"الكوتا النسائية": حل مؤقت لإشكالية مزمنة

لقاء في وسط المدينة، بيروت

لطالما عانت المرأة من التهميش السياسي والإجتماعي في "بلاد الأرز". وبالرغم من الكلام الكثير على لسان رجالات السياسة اللبنانيين عن أنّ النساء يشكّلن نصف المجتمع، إلا أنّ تمثيلهنّ ما زال إلى حدّ اليوم دون الحدود المقبولة. فمنذ العام 1952، تاريخ حصول المرأة على حق الإقتراع، ما زالت نسبة النساء اللواتي وصلن إلى احتلال مقعد نيابي ضئيلة جداً[1].  وكي لا نعود بالزمن إلى الوراء، يكفي النظر إلى المجلس النيابي الحالي لنرى بأنّ نسبة تمثيل النساء فيه لا تصل إلى 4% من عدد المقاعد الاجمالي: 4 مقاعد للنساء من أصل 128 مقعدا[2]. علماً أنّ عددهنّ في برلمان العام 2005 كان 6 نساء من أصل 128 نائبا[3]. وإذا كان تمثيل النساء قد تراجع في برلمان العام 2009 عن مثيله في العام 2005، فمشاركة النساء في المجالس المحلية ارتفع بشكل ملحوظ في الانتخابات المحلية للعام 2010، إذ تضاعف العدد بحوالي 100% عن انتخابات العام 2004. على أنّ هذا الارتفاع ما زال دون المرغوب والمطلوب، إذ وصل عدد النساء الفائزات بمقاعد المجالس المحلية في كل لبنان فقط إلى 526 مقعدا من أصل 11424، أي دون الـ5%[4]. أما على صعيد تمثيل المرأة داخل الحكومات المتعاقبة منذ العام 2004، تاريخ دخول العنصر النسائي في الحكومات اللبنانية، فلم يتعدّ السيدة أو السيدتين على أبعد تقدير. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على تمثيل المرأة داخل الهيئات العليا للأحزاب السياسية[5]. وبعيدا من تحميل النساء أي مسؤولية في ضعف التمثيل هذا، ما زال الرجال يسيطرون على سلطة القرار في المفاصل الأساسية للدولة، وهذا مرده ليس فقط إلى سيطرة المجتمع ذكوري، بل أيضا إلى عدم وجود قوانين تحمي المرأة وتساوي بينها وبين مكونات المجتمع الأخرى. هذا فضلا عدم التزام لبنان بالمعاهدات والمواثيق الدولية في ما يتعلّق بعدم التمييز ضد المرأة، لاسيما لناحية إقرار مبدأ "الكوتا النسائية" لتمثيل المرأة في مراكز صنع القرار، والتي ستساهم حتما في تفعيل دورهنّ في الشأن العام، وفي رفع نسبة مشاركتهنّ السياسية، ما يؤدّي بدوره إلى الحد من التهميش الحاصل.

أنواع الكوتا

يعتمد نظام الكوتا أو "الحصص" بشكل أساسي على منح الأقليات، على سبيل المثال الاقليات الدينية أو الإثنية أو اللغوية، مقاعد في مراكز الحكم. وهو يختلف عن الأنظمة التي تعتمد "النسبية" من ناحية تخصيص هذه المقاعد لهذه الأقليات على وجه التحديد بمعزل عن النظام الإنتخابي المعتمد. وتعتمد "الدول التعدّدية" هذا النوع من الأنظمة لتأمين الإستقرار السياسي من ناحية، ولتأمين التمثيل العادل لمكوّنات المجتمع في مؤسسات الدولة من ناحية أخرى وبالتالي إشراكها في صناعة السياسية العامة، لاسيّما تلك التي تكون متعلقة بشكل أساسي بشؤونها. هذا عدا عن كونه يمثل نوعا من الإنفتاح الديمقراطي للنظام السياسي وذلك عبر اعتماد مبدأ التوافق والتشارك في السلطة لا مبدأ الأغلبية والأقلية.

يختلف نظام الحصص النسائية في المبدأ وفي مضمون التطبيق عن نظام الحصص المخصّص للأقليات لكون التشجيع الدولي على اعتماده أتى انطلاقاً من مبدأ التمثيل العادل للجنسين. هذا فضلاً عن أنّ المرأة لا تشكل بأي شكل من الاشكال أقلية في المجتمع. علما أن التمثيل العادل للمرأة في مراكز صنع القرار كان في السابق معدوما وما زال إلى يومنا هذا منقوصاً في معظم الدول.

يقوم نظام الحصص النسائية على مبدأ تخصيص مقاعد للعنصر النسائي في مراكز الحكم وهو نوع من "التدبير الإيجابي" لتمكين النساء من تولّي مراكز صنع القرار في الدولة، ويأتي ذلك وفقا لثلاثة نماذج أساسية[6]:

  1. حجز المقاعد المسبقة: وفقا لهذا النموذج ينص المشرّع في دستور البلد على حجز مقاعد خاصة بالنساء في المجالس التشريعية والمجالس المحلية أو حتى التنفيذية ويتم ذلك بمعزل عن النظام الإنتخابي المعتمد. تحصل النساء بموجب النص الدستوري على مقاعد خاصة بها في المجالس التشريعية والمحلية. لكن تطبيق هذا النوع من الأنظمة يأتي على حساب مبدأ حرية التنافس بين المرشحين من الجنسين.
  2. حجز مقاعد على اللوائح: يعتمد هذا النوع من الكوتا على حرية الكتل والأحزاب السياسية في ترشيح العنصر النسائي على لوائحها، وبالتالي تكون النساء عرضة لمزاجية الحزب أو التكتل السياسي في قبولها أو عدم قبولها مرشحة على لوائحه. هذا عدا عن أن فوز النساء بالمقاعد الانتخابية وفقا لهذا النموذج يكون في الغالب ضعيفاً، وذلك للاسباب السابقة الذكر ولانه يعتمد على ترتيب أسماء المرشحات على اللائحة وعلى مدى قوة المرشحات سياسياً.
  3. حجز مقاعد على لوائح الترشيح بناءً على نص قانوني: يشبه هذا النموذج النموذج السابق لكن مع اختلاف جوهري وأساسي، إذ أن الاحزاب والكتل السياسية تكون ملزمة قانونيا بترشيح عدد معين من النساء على لوائحها. وفقا لهذا النموذج يحدد نص القانون الإنتخابي، عادة، العدد الأدنى أو الأقصى للمرشحات على اللوائح. علما أن هذا النموذج له ايجابيات كثيرة لاسيما أنه لا يمس بشكل مباشر بمبدأ حرية التنافس بين الجنسين من ناحية ولا يخضع النساء لأهواء الكتل السياسية في قبول المرأة مرشحة على اللائحة. بالإضافة إلى كون حجز المقاعد قانونياً على اللوائح من شأنه أن يزيد من فرص فوز النساء بعدد لا بأس به من المقاعد.

لكن تعزيز فرص فوز المرشحات بحاجة إلى العديد من الإجراءات التي يجب اتباعها لاسيما لناحية تحديد موقع وترتيب المرشحات على اللوائح. إذ أن الطريقة الفضلى لضمان فوز المرشحات بالمقاعد، في حال تمّ إعتماد كوتا الـ 30% مثلا، ترتيب أسماء المرشحات وفقا لمبدأ أمرأة بعد كل رجلين على اللائحة. وأخيرا وليس آخراً من المفضل إعتماد نظام "كوتا الحد الأدنى" التي تسمح للنساء بالفوز بعدد أعلى من المقاعد عن الحد المقرر قانونا، إذ ان "كوتا الحد الأعلى" لا تسمح بذلك.

الإطار القانوني

على الرغم من مرور سبع وثلاثين عاماً على "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" (سيداو) ومرور حوالي سبعة عشر عاما على إبرام لبنان لها في العام 1997، ودخولها حيّز التنفيذ في القانون اللبناني، حيث تحفّظ لبنان على بعض موادها (مثل المادتان 9 و 16 المتعلقتان بالأحوال الشخصية)، لم تبادر السلطات اللبنانية المتعاقبة إلى اتخاذ أي إجراء إيجابي لإقرار الكوتا النسائية وبالتالي تمكين النساء من الوصول إلى مراكز صنع القرار. فقد نصّت هذه الإتفاقية في المادة 4 على أنه  "لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً..." أما المادة 7 فتنص بضرورة أن "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، الحق في التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي يُنتخب أعضاؤها بالاقتراع العام، والمشاركة في صياغة سياسة الحكومة، وفى تنفيذ هذه السياسة، وفى شغل الوظائف العامة، وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية، والمشاركة في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد[7]". ثم أتت التوصية الدولية رقم 5 العام 1988 لمتابعة تنفيذ اتفاقية "سيداو" ووضّحت معنى "التدابير المؤقتة" داعية الدول الموقّعة إلى اتخاذ "تدابير خاصة" أو اعتماد مبدأ "الحصص" لإشراك النساء في الحياة السياسية[8]. أما المؤتمر العالمي الرابع للمرأة الذي انعقد في بيجين العام 1995، فقد طوّر مفهوم "التدابير المؤقتة" ودعا برنامج عمله جميع الدول المشاركة إلى "حشد جهود المرأة والرجل بالتساوي على مستوى صنع القرار والسياسات... وتخصيص حصص كسقف أدنى لمشاركة النساء بنسبة 30%[9]".

أحدث "برنامج عمل بيجين" تغييراً إيجابياً في العديد من الدول التي اتخذت إجراءات فعلية لجهة تخصيص مقاعد للنساء في المراكز العليا للدولة[10]، لكن مبدأ المساوة بين الجنسين ما زال دون الحد المرغوب فيه. أما لبنانياً، فلم تحدث الاتفاقيات والمعاهدات الدولية إلا وعوداً مؤجلة ما زالت عالقة بين أخذ ورد القوى السياسية الرافضة أو المرحبة بمبدأ تخصيص "حصص" للنساء في مؤسسات الحكم. وبينما تشير المصادر الأكاديمية إلى أن أي نسبة مشاركة نسائية دون الـ30% لن تجعل من النساء كتلة حاسمة ومؤثرة في صنع القرار وأن عدالة التمثيل تقتضي التوصّل إلى مشاركة نسائية متساوية مع الجنس الآخر، ما زال لبنان الرسمي يتجاهل حقوق المرأة السياسية بمستوياتها البسيطة. وبينما نص المشروع الذي احالته الحكومة إلى مجلس النواب العام 2010 على حجز 20% من المقاعد في المجالس البلدية للنساء، عاد مشروع قانون الانتخابات النيابية الذي أحالته الحكومة إلى مجلس النواب العام 2012[11] وتجاهل حق تمثيل المرأة بشكل يسمح لها بالتأثير بصنع القرار. فقد نصّت المادة 52 منه فقط على أنه "يتوجب على كل لائحة أن تضم بين اعضائها مرشحاً واحداً على الأقل من كل من الجنسين". علما أن مشروع قانون الوزير مروان شربل للانتخابات النيابية 2013 تضمن حجز كوتا 30%[12] لأي من الجنسين. طبعاً لم تبصر النور أي من القوانين المحالة إلى مجلس النواب إلى حدّ الساعة، حتى أن اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الإدارة والعدل الموكلة بالنظر بشأن الإصلاح الإنتخابي أصيبت بالشلل، شأنها شأن المجلس النيابي المعطّل منذ أكثر من سنة ونصف.

القوانين المقترحة حالياً في لبنان

لعل أبرز الاقتراحات وأقدمها، التي نحت بإتجاه اعطاء المرأة اللبنانية حقوقا سياسية مقبولة كانت اقتراحات "الهيئة الاستشارية الوطنية الخاصة بقانون الانتخابات النيابية" التي تأسست العام 2005 وعرفت لاحقا بـ"لجنة بطرس"، حيث كانت برئاسة الوزير الراحل فؤاد بطرس. فقد ارتأت هذه اللجنة أنّ تخصيص الحصص النسائية على "اللوائح الانتخابية" أفضل من تلك المخصّصة على مستوى المقاعد المحجوزة مسبقا للنساء في البرلمان، وذلك كي "لا يثقل النظام الانتخابي بحصص محفوظة جديدة تضاف إلى تلك المخصّصة للمذاهب والمناطق". وقد نصت المادة 64 من مشروع قانون الانتخاب الذي قدمته اللجنة إلى مجلس الوزراء العام 2006 على أنه "يترتب على كل لائحة في الدوائر الخاضعة للنظام النسبي أن تضم  بين أعضائها نسبة لا تقل عن 30 بالمئة من النساء[13]". لقد أحدثت مقترحات هذه اللجنة تغييراً جذرياً في منظومة الإصلاحات الإنتخابية في لبنان، لاسيما لناحية الاعتراف بدور المرأة في مراكز صنع القرار. وإذا كانت مقترحات هذه اللجنة قد اتت نتيجة لضرورة الإصلاح الذي طالما نادى بها المجتمع اللبناني تماشيا أيضا مع ضرورة إلتزام لبنان بالمعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وضعت هذه اللجنة سقفا للإصلاح بات من الصعب التراجع عنه. هكذا توالت الإقتراحات العديدة التي قُدمت في هذا الشأن وأتى اقتراح الوزير السابق زياد بارود في مشروع قانون الإنتخابات البلدية العام 2010 وأكد على ما كان مؤكدا في لجنة بطرس لناحية تخصيص كوتا 30% لأي من الجنسين. أما مشروع القانون الإنتخابي الذي طرحته "الحملة المدنية للإصلاح الإنتخابي" العام 2011، فقد عدّل قاعدة احتساب الكوتا النسائية بشكل ملحوظ، إذ نصّت المادة 2 من القانون المقترح على أنه "يجب أن تضمّ اللائحة من بين أعضائها نسبة لا تقلّ عن 33.33% من النساء". على أن الجديد في هذا الطرح هو أنه "على اللوائح أن تحرص عند ترتيب الأسماء على وجود إمرأة من بين كل ثلاث رجال كحد أدنى"[14]، ما يعني بأن "الحملة المدنية" أبدت عن حرص شديد في ضمان فوز المرشحات وذلك عبر تضمين النص القانوني فقرة تتعلق بترتيب المرشحات على اللوائح من ناحية، وعلى طرح مبدأ "كوتا الحد الأدنى" من الناحية الثانية. وحرصا منها على مبدأ حرية التنافس بين الجنسين نصت المادة أعلاه على أن هذه القاعدة تطبق"بصورة مؤقتة لأربع دورات انتخابية فقط"، على إعتبار أن "الكوتا النسائية بمثابة تدبير إيجابي "مؤقت" لتفعيل المشاركة السياسية للمرأة[15]".

مقارنة مع بعض الدول العربية

على العكس من لبنان، تطبق معظم الدول العربية نظام الكوتا النسائية القائم إما على حجز مقاعد مسبقة في المجالس التشريعية والمحلية أو عبر تضمين القوانين الإنتخابية مواد تلزم اللوائح بتحديد نسب معينة من النساء. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يعتمد الأردن نظام الحصص القائم على حجز مقاعد نيابية مسبقة للنساء، إذ نصت المادة 8 من قانون الإنتخاب للعام 2012 على تخصيص 15 مقعدا نيابيا للنساء يضاف إليها مقاعد أخرى مرتبطة بتقسيم الدوائر الإنتخابية[16]. أما العراق فيعتمد نظام كوتا الحد الأدنى في اللوائح الإنتخابية، إذ نصت المادة 13 من قانون الانتخابات للعام 2013 على أنه "يجب ان لا يقل عدد النساء المرشحات عن 25% في القائمة وان لا تقل نسبة  تمثيل النساء في المجلس عن 25%. كما "يشترط عند تقديم القائمة ان يراعى تسلسل النساء بنسبة امرأة بعد كل ثلاثة رجال"[17]. وبالتالي أبدى المشرّع العراقي عن حرص ليس فقط على التمثيل السياسي للمرأة بل أيضا على ضمان فوز 25% من النساء في الحد الأدنى. وإذا ما أجرينا مقارنة بسيطة بين هاتين الدولتين ولبنان نلمس عن قرب مدى عدم إكتراث الطبقة السياسية اللبنانية بقضايا المرأة وحق النساء في المشاركة في صنع القرار.

خاتمة

ما زالت المرأة اللبنانية تعاني من تهميش السلطة لدورها في المشاركة في صنع القرار، ومحرومة من حقوقها السياسية التي نصت عليها المواثيق الدولية. ليس هذا فحسب بل أن لبنان، الذي يتغنى سياسيوه بالديمقراطية والحريات التي تميزه عن بقية الدول العربية، ما زال في الصفوف الخلفية للدول التي أقرّت بوجود حقوق سياسية للنساء وعمدت على اتخاذ "تدابير ايجابية" لتمثيل المرأة في مؤسسات الحكم. واذا بات وضع المرأة سياسيا في يومنا هذا، على المستوى العالمي، أفضل مما كان عليه في القرن المنصرم، فتمثيل المرأة سياسيا في لبنان شهد تراجعا في الإنتخابات التشريعية الأخيرة العام 2009. صحيح أن نسبة المشاركة السياسية للمرأة شهد تقدما على مستوى الانتخابات المحلية سواء كان لناحية ارتفاع عدد المرشحات أو الفائزات في مقاعد المجالس المحلية، لكن هذا التحسّن لم يأتِ نتيجة لإجراءات ايجابية صدرت عن السلطات اللبنانية. على العكس من ذلك جل ما قامت به هذه الأخيرة هو تجاهل تام للمواثيق الدولية الموقعة وبالتالي إمعانا في تهميش النساء عن مراكز صنع القرار. فالقانون الإنتخابي المعمول به حاليا والعائد للعام 2008 لم يلحظ مبدأ الكوتا الجندرية، أما قانون العام 2012 الذي أحالته الحكومة لمجلس النواب فشكل فضيحة على مستوى عدم تحسس القوى السياسية الممسكة بزمام الحكم لقضايا المرأة في ضرورة تمثيلها السياسي. إذ أن الفقرة الوحيدة التي تناولت الكوتا الجندرية في ذاك القانون لا تعدو إلا كونها نوع من "رفع عتب" لا أكثر ولا أقل. فإلزام اللوائح "بأن تضم بين اعضائها مرشحاً واحداً على الأقل من كل من الجنسين" لا يعتبر باي شكل من الاشكال "تدبيرا ايجابيا"، ليس فقط لناحية عدم تحديد نسبة معينة واضحة المعالم، بل لأن صراحة النص أبقت المسألة ضبابية، هذا عدا عن عدم تضمين النص فقرة تضمن إلزام اللوائح بترتيب المرشحين عليها لضمان فوز المرشحات. وأخيرا وليس اخرا، من المفيد التذكير بأنه لا يكفي استصدار قوانين تلزم اللوائح بكوتا جندرية معينة، مهما علا شأنها، بل يجب، على الاقل، إلزام اللوائح القيام بترتيب جندري للمرشحين عليها تضمن فوز العنصر النسائي، بالإضافة إلى تضمين النص القانوني موادا واضحة تلزم القوى السياسية بنسب معينة لتمثيل المرأة في المجالس التشريعية والمحليّة. فهل يا ترى سيشهد لبنان تطورا معينا في هذا الشأن في القانون الإنتخابي الجديد، الذي طال انتظاره، والذي ما زال رهن توافق القوى السياسية على تفاصيله؟ ليس علينا الإنتظار كثيرا، فالأشهر القادمة ستحمل لنا الخبر اليقين.

 

[1]لمزيد من المعلومات راجع المرسومين الاشتراعيين رقم 6 تاريخ 4/11/1952 ورقم 7 تاريخ 12/11/1952 لتعديل قانون الانتخاب الصادر في 10 آب 1950 على الرابط التالي:

https://www.lp.gov.lb/ViewPublications.aspx?id=7 

[5]راجع دراسة للتجمع النسائي الديمقراطي تحت عنوان "إحتياجات تنظيمية لتعزيز مشاركة النساء في الاحزاب و النقابات فيلبنان" على الرابط التالي: http://www.rdflwomen.org/wp-content/uploads/2014/10/final-book.pdf