميين الى ان احد الاثار المحمودة للثورات العربية هو اضعافها للحركات النسوية "التغريبية"، وهي التسمية التي تستخدمها التيارات الإسلامية الأصولية للإشارة الى الحركة النسوية العربية، حيث ترى هذه الادبيات ان هذه الحركات كانت اكبر خاسر من الربيع العربي. وينطلق هذا الاعتقاد بدرجة أساسية من واقع الحال الذي وصلت له دول الربيع العربي من حيث تمدد الحركات الإسلامية وسيطرتها الى حد بعيد على الثورات كما في سوريا وليبيا، ومن تحولات الربيع العربي من بداياته المدنية الديموقراطية الواعدة الى سيطرة قوى تقليدية واسلاموية وأخرى مضادة للثورة كما هو الحال في اليمن ومصر على ايقاعه ومجرياته. ويضاف الى هذا مواظبة  الخطاب الاسلاموي بنقد خطاب الحركات الإسلامية العلماني واعتباره غربي تابع ومذيل للغرب من جهة وربط الحركات النسوية مع الأنظمة الفاسدة ومؤشرها النسوي الفوقي والغربي المتمثل بفكرة ال"سيدة الأولى"  راعية الحركات النسوية التغريبية[13].هذا الموقف الرافض للحركات النسوية لم يتم إخراجه في بدايات الثورة ، بل ان الحركات السلفية قامت باستخدام النساء بشكل ذرائعي وشجعت بعض الممارسات الإشكالية من جهتها،  حيث تم مشاركة النساء الداعمات للحركات السلفية للمشاركة في التظاهرات الداعية لإسقاط الأنظمة في مصر واليمن وتونس لكن مع سقوط هذه الأنظمة، غير ان هذه المشاركة كانت ضمن "استغلال" الطاقات النسائية من اجل الترويج للفكر السلفي والاسلاموي، ويتوازى مع ظهور وتأسس نمط "المرأة الداعية" المناقض للنسويات العلمانيات[14]!

 وفي هذا السياق اشارت أمال القرامي، الأستاذة في جامعة منوبة، في دراستها "دوائر الخوف:التونسيات والتيارات السلفية" الى ترويج الظاهرة السلفية لثقافة  "كره النساء"، وأشارت ان الظاهرة السلفية تحمل خطاب متشدد يُطالِب بعودة المرأة الى البيت ويتمسك بحرفية النص بعيداً من أي صلة بالواقع وبما يُعرف بـ "مقاصد الشريعة"، والمستجد هو الأسلوب العنيف لدى شباب السلفية لفرض الرأي.

ان النظرة المتفحصة لتحولات الثورات العربية تظهر  ان التغير الأبرز والتحدي الأخطر للحركات النسوية والتقدمية الذي تقف امامه اليوم والذي خلق حالة من الصدمة في صفوفها هو في تحول خطاب الترهيب الاصولي تجاه النساء وحقوقهن من خطاب نظري الى ممارسة فعلية لفرضه كما حدث في الأماكن التي تسيطر عليها داعش وجبهة النصرة من حيث منع النساء من الخروج الا مغطيات بالسواد الكامل ومنعهن من العمل والاختلاط، ناهيك عن احياء ممارسات مظلمة ك"السبي" والمتاجرة بالنساء والاغتصاب كعقاب حربي .حيث وصل التطبيق العملي للفكر الاصولي تجاه النساء اقصى حالاته الترهيبية!

وبخلاف الحركات الاسلاموية الإرهابية روجت الحركات الإسلامية المهيمنة والتي تطرح نفسها كحركات وسطية وليست متطرفة كالنهضة والاخوان المسلمين لخطاب " قمعي ناعم “تجاه النساء ، حيث كانت هذه  الحركات  فعليا تمارس ازدواجية الفعل والقول. وفي هذا السياق اشارت رجاء بن سلامة المفكرة التونسية في مقالة لها عن «المرأة في خطاب حركة النهضة» عن التناقض في أدبيات حركة النهضة تجاه حقوق النساء السياسية والاجتماعية. وأبرزت الباحثة بشكل خاص ازدواجية آراء راشد الغنوشي وغيره من أعلام الحركة لتخلص الى أنّه لا تغيير نوعياً في لبّ فكر الحركة إلا على أساس ذرائعي[15]. لكن هنا من المهم الإشارة الى نقطة محورية في التجربة النسوية في تونس، التي تمخضت عن مراجعة النهضة لطريقها السياسي، ويرتبط الامر هنا بتقاطع مجموعة عوامل على رأسها وجود خطاب نسوي تحرري جريئ، وقوة المنظات النسوية وتحالفها مع حركات مهمشة كالعمال، إضافة الى وجود مساحة لثقافة ليبرالية وحقوق انسان، هذا التقاطع بين عدة عوامل خلق فرصة مميزة للتاثير ادت الى مراجعة النهضة لاسلوبها.

للتلخيص يمكن القول ان انتكاس الثورات العربية أصاب الحركة النسوية بصدمة بفعل انهيارات الربيع العربي والانحدار نحو ممارسات ظلامية تجاه النساء في بعض الدول. النسويات اللاتي كن قد قطعن شوطا كبيرا من حيث التنظير والفكر، والحركات النسوية التي ظنت انها تجاوزت مسائل حقوق أولية للنساء كالحق في العمل والتعليم، وجدن انفسهن يناقشن من جديد قضايا النسويات الأوائل كقضية الحجاب الذي ناضلت ضده قبل اكثرمن مئة عام هدى الشعراوي، او قضايا الحق في المشاركة السياسية التي خاض بها رواد النهضة العربية كالطنطاوي وقاسم امين.

لكن هذا النكوص نحو البدايات، على مأساويته قد يكون علامة فارقة ليس فقط للحركات النسوية بل كل الحركات التقدمية المشغولة بعلاقة الدولة والمواطنة بضرورة تحويل قضية حقوق النساء ومساواتهن وتحريرهن من تشيئهن  الى قضية امن قومي واهم القضايا  التي يجب التصدي لها عبر التأسيس لمواطنة متساوية وتقدمية بالكامل وتحييد الدين عن السياسة بالكامل ، لان قضية "المرأة" تحولت الى مادة متفجرة  للاستخدام للاستقطاب من قبل القوى الظلامية من اجل تهديم الامن والأمان في المجتمعات التي طالها الربيع العربي!

 

[1]Fatima Mernissi, Women and Islam: An historical and theological enquiry; translated by Mary Jo Lakeland, Oxford: Blackwell, 1994, see also Fatima Mernissi, The veil and the male elite: a feminist interpretation of women’s rights in Islam ; translated by Mary Jo Lakeland, Reading, Mass. : Addison-Wesley Publishing Co., Inc., 1991.

 

[2] Leila Ahmad, Women and Gender in Islam, Yale University Press, 1992.

[3] Saba Mahmoud, Politics of Piety: The Islamic Revival and the Feminist Subject, Princeton University Press; 2005.
 

 

[4]  انظر ريتا فرج (محررة) المرأة في العالم العربي وتحديات الإسلام السياسي، مركز المسبار للدراسات والبحوث دبي 2013.

[5] Niklas Albin Svensson. "The key role of women in the Egyptian revolution"In Defence of Marxism. Retrieved 25 June 2015.

[6]  زينب البقري "مصر: المرأة والثورة في مصر. ثلاث سنوات بين التمكين والتهميش" في فكر اونلاين، 8 مايو 2015: https://goo.gl/ZFmKTH (اخر مشاهدة 6 نوفمبر 2016)

[7]  مراحل تطور التمثيل النسائي في البرلمان المصري، موقع اغورا.  8. أكتوبر 2015.   https://goo.gl/kWm7kf (اخر مشاهدة 6 نوفمبر 2016)

 

 [8]  وكالة أخبار المرأة ،"النساء في دول الثورات العربية والإصلاحات السياسية والتحولات الديمقراطية خارج إطار الإستراتيجية الإقليمية حول حماية المرأة العربية : الأمن والسلام" ،وكالة أخبار المرأة، 21 مايو 2013، : https://goo.gl/Aw7SNd (اخر مشاهدة 2 نوفمبر 2016)

 

 

[9]   المركز المصري لحقوق المرأة، "المرأة المصرية وجماعة الاخوان المسلمين: استخدام مفرط وانتهاكات بالجملة" المركز المصري لحقوق المراة1 سبتمبر 2013 : https://goo.gl/nZEvCA   ((اخر مشاهدة 6 نوفمبر 2016)

 

 [10] الشبكة السورية لحقوق الانسان، "في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة: ما هو حال العنف ضد المراة السورية"25 نوفمبر، 2013: http://sn4hr.org/arabic/2013/11/25/1487  . (اخر مشاهدة 10.11.2016)

 [11]  المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين  " 145,000 من اللاجئات السوريات يصارعن من أجل البقاء فيما يرأسن أسرهن بمفردهن"، 8 يوليو 2014: http://www.unhcr.org/ar/news/latest/2014/7/53b52f8d6.html (اخر مشاهدة 10.11.016)

[12] فاطمة المرنيسي ، الخوف من الحداثة-الإسلام والديموقراطية، دمشق : دار الجندي , 1994.

[13]  انظر على سبيل المثال الى كتابات الهيثم زعفان وهو كاتب اسلاموي سلفي مصري عن النسوية والتغريب : الحركة النسوية وخلخلة المجتمعات الإسلامية- المجتمع المصري نموذجاً، مجلة البيان عام 2006، التمويل الغربي وشراء الفكر في العالم العربي- مجلة البيان-2011، وعن اثر الثورات العربية على اضعاف الحركات النسوية انظر للكاتب :" المرأة السورية وفشل الحركة النسوية" موقع المسلم، 2.2.2016 : http://www.almoslim.net/node/251086 (اخر مشاهدة 9.11.2016)

[14]  انظر مثلا : نساء التيارات الإسلامية ودخولهن الساحة السياسية.. السلفيات والإخوانيات نموذجًا، موقع بوابة الحركات الإسلامية، 13.6.2014 : http://www.islamist-movements.com/2780 (اخر مشاهدة 9.11.2016)

 

[15]  رجاء بن سلامة " المرأة في خطاب حركة النهضة" في ريتا فرج (محررة) المرأة في العالم العربي وتحديات الإسلام السياسي، مركز المسبار للدراسات والبحوث دبي 2013.