الرئيس السوري يصنع في لبنان: أثر الشائعات على الانتخابات الرئاسية السورية في لبنان

ناشطون من منطقة كفرنبل السورية يعلّقين على الإنتخابات
Teaser Image Caption
ناشطون من منطقة كفرنبل السورية يعلّقين على الإنتخابات

شكلت الانتخابات الرئاسية السورية حدثاً خاصاً بالنسبة للسوريين وللبنانين على حد سواء، حيث أن إجراء انتخابات رئاسية يعني إطالة أمد الأزمة الانسانية والسياسية بالنسبة للسوريين وبالنسبة للمجتمعات والدول المستضيفة لهم. وفي حين أن دافع بعض المشاركين في الانتخابات ناجم عن رغبة داخلية، إلا أن دافع البعض الآخر كان الخوف من تبعات عدم المشاركة فيها، حيث انتشرت مجموعة من الشائعات التي تحض على المشاركة وتتوعد بنزع الجنسية أوعدم السماح بدخول سوريا في حال عدم المشاركة. نجم ذلك عن مجموعة من العوامل التي سيحاول هذا المقال تناولها، وذلك من خلال تسليط الضوء على الظروف التي أنتشرت فيها الشائعات وردود فعل الناس عليها.

هاجس إسقاط الجنسية

مع ازدياد حدة الصراع المسلح - الذي نجم عن الاستخدام المفرط للقوة من قبل نظام الأسد ضد مواطنيه الذين تظاهرو بشكل سلمي مطالبين بالتغيير السياسي- بدأت تنتشر أخبار عن خطط لتقسيم سوريا إلى عدة دول يشغل بشار ومؤيديه إحداها. وبالرغم من عدم وجود أخبار موثوقة تؤكد هذه المعلومات، إلا أنها خلقت شعور لدى عدد كبير من اللاجئين السوريين بأن النظام السوري يحضر بشكل سري لقرار يسقط عنهم الجنسية- نتيجة عدم موالاتهم له-  وذلك لتشكيل الدولة التي يطمح لها في ظل عدم قدرته على بسط سيطرته على كامل الأراضي السورية. هذا الشعور بالريبة شكل أرضية خصبة لدى العديد منهم لاستقبال ونشر أي إشاعة تحاكي مخاوفهم من عدم القدرة على العودة إلى مناطقهم. في هذا السياق، انتشرت أخبار عن مشاريع قوانيين ساهمت في إعطاء دفع قوي للشائعات المحرضة على المشاركة في الانتخابات الرئاسية، لعل من أهمها:

أنا مو سوري

مع نهاية عام 2013 انتشرت بشكل كبير شائعات عن مشروع قانون لإسقاط الجنسية عن كل سوري شارك ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻝ مناهضة لنظام الأسد ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ، ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﺴﻼﺡ، ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ، ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺾ، ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ، ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺴﻬﻴل[1]. انتشرت هذه الشائعة بسبب اعتقاد بعض اللاجئين بأن القانون الناظم لسمات دخول (فيز) غير السوريين إلى سوريا وإقامتهم فيها، يشمل السوريين أيضاً ، أي أنهم سيعاملون معاملة الاجانب في بلدهم. وبالرغم من عدم صحة هذه الشائعة إلا أن جزء من السوريين المقيمين في الخارج لازال يتداول هذه الاشاعة ويعتقد بصحتها، لاعتقادهم بأن النظام السوري قد يستخدم هذا القرار كوسيلة للتخلص من خصومه السياسين وللضغط على الدول التي تستضيفهم، حيث أن تجريد السوريين الموجودين في الخارج من جنسيتهم يعني بقائهم في الدول المستضيفة لهم.

هويات جديدة، لمين؟

أعلن وزير الداخلية السوري خلال إحدى جلسات مجلس الشعب في شهر آذار، 2014 بأن الوزارة بصدد إصدار هويات جديدة بعد أن تم رصد المبالغ اللازمة لها، متوقعاً البدء بهذا المشروع في النصف الثاني من العام الجاري[2]. وبالرغم من تنويه المسؤولين إلى أن المشروع كان قيد الدراسة قبل بدء الازمة في البلاد وغير مرتبط بالوضع الراهن إطلاقاً، إلا أن هذا الموضوع أثار كثيراً من الشكوك حول النوايا الحقيقة التي يخفيها النظام خلف هذا الإعلان، خصوصاً مع ارتفاع تكلفة هذا المشروع التي قدرت ب 28 مليون يورو في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة. إن عدم وضوح آلية تطبيق هذا المشروع وتوقيته دفع البعض لربطه بالانتخابات الرئاسية، إذ لن يتمكن سوى الموالين للنظام في المناطق الخاضعة لسيطرته من الحصول على بطاقات الهوية الجديدة. كما لم  يستبعد البعض أن يعرقل المشروع عودة السوريين النازحين واللاجئين، داخل وخارج البلاد، إلى مدنهم ومنازلهم، هذا عدا عن تعقب الممتنعين عن أداء خدمة العلم داخل البلاد بهدف الاعتقال. وفي هذا الإطار، اعتبر الكثيرين أن هذا الإجراء سيكون بمثابة تعليق الجنسية السورية لأكثر من نصف السوريين، وأغلبهم من معارضي النظام.  

الاستيلاء على المنازل وتأجيرها، ليش؟

قامت وزارة العدل في شهر أيار 2014  بمناقشة اقتراح قاضي بتأجير المنازل والعقارات التي تركها أصحابها وغادروا، لمواطنين سوريين آخرين. وقد تم تبرير المقترح من باب الحرص على فتح المنازل الآمنة والمغلقة للتخفيف من معاناة الكثير من السوريين الذين تشردوا و فقدوا منازلهم، على أن يتم تأجير تلك المنازل بأجور تقدرها اللجنة، والاحتفاظ بالأجور في صندوق خاص وتُعطى لأصحابها عند عودتهم من خلال كشوف تسليم تنظمها اللجنة[3]. غير أن ضبابية هذا الاقتراح وتوقيته المرافق للتحضير للانتخابات الرئاسية، ساهم في تعزيز الشكوك بأن هناك شيء يحاك ضد المعارضين لنظام الأسد. حيث لم يوضح الاقتراح فيما إذا كان سيتم الحصول على موافقة أصحاب المنازل التي من المُزمع فتحها أو حتى البحث عن أقارب أو وكلاء لهم داخل سوريا أو خارجها، وما هي النسبة التي ستحصل عليها الجهات الرسمية، وكيفية تنفيذ عمليات التأجير، ومصير محتويات تلك المنازل ألخ. الأمر الذي أثار مخاوف من قوننة الاستيلاء على الملكية الخاصة لعشرات آلاف السوريين الذين غادروا البلاد تحت ضغط الإضطرابات الأمنية خاصة مع ما أبدته الجهات الرسمية من تحيّز لصالح مؤيدي النظام.

 وقائع ساهمت في انتشار الشائعات

حتى هون بلبنان.. بيلحقونا

نشرت وكالة رويترز، نقلاً عن لاجئين سوريين في لبنان، عن تجول رجال في مخيمات اللاجئين في سهل البقاع اللبناني يسألون عمن يريد التصويت في الانتخابات الرئاسية ويسجلون الأسماء. بحسب رويترز فإن الرجال كانو يعرفون عن انفسهم على أنهم أعضاء بحزب لبناني متحالف مع بشار الأسد. حيث كان وجودهم تذكرة لأكثر من مليون لاجيء سوري في لبنان بأنهم ما زالوا بمتناول يد الأسد.

تحدث بعض اللاجئين همسا عن رجال ضخام البنية في سيارات داكنة النوافذ ظهروا دون سابق إنذار وطالبوهم ببطاقات الهوية وسجلوا أسماءهم. ويقولون إن سيارات ستجيء يوم الانتخاب لنقلهم للسفارة السورية، وأن من لن يدلي بصوته سيمنع من دخول سوريا مرة أخرى. تضيف الوكالة بأنه لم يظهر من خلال أكثر من 12 مقابلة أجرتها ما يؤكد ترهيب اللاجئين السوريين لكن وجود رجال يحملون أوراقا عليها شعار السفارة السورية كاف لإثارة القلق في نفوس كثيرين خصوصاً مع التاريخ الحافل لمماراسات النظام السوري الوحشية في لبنان، ووجود حلفاء اقوياء له فيه[4]

كما نشرت جريدة المستقبل عن تسيير موكب نازحين ومقيمين سوريين إلى سفارة بلادهم تحت طائل ترهيبهم في مناطق إقامتهم وعملهم من قبل حزب الله وحلفائه الموالين للنظام السوري. حيث روى لـ«المستقبل» حارس سوري في أحد المباني في بيروت كيف حضرت عناصر حزبية من 8 آذار إلى مسكنه وأمرته بالحضور مع عائلته في اليوم التالي إلى إحدى نقاط التجمع المخصّصة لنقل السورييين إلى السفارة، مشيراً إلى أنّ معظم الذين يعرفهم من السوريين اقتيدوا بهذه الطريقة الترهيبية أمس من دون مقاومة خشية الانتقام منهم أو طردهم من أماكن سكنهم وعملهم. فيما تحدثت مصادر ميدانية لـ«المستقبل» عن مصادرة وحجز الأوراق الثبوتية لعدد من النازحين السوريين قبل أيام من الانتخابات لضمان حضورهم ومشاركتهم فيها، بينما تم تهديد آخرين بوسائل ابتزازية مختلفة مثل التلويح بعدم تجديد جوازات سفر المتخلفين عن الاقتراع للأسد وعدم منحهم بطاقات عودة إلى سوريا[5].

كما تحدث لاجئون آخرون لموقع ميديا ناو عن قيام رجال لبنانيين بزيارة بيوتهم وإجبارهم على الخروج بمسيرات تأييد لبشار الأسد. " خرجنا إلى الشوارع وحملنا صور بشار الأسد خوفاً من التعرض للإهانة. كما أجبرونا على التصويت له، لا خيار لدينا سوى فعل ما يجبرونا عليه لأنه لا وجود لحكومة لتحمينا"[6]

وكشفت ناطقة بإسم مكتب المفوضة السامية للامم المتحدة للاجئين في لبنان، نينيت كيللي، في سياق حديث ادلت به إلى "النهار" وفي إطار تعليقها على مشاركة اللاجئين في الانتخابات، إلى أن المفوضية تلقت تقارير "تفيد أن هناك لاجئين شعروا بأنهم في وضع غير آمن مع اقتراب موعد الانتخابات في سوريا كما انه جرى تشجيعهم على التصويت فشعروا بأنهم غير مرتاحين الى سلامتهم." [7]

لا تدفّش:

أدى تزامن توافد أعداد كبيرة من السوريين المقيمين في لبنان إلى مقر السفارة السورية في اليرزة، في باصات وشاحنات استؤجرت للمشاركة في الانتخابات الرئاسية إلى تشكيل زحمة خانقة لساعات طويلة منعت معظم الاشخاص من القيام بأعمالهم أو الوصول اليها، حيث شمل تعطيل المرور عدد من المناطق الحيوية. الأمر الذي دفع بالناخبين إلى اكمال الطريق سيراً على الأقدام ملوحين بالأعلام السورية، وصور الأسد، ورايات «حزب الله»، مرددين شعارات مؤيدة لبشار والحزب، الأمر الذي أثار غضب كثير من الأشخاص العالقين في الزحمة وخاصة أولئك المعارضين للأسد الأمر أدى إلى  مشادات بين الناس العالقين في سياراتهم وبين الهاتفين للأسد.

إن عدم تنظيم الدور وتسليط الضوء على هذه الزحمة الناجمة عن الانتخابات ساهمت بتوليد حالة من الرعب لدى بعض السوريين الذين كانوا مترددين بالذهاب إلى الانتخابات، الأمر الذي ترافق مع تمديد الانتخابات في السفارة ليوم إضافي. وقد ساهمت بعض وسائل الاعلام بتضخيم أعداد المتوجهين للانتخابات الأمر الذي ساهم في زيادة انتشار الشائعة وزيادة قوتها.

وعلى الرغم من أن البعض ألقى اللوم على الدولة اللبنانية التي كان يجب أن تتوقع ما حصل وتمنع حصوله، فقد رأى البعض الآخر أن الإزدحام المروري الذي حصل كان مقصوداً، حيث تعمّد منظمو التحرك توجيه الحافلات والسيارات التي تقلّ السوريين إلى اليرزة في وقت واحد بغية حصول الإزدحام وتسليط الضوء إعلامياً على المشاركة الكثيفة وبالتالي ترهيب عدم الراغبين بالانتخابات ودفعهم للمشاركة.

ردور الفعل ضد اللاجئين السوريين

رجعوا على سوريا الأسد:

" شو هالشعب ما عندو ذرة كرامة ، والله ما عاد احزن على حدا فيون لانو كلن بدن ابادة"، "انقلعو عبلدكون يا بجم"، هذه هي عينة بسيطة من التعليقات التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل مواطنيين لبنانيين احتجاجاً على الانتخابات الرئاسية السورية التي حدثت في لبنان. غير أن شعور الغضب تجاه السوريين الموجودين في لبنان عموماً و اولائك الذين هتفوا لبشار الأسد وحملوا صوره بشكل خاص لم تقتصر على ردود شعبية بل كان له صداه أيضاً  على الموقف الرسمي للقوى السياسية اللبنانية عموماً وتلك المعارضة لنظام الأسد خصوصاً، حيث تجلى موقف قوى 14 آذار بتصريح عضو الأمانة العامة لهذه القوى النائب السابق مصطفى علوش لـجريدة النهار " إن 14 آذار ترى ان هذه المجموعة من الناس مؤيدة للأسد وتحبه، فلا تنطبق عليها صفة اللجوء، لهذا على الدولة اللبنانية أن تأخذ القرار في اعادتهم إلى ديارهم." [8]. كما صرّح وزير العمل سجعان قزي لـ النهار بأن "ما شهده لبنان امام السفارة السورية من تجمعات يكشف ان هؤلاء اللاجئين ليسوا لاجئين وانما هم قوات بشرية جديدة على غرار قوات الردع السابقة." وأضاف: "ما دام ان الآلاف المؤلفة الموالية للنظام السوري سعوا الى انتخابه فهذا يعني انهم يستطيعون العودة فورا الى مناطق النظام الذي وسّع نطاق سيطرته في سوريا. لذا، فإنني سأطلب في مجلس الوزراء اتخاذ موقف حازم لإعادة هؤلاء الى سوريا في أسرع وقت ممكن."[9]. كما دعى الكثير من اللإعلاميين والفنانين المقربين من قوى 14 آذار إلى ترحيل السوريين. ففي برنامج DNA طالب الإعلامي نديم قطيش بمقاومة اللاجئ السوري الموالي لبشار الأسد وطرده من لبنان[10]. الملفت للنظر هنا، هو أن ردود فعل الفئات المعارضة للأسد لم تأخذ بعين الاعتبار المعلومات التي تداولتها جهات لبنانية ودولية والتي تؤكد ممارسة النظام السوري وحلفائه لضغوط متنوعة على اللاجئين السوريين، للاقبال على الاقتراع لمصلحته تحت طائلة تخويفهم من اجراءات تراوحت بين تعريضهم للملاحقة او امتناع السلطات السورية عن اعطائهم اذونات دخول وخروج او جوازات سفر.

 ويمكن تفسير جزء من هذا الغضب بسبب الزحمة الخانقة التي سببه توافد السوريين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، في حين يعود جزء آخر منه إلى استهجان مشاركة السوريين في إعادة انتخاب الأسد بعد كل ما قام، ومازال يقوم به، من جرائم في سوريا ولبنان. وعلى الرغم من أن موقف اللبنانيين عموماً لم يقتصر على الاستهجان والنقمة حيث فرح حلفاء النظام السوري بهذا النصر المعنوي، في حين حاول آخرين ايجاد تفسيرات عقلانية لما حدث لكي لا يتم لوم الضحية ونسيان المجرم الحقيقي، إلا أن نسبة كبيرة من اللبنانيين وحتى السوريين المعارضين لنظام الأسد شعروا بالكره تجاه مؤيدي الأسد المنتخبين. كما أن ردود الفعل لم تقتصر على التصريحات العنيفة فقط حيث شهد لبنان سلسلة من الإشكالات الأمنية وردود الفعل الانتقامية، كان أبرزها حرق مخيم في بلدة جديتا البقاعية شرق لبنان، يقطنه نحو مائتي لاجئ سوري[11].

نزع صفة لاجئ:

أعلن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، مع بداية شهر حزيران 2014، قرارا يقضي بنزع صفة النازح عن اللاجئين السوريين في لبنان الذين يدخلون الأراضي السورية، وذلك  بعد ايام على الضجة التي أثارها مشاركة النازحين السوريين في الانتخابات الرئاسية. وجاء في بيان صادر عن وزير الداخلية «في إطار عملية تنظيم دخول وخروج الرعايا السوريين إلى الأراضي اللبنانية، يطلب الى جميع النازحين السوريين والمسجلين لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) الإمتناع عن الدخول إلى سوريا إعتباراً من أول حزيران/ يونيو 2014 تحت طائلة فقدان صفتهم كنازحين في لبنان. إن هذا التدبير يأتي انطلاقاً من الحرص على الأمن في لبنان وعلى علاقة النازحين السوريين بالمواطنين اللبنانيين في المناطق المضيفة لهم، ومنعاً لأي احتكاك أو استفزاز متبادل"[12].

أثار القرار قلق كبير بين أوساط اللاجئين السوريين في لبنان حيث اعتاد بعضهم التوجه إلى سوريا لأسباب متعددة على رأسها الحاجة لتجديد الإقامة، تفقد ممتلكاتهم (منزل، محل تجاري، أرض ألخ)، الحصول على وثائق رسمية، زيارة أفراد العائلة المنواجدين في سوريا، شراء دواء للامراض المزمنة لانها أقل ثمناً في سوريا، ومعاينة حالة المنطقة السكنية وما إذا أصبحت الظروف مناسبة للعودة أم لا. فالقرار لم يميز بين اللاجئين التي تدفعهم حالات إضطرارية للسفر إلى سوريا وبين اولئك الذين يقيمون في سوريا لكنهم مسجلين في لبنان.

 ومن المفيد التنويه هنا إلى أن شروط دخول النازحين لا تختلف عن شروط دخول غير النازحين من السوريين إلى لبنان، بموجب المعاهدات الموقعة بين لبنان وسوريا. لكن ما يقلق النازحين السوريين هو أن إسقاط صفة اللجوء عنهم يعني حرمانهم من المساعدات المادية والعينية التي تأتي بمعظمها من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

حرب شائعات افتراضية

حاول البعض محاربة الشائعات المحرضة على المشاركة في الانتخابات التي اطلقها اشخاص مؤيدون للنظام، عن طريق استخدام شائعة مضادة مفادها أن مفوضية اللاجئين ستقوم بنزع صفة لاجئ عن كل من يقوم بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية. تم تداول هذه الشائعة مع  شعار المفوضية Logo)) عن طريق إرسالها على خدمات الدردشة Chat)) وبخاصة الواتس آب (WhatsApp).

كما تم نشر الشائعة التالية " إلى كل الاحبة السوريين الذين ذهبوا للمشاركة بالانتخابات الرئاسية خوفا من عدم السماح له بالعودة إلى الوطن " سوريا إن السفارات السورية في الخارج ستقوم برفع جميع أسماء الناخبين إلى الأمم المتحدة لإظهار مدى تأيد الشعب السوري لنظام بشار الأسد وبناء على مادة في النظام اﻷساسي للمساعدات لدى مفوضية اللاجئين سيتم تطابق اسماء الناخبين مع الاسماء الموجودة في قوائم المساعدات لدى الفوضية وفصل كل من شارك في الانتخابات لأن المساعدات موجهة لمن لا يستطيع العودة إلى منزله وغادر بلاده هربا من ظلم النظام وسيتم ذلك وفق المبدأ الانسانيNo Home." تم نشر هذه الشائعة بشكل أساسي على الفيس بوك.

غير أن هاتين الشائعتين لم يتم تداولهما على نطاق كبير بين اللاجئين السوريين وبالتالي كان تأثيرهما محدود وذلك لعدة اسباب أهمها: 1) معظم اللاجئين لا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي وخدمات الدردشة، والتي هي الوسائل الاساسية التي اعتمدت لنشر هذه الاشاعة 2) الناس يشعرون بخوف أكبر تجاه النظام منه تجاه مفوضية اللاجئين، 3) نفي مفوضية اللاجئين هذه الرسالة المنسوبة إليها من خلال إرسال رسالة نصية إلى جميع اللاجئين السوريين المسجلين لديها.

خاتمة:

بالرغم من عدم القدرة على التحقق من أثر هذه الشائعات على إقبال السوريين المتواجدين في لبنان على المشاركة في الانتخابات الرئاسية إلا أن الملاحظة المباشرة لردود فعل بعض السوريين خلال الانتخابات تثبت أن عدد منهم تأثروا بالشائعة، الأمر الذي أكدته أيضاً التقارير والمقالات التي تناولت هذه الانتخابات. إن الأثر السلبي لهذه الشائعات لم يتجلى في تأثيره على نتائج الانتخابات الرئاسية فقط، بل ساهم في انتشار شائعات أخرى محرضة ضد السوريين الموجودين في لبنان الأمر الذي زاد من حدة ردة فعل المجتمع المضيف ضدهم، أنعكس هذا في مطالبة عدد كبير من الصحفيين والسياسين والشخصيات العامة اللبنانية بطرد السوريين من لبنان.

 

[1] - مجموعة سورية الكترونية، 22/11/2011، (https://www.facebook.com/syriahereissyira/posts/249373365216192).

-[2] هويات جديدة في سوريا، داماس برس، 12/03/2014، (http://www.damaspost.com).

[3]- فتح المنازل الآمنة والمغلقة وتأجيرها، جريدة البعث، (http://ncro.sy/baathonline/?p=6300).

 

[4]- لمزيد من المعلومات اطلع على مقال: نحو ترميم العلاقات اللبنانية السورية، حايد حايد، 03/05/2013،

(http://lb.boell.org/ar/2013/05/03/nhw-trmym-llqt-llbnny-lswry)

[5]- حزب الله يؤمّن النصاب للأسد، جريدة المستقبل، 29/05/2014، (http://www.almustaqbal.com.lb).

A free election?, Nadine Elali, 28/05/2014, (https://now.mmedia.me/lb/en). -[6]

[7]- عراضة النظام السوري تُحاصر بيروت، موقع النهار الألكتروني، 29/05/2014، (http://newspaper.annahar.com).

[8]- لماذا لا يعود مؤيدو الأسد الى سوريا؟، محمد نمر، جريدة النهار، 28/05/2014، (http://www.annahar.com).

[9]- عراضة النظام السوري تُحاصر بيروت، موقع النهار الألكتروني، 29/05/2014، (http://newspaper.annahar.com).

[10]- برنامج DNA، نديم قطيش، 28/05/2014، (https://www.youtube.com/watch?v=eUxQcaMenxc&feature=youtu.be).

[11]- حريق كبير يلتهم عددا من خيم النازحين السوريين في جديتا، موقع لينانون فايلز، 31/05/2014، (http://www.lebanonfiles.com/news/721151).

[12]-  تحت طائلة فقدان صفتهم كنازحين، سعد الياس، القدس العربي، 01/06/2014، (http://www.alquds.co.uk/?p=175089).