لقد أصبحت ألعاب الفيديو تجارة مربحةً وخياراً مهنيًا ذكيًا وشكلًا من أشكال الفن. لكن بالنسبة إلى الكثيرين، من الصعب التخلّص من الانطباع السلبي الذي تكوّن لديهم عن هذه التكنولوجيا منذ بداياتها. في السبعينات مثلًا كانت ألعاب الفيديو بالنسبة إليهم إمّا وسيلة للتسلية، إمّا خطراً يهدّد الأطفال. أمّا في الثمانينات، فقد اعتبر الأهل أنّ السماح للأطفال بألعاب الفيديو هذه هي بمثابة إرضاء نزوة، فيما اعتبر الكثير من الشباب في ذلك الوقت أن هذه الألعاب ليست "رائعة" كفاية. وبقيت الأمور على حالها حتى التسعينات حيث استحوذت لعبة البلاي ستايشن PlayStation من شركة سوني على اهتمام عدد كبير من المستهلكين الذين كانوا يرفضون العاب الفيديو سابقًا.
وما لبثت أن شهدت العقود التالية ارتفاعاً مطّرداً في شعبية ألعاب الفيديو بين المستهلكين والتجّار والباحثين. وقد اصبحت ألعاب الفيديو اليوم متجذرة في الثقافة (أفضل مثال على ذلك لعبتا Minecraft أو Roblox) إلى حدّ أنه من الصعب تذكر بداياتها الصعبة. على الرغم من هذا التغيير، فإنه ليس أكيداً أن الاعتراض الأصلي على ألعاب الفيديو على أساس أنها مضيعة للوقت، أو تهديد، أو نزوة قد اختفى كلّياً. بما أن ألعاب الفيديو مرتبطة ارباطًا حتميًا بالشاشة الرقمية وبعالم خيالي، فإنّها لا تزال تعتبر وسيلة تسلية ناجحة بامتياز.
خلال السنوات القادمة لا بدّ أن يشهد هذا الانطباع الأصلي تحوّلًا جذريًا. في القرن الحادي والعشرين، سنرى أن ألعاب الفيديو بعيدة كل البعد عن كونها مجرد وسيلة تسلية، وسيتبيّن أنها هيأت أرضية خصبة لشيء أكبر بكثير. وستتمدّد حدود الواقع الافتراضي الحالي ليشمل جميع مجالات الحياة البشرية تقريباً. ليس لأن كل شيء سيتحوّل الى لعبة، ولكن لأن العالم الافتراضي والأحداث التي كانت مرتبطة إلى حد كبير بألعاب الفيديو ستصبح عوالم وأحداث الحياة اليومية. والسؤال المفتوح الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان المجتمع بأسره جاهزاً لهذا الانقلاب. كلّ ذلك يجعلنا نأخذ القضية على محمل الجد، وجزء من هدفي هنا هو إقناعكم بأن هذه المسألة يجب أن تؤخذ على محمل الجد. وبهذه الطريقة فقط يمكننا البدء في إثارة الوعي الاجتماعي، وتطبيق التشريعات المناسبة، والتفكير في الأخطار والفرص الكثيرة التي يحملها المستقبل.
نقطة بداية جيدة للتفكير في مستقبلنا الرقمي هي لغز فلسفي حديث. في العام 2009، قدّم مورجان لاك معضلة لعشاق ألعاب الفيديو، "معضلة اللاعب". أشار لاك إلى أنه في ألعاب الفيديو التي تنطوي على لاعب بشري واحد، يقوم اللاعبون بانتظام بارتكاب أعمال القتل الافتراضية التي يمكن اعتبارها جريمة قتل لو تم تنفيذها في بيئة حقيقية بدلاً من بيئة افتراضية وهؤلاء اللاعبون يعتبرون عملهم هذا مقبولًا أخلاقياً. والتفسير المنطقي لذلك هو أنه على عكس القتل الفعلي، لا يضر عملهم بأحد فعليًا. إن "الضحايا" الوحيدة هي شخصيات يتحكّم فيها الذكاء الاصطناعي، وهي لا تخضع للإعتبارات الأخلاقية. ما يشدّد عليه لاك هو أن هذا التبرير المتمثّل بعدم وجود ضحايا ينطبق بالتساوي على أفعال افتراضية نحن أقل ميلاً إلى قبولها. ويذكر عل وجه التحديد افتراض وجود لعبة فيديو حيث يجري تحرّش افتراضي بأطفال. فكما في القتل الافتراضي، في التحرش الظاهري بالأطفال لا يوجد ضحية. ولكن على عكس القتل الافتراضي، لا نميل إلى الاعتقاد بأن هذا الفعل مسموح به أخلاقياً. وبشكل حدسي، فإن اللاعب الذي يقوم بعمليات القتل الافتراضية لا يشعر بأنّه يرتكب عملًا مشيناً، عكس اللاعب الذي يقوم بالتحرش الافتراضي بالأطفال. هنا تكمن المعضلة: إذا لم يكن هناك خلاف حول تحديد ما هو أخلاقي أو غير أخلاقي في الجريمة الافتراضية والتحرّش الافتراضي بالأطفال، سنقع في تناقض: فإما يرفض اللاعبون أعمال القتل الافتراضية باعتبارها غير مقبولة أخلاقياً، أو يقبلون بأعمال بالتحرش الافتراضي بالأطفال على أنّهه مسموح بها أخلاقياً. في كلتي الحالتين، النتيجة غير مرضية.
وأياً كان ما يفكر فيه المرء في الحجة أو استنتاجها، فإن الشيء الوحيد الذي ينبغي أن نركّز عليه انتباهنا في هذه المعضلة هو التقييم الأخلاقي للأفعال الافتراضية بدلاً من الأفعال "الحقيقية". ما هي الأفعال الافتراضية؟ لننظر في فعل افتراضي معين، لنقل القفز الافتراضي مثلًا. لتنفيذ قفزة افتراضية، أنا (اللاعب) اضغط على زر على جهاز تحكم لعبتي. عندما اقوم بذلك أجعل الصورة الرمزية الخاصة بي في اللعبة تقفز. تقوم صورتي الرمزية بعملية القفز في عالمها، وأقوم أنا بوظيفة الضغط على الزر في عالمي. أين القفزة الافتراضية من كلّ ذلك؟ القفزة الافتراضية، وعموماً، الفعل الافتراضي، هو الفعل الذي يربط بين هذين العالمين. أقوم بقفزة افتراضية عندما أتصرف في العالم "الحقيقي"، بطريقة تجعل صورتي في اللعبة تقفز في عالمهم.
من الصعب النظر في معضلة اللاعب، وأخذ على محمل الجد فكرة أن للأفعال الافتراضية جانب أخلاقي، إذا اعتبرنا أنّ ألعاب الفيديو هي مجرد وسيلة لتمضية الوقت. فالتركيز على مسألة الأخلاق يبدو في أفضل الأحوال هامشياً في عالم الأخلاق. لكن هذا الانطباع لا يمكن أن يكون أكثر خطأ. إذ تعتبر الأعمال الافتراضية نوعاً جديدًا من التصرفات، ونوعاً من التصرفات التي يجب أن نتوقع رؤيتها أكثر وأكثر في المستقبل القريب. لمعرفة السبب، لننتقل إلى صورة موجزة عن حاضرنا التكنولوجي.
إحدى التقنيات الجديدة الناشئة التي يُتوقع أن يكون لها تأثيرٌ واسعٌ على حياة الإنسان اليومية هي تكنولوجيا الواقع الافتراضي. بدأت الأشكال المبكرة لهذه التقنية تتوفّر للمستهلكين في أجهزة مثل Oculus Rift وHTC Vive وPlayStation VR وOculus Go وGoogle Daydream. عند استخدام الجهاز، يواجه المستخدمون الواقع الافتراضي. ليس من السهل وصف الواقع الافتراضي من دون تجربة مباشرة، ولكن ثمّة صورتان ستساعداننا على ذلك. الأولى هي أن الواقع الافتراضي يشبه دخولك إلى جهاز التلفاز. إذا وجدت نفسك داخل برنامج تلفزيوني ترى وتسمع وتتفاعل مع عالمه، فسيكون ذلك بمثابة تجربة الواقع الافتراضي. الثانية هي المسلسلات التلفزيونية الطويلة الأمد مثل Doctor Who. يستخدم Doctor Who كشك هاتف على شكل سفينة فضائية. فيتفاجأ الزوار عند دخولهم إلى المقصورة بحجمها، فيهتفون "إنها أكبر في الداخل!" والأمر سيّان بالنسبة إلى الواقع الافتراضي من حيث إثارة الدهشة. تشغل الأجهزة الحالية زاوية صغيرة من الغرفة. يرتدي المستخدمون سماعات رأس تبدو مقيدّة مثل عصب العينين، ولكن أكثر ثقلاً. إلّا أنّه بدلاً من أن ينتج عن هذه التجربة شعور خانق، فإن الشخص الذي دخل الواقع الافتراضي يعيش تجربة في أماكن افتراضية تتخطّى حدود الغرفة الموجود فيها. ففي غرفة صغيرة، يمكن للمرء أن يتواجد افتراضياً في غابة عند غروب الشمس والسماء الملبدة بالغيوم في الأفق البعيد. هذه المساحة الافتراضية محسوسة، ومثيرة للاهتمام، ويمكن الغوص فيها إلى مدى لا نهاية له، وكل ذلك ضمن مساحة مادية محدودة. علاوة على ذلك، يمكن أن تكون هذه المساحة خاصة لمستخدميها، ويمكن أن تتواجد فيها وحدك أو مع بدائل اصطناعية بدلاً من الآخرين.
كما لا تقتصر تقنية الواقع الافتراضي على العالم الذي تراه داخل سماعة الرأس، وهو عالم افتراضي بحت منفصل عن العالم "الحقيقي". مع أجهزة الواقع المعزّزة المثبتة على الرأس، والتي يجب أن نتوقع رؤيتها في السنوات الخمس المقبلة، يمكن فرض عناصر افتراضية جديدة على محيطنا الحقيقي (إذا أردت رؤية بعض التجارب، انظر قناة يوتيوب Leap Motion). في إطار هذه التقنية، يمكن لنظارات الواقع المعزّز أو حتى العدسات أن تسمح للمستخدمين برؤية كوبين جنباً إلى جنب واحد "حقيقي" والآخر ظاهري من دون أن تتمكن من معرفة الفرق. ربما لمس الكأس سيساعدك، لكن هذا غير مضمون. اليوم تركّز بعض برامج الأبحاث النشطة على إدخال الحركة واللمس والرائحة إلى الواقع الافتراضي، لأن الجميع يريد أن يشعر بمزيد من هذه العوالم الافتراضية الجديدة. هذه المشاريع لا تسعى فقط إلى جلب العالم "الحقيقي" إلى العالم الافتراضي، بل وأيضًا إلى نقل العالم الافتراضي إلى العالم "الحقيقي" ( أفضل مثال على ذلك Nintendo Labo).
الاحتمالات لاستخدام العالم الافتراضي شاسعة وبالتالي مخيفة. في الآونة الأخيرة، توقعت التقارير الإخبارية أن تكنولوجيا الواقع الافتراضي ستتركز شيئًا فشيئًا على الطب، والحوكمة، والأعمال التجارية والعسكرية فضلًا عن التعليم، والرياضة، والهندسة المعمارية، والتصميم، والفن، والروبوتات، والمواد الإباحية، وعلم النفس، والفلسفة، والترفيه، وغيرها[1]. وتحذّر مقالة حديثة بعنوان "خبراء الواقع الافتراضي يحذّرون من الذعر الأخلاقي المرتقب" من أنه جنباً إلى جنب مع استخداماته العديدة، سوف يخلق العالم الافتراضي مخاطر متنوعة، بما في ذلك أشكال جديدة من الخيانة الجنسية، وانعدام الشخصية النفسية، والتلاعب، والتعذيب[2].
نظراً لتأثير الواقع الافتراضي على المجتمع في السنوات المقبلة يجب أن نعيد صياغة تفكيرنا حول الأفعال الافتراضية. قد يكون من السهل التخلص من الأفعال الافتراضية عندما تكون مجرد تحركات على الشاشة. ولكن المعضلة تشير إلى أنه ليست هذه هي الحال دائماً. وإذا أضفنا إلى ذلك أنّك تقوم بفعل افتراضي الآن في سياق افتراضي وفي عالم افتراضي، وهذا له تأثير مهم جدًّا، سيكون من غير الواضح حتى أن الأمور مجرد "افتراضية". ربما أكون قد ضغطت على زر فقط، ولكن الضغط على الزر يمكن أن يؤدي إلى الكثير، مثل إطلاق صاروخ حقيقي.
إذا كنت تسير في الشارع وتفاجأت بشخصية على شكل كائن بشري يتحكّم بها الذكاء الاصطناعي تلقى حتفها الافتراضي أمامك في الشارع "الحقيقي"، هل هذا حقاً "افتراضي"؟ لا بدّ أنك ستسارع إلى منع طفلك من رؤية هذا المشهد أكثر ممّا لو كان المشهد ذاته يُعرَض عل شاشة التلفاز. وهل عليك فعل ذلك؟ ربما. فالواقع الافتراضي والمضاعف سيقدّم العديد من الوسائل الجديدة للتعامل مع المسائل، وستصبح هذه الوسائل ضرورة في حياتنا اليومية مثل وظائف الهاتف الذكي أو الإنترنت. على الأرجح، ستحتوي سماعة الرأس على هاتفك، وستكون وسيلتك الأساسية للدخول إلى الإنترنت.
وفي المستقبل القريب، قد لا ترغب في أن يغادر طفلك المنزل من دون سماعة الرأس.
بالطبع، هذا ليس بجديد. نحن نعيش في عالم علنيّ، حيث يمكن أن تدخل أعمال الآخرين إلى عوالمنا الخاصة. نسمع أحياناً الجيران حتى ونحن في المنزل. كما يمكننا نحن ايضاً ان نلقي نظرة على عوالمهم الافتراضية وأعمالهم الافتراضية. لكن لاحظ الفرق: إن الأفعال العادية تحكمها أطر أخلاقية واجتماعية وقانونية على عكس الأعمال الإفتراضية التي نشأت على أسس قواعد أكثر ضبابية بسبب اختلافها عن أفعال "العالم الحقيقي". فالعناصر الافتراضية ليست مقيّدة بمادية العالم الحقيقي مثلما هي الحال بالنسبة إلى العناصر الطبيعية، والأمر نفسه ينطبق على الأفعال الافتراضية. ما هو موقفنا تجاه شخص يجسّد هيكلاً عظمياً بشرياً ليلعب دوراً افتراضياً في العلن؟ أو ما الذي يجب أن نفكر فيه إذا قام أحد الجيران بخلق حريم افتراضي في منزله؟ هل يجب أن نسمح للواقع الافتراضي بأن يكون وسيلة تعليم للأطفال؟ هل سيكون من المقبول أن نجعلهم يشهدون سيناريوهات أعيد بناؤها تقريباً عن الحرب العالمية الثانية أو الحرب في سوريا، بهدف جعلهم يفهمون بشكل أفضل لماذا يجب تجنّب العنف؟ ماذا عن التعليم الديني الذي يتضمن مشاهد افتراضية أعيد بناؤها من الكتب المقدسة؟
لست اسعى إلى إثارة القلق إنّما الوعي لمدى أهمية الأفعال الافتراضية اليوم. نحن اليوم بإمكاننا الاستفادة من الوضع بحيث نتجنب مآزق عالم جديد. من السهل ترك الخوف يحجب الإنجازات المذهلة التي يمكن تحقيقها مع العالم الافتراضي. أي شخص شاهد برامج تعليمية من خلال الواقع الافتراضي، أو لمس التأثير العاطفي والتعاطف الناتج عن فن الواقع الافتراضي، يدرك الكمّ الهائل لإمكانيات هذه التكنولوجيا. لقد راقبت أشياء افتراضية رباعية الأبعاد، فوصلت إلى القمر وعدت منه مع أبولو 11، رأيت عن كثب أجزاء مختلفة من قبر نفرتاري أثارت دهشتي، وتقمّصت شخصية عامل الصرف الصحي الأسود الذي شارك في إضراب عام 1968 الذي سبق اغتيال الدكتور مارتن لوثر كنغ الابن، كلّ ذلك في الواقع الافتراضي.
كلّ ما في الأمر إذاً هو كيف نتعامل مع أدوات تكنولوجية مؤثرة إلى هذا الحدّ، فإن كل شيء يتغيّر عندما نتعامل معها بالطريقة الصحيحة. وكما يمكن للواقع الافتراضي أن يوفر انتشاراً واسعاً للتعليم المجاني للملايين، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى خلق فجوة عميقة بين الأكثر غنىً والأكثر فقراً.
نشهد اليوم في الشرق الأوسط حداً أدنى من التفاعل مع الواقع الافتراضي. فالوعي العام لوجود التكنولوجيا محدود، ولا يوجد حتى عالم افتراضي عربي يمكن التحدّث عنه. وهذا الأمر مفاجئ على عدّة اصعدة.
أولاً، قد تستفيد العديد من القضايا الاجتماعية من قدرة الواقع الافتراضي على خلق تعاطف معها. على سبيل المثال، تتعرض النساء للظلم بشكل منتظم في العالم العربي، ويكفي انتاج فيلم واحد فقط من الواقع الافتراضي من وجهة نظر المرأة وهي تسير في شارع مصري أو سعودي أو لبناني، لإظهار بشكل سريع وحسّي إشكالية كبيرة ألا وهي كيفية تعاطي الرجل مع المرأة. وعلى نحو مشابه، فإن فيلماً واحدًا عن الواقع الافتراضي الذي يصوّر حياة أسرة مسيحية أو مسلمة لبنانية داخل منزلها سيؤثّر كثيراً على التخيّلات التي ينتجها النظام الطائفي. وأخيراً، فإن تجربة الواقع الافتراضي جيدة في ما يتعلّق بالحدود الإسرائيلية الفلسطينية لإظهار الحقائق كما هي، مهما كانت.
ثانياً، هناك الكثير من المحتوى الذي يمكننا نحن فقط إنتاجه. لننظر مثلًا في تراث الشعر العربي القديم جدًّا أو الطعام أو فن الخط أو العمارة الإسلامية. يمكن تقديم صورة عن أي من هذه المواضيع من منظار شخص شاهد هذه التجربة وعاشها باستخدام العالم الافتراضي. ومن شأن ذلك مساعدة الشخص العربي على معرفة ماضيه وفهمه بشكل أفضل وبالتالي نقله إلى العالم الخارجي وإفهامه إيّاه. في بعض الحالات، قد تكون هذه أيضًا طريقة للحفاظ على ما قد يندثر، فنحن فقدنا الكثير حتى الآن من تراثنا في حرب سوريا واليمن.
ثالثًا، يواجه العرب وسائر العالم على وجه الأرض عدداً من التحديات. اليوم كوكب الأرض كله في خطر بسبب الاحتباس الحراري وشبه انعدام إعادة التدوير، وهوس الاستهلاك. كثير من الناس في المنطقة لا يدركون مدى أهمّية معالجة هذه القضايا. ولا عجب. فمعظم المحتوى على الإنترنت ليس باللغة العربية، ومعظم المحتوى العربي، مثله مثل كل المحتوى على الإنترنت غير دقيق. كيف يمكننا إذًا الاستفادة من رؤية كيف يتمّ تدمير أرضنا، وأن نتعلّم مباشرة الإجراءات الصغيرة التي يمكن أن نتخذها للحد من من هذا التدهور؟
دعنا ننتهي بتشبيه أخير. معظمنا، إن لم يكن جميعنا، يعرف أنه يمكننا تغيير خلفية شاشة جهاز كمبيوتر شخصي. لكن تخيل أننا لم نفعل. حتى الآن، لقد اتخذّت البشرية هذا الموقف. لقد تم افتراض أن العالم المادي من حولنا هو الشرط الافتراضي والوحيد للمجتمع البشري. نحن الآن على وشك اكتشاف أن خلفية العالم الذي نعيش فيه يمكن أن يكون أي شيء نحب، شرط أن نتخيله ونضع له قواعد. كانت ممارسة الألعاب في السياقات الافتراضية خطوة أولى، لكن الرحلة بدأت للتو. ولأننا نحن من يحدّد قيمة الأشياء، فإن التصاميم التي نحتفظ بها وتلك التي نحذفها هي من مسؤوليتنا.
[1] من المفيد الاطّلاع على موقع https://www.vrs.org.uk/virtual ويقدّم غوغل أيضًا الكثير المعلومات المفيدة.
[2] انظر https://www.techworld.com/apps wearables / خبراء الواقع الافتراضي يحذرون من الذعر الأخلاقي المقبل 3659331 /