
وجهات نظر 13 - طعمٌ من هذا المكان وهذا الزمان
قد يكون الطعام حافلاً بذكريات الصغار والكبار. فالجميع لديه طعامه المفضّل الذي يرتبط باللحظات الجميلة وبالصحبة الجيدة. الطعام أمر حيوي في ثقافة الضيافة السخية: حتى لو كان لديك بالكاد ما تتشارك به، سوف تذهب إلى أبعد الحدود لتوفير الطعام لضيوفك. سواء كنت تحب الطعام المنمّق أو كنت مولعاً بالحلوى، فلن يخذلك مطبخ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تركيبات لا تعدّ ولا تحصى من الأذواق والنكهات تشكّل مشهد المطبخ الغنيّ في المنطقة. فالطعام خيطٌ مشترك بالنسبة للعديدين في العالم العربي، فيفضّ بالتالي الخلافات الثقافية والسياسية. وهو جزء أساسي من هوية الأمة، والوصفات المتطورة هي تقريباً مسألة فخر وطني مع أنّ معظم الأطباق التي يسيل لها اللعاب غالباً ما تكون نتيجة تاريخٍ طويلٍ من هجرة المكوّنات حول العالم.
دعونا نأخذ البندورة (الطماطم). في الأصل من أمريكا اللاتينية، أدخلها الى الشرق الأوسط في بداية القرن التاسع عشر القنصل البريطاني في حلب. على الرغم من أنه في البداية كان يُنظر الى البندورة كمكوّن يُستخدم بشكل حصريّ في الأطباق المطبوخة، إلا أن البندورة باتت اليوم جزءاً أساسياً من المأكولات الشرق أوسطية ومنتشراً في كل مكان، فتُقدّم طازجةً في السلطة، أو مشويةً مع الكباب أو تُضاف الى الصلصات. إن رحلة البندورة حول العالم إلى الشرق الأوسط تنعكس حتى في تسمياتها المحلية: الاسم المُبكر المستخدم للفاكهة في إيران هو أرماني بادنجان (الباذنجان الأرمني).
ولكن القصة تذهب الى أبعد من ذلك. كمال مزوّق، مؤسس سلسلة مطاعم لديها بعد بيئي واجتماعي، يتتبّع مصدر المكوّنات وتاريخها الغنيّ، هذه المكوّنات التي من دونها لن يكون المطبخ اللبناني كما هو عليه اليوم. ولكن حتى في لبنان، والذي قد يكون معروفاً على الصعيد الدولي بالتميّز في الطهي، فلا شيء يأتي من دون مقابل. وتُلقي نور بعلبكي نظرةً فاحصةً على المعضلة التي تواجهها المرأة اللبنانية في ثقافة تزدهر في أكلاتها الرائعة مع فرض معايير النحافة على النساء.
ولا تزال أمامنا أسئلة سياسية أخرى يتعيّن طرحها. يعرض رسّام الكاريكاتور المغربي خالد كدار قصة مُحسن فكري ويعرّفنا على السمك الذي أوشك على إطلاق ثورة.
في الأوقات التي أصبح فيها الجوع سلاحاً للحرب ويقدّر أن مليون شخص في سوريا يعيشون تحت الحصار، ويُجبرون يأساً على غلي الأعشاب كحساء، لا يمكننا تجاهل البعد السياسي للأغذية والتغذية. وتصف الناشطة الزراعية أنصار جاسم كيف أصبحت الزراعة الحضرية شكلاً من أشكال المقاومة التي تًمكّن الناس، إلى حدّ ما، من استعادة السيادة والكرامة. وتستعرض كارول خوري كتاباً من تأليف آن جوغ ورامي زريق حول النسخة الفلسطينية من ألعاب الجوع.
وعندما تكون هناك وفرة، يأتي الاستهلاك ومعه المسؤوليات، لا سيما في ما يتعلّق بمخلّفات الأغذية. ويقوم مأمون غلاب، المؤسس المشارك لمنظمة غير هادفة للربح للتخلّص من النفايات، بالتوعية بشأن سلسلة الإنتاج بأكملها، والأثر الملموس على الطاقة والموارد الذي يتسبّب به الهدر الغذائي.
وكثيراً ما أكّدت التوقّعات بأن الحرب القادمة في المنطقة ستكون حول المياه، ولكن لدينا اليوم قليلٌ من النزاع حول الحمّص. ويصف الدكتور علي قليبو، المؤلف والخبير في الثقافة الفلسطينية، كيف نجحت إسرائيل في وضع علامة تجارية على الحمّص، وهو مثال نموذجي للعملية المعروفة باسم استعمار الغذاء.
وكمثالٍ على الصفات الموحّدة للطبخ، تشارك عالمة الأنتروبولوجيا رايتشل آن روزنباوم رؤيتها في مشروع يجمع بين النساء من جانبي خطوط الصراع في لبنان في شكلٍ من أشكال بناء السلام.
في المنازل، تطهو النساء. ومع ذلك، في المطاعم، فمن النادر أن نجد طاهية امرأة. وقد رسمت الفنانة المغربية زينب فاسقي شريطاً كرتونياً لهذه القضية يوضّح الطريقة التي يتم بها تحديد أدوار الجنسين بشكلٍ صارم عندما يتعلق الأمر بطبق الكسكس يوم الجمعة. ويحلّل بول شيتشر موضوع المقاهي في تونس التي تفتح خلال شهر رمضان، ما يعطّل التوازن المعتاد بين الجنسين في هذه الأماكن التي يسيطر عليها الذكور تقليدياً. ومسكُ الختام يأتي مع الرسوم التوضيحية للفنان اللبناني جوزيف قاعي.
وأخيراً، على مقالة وجدي بورجي حول ثقافة النبيذ في تونس، يرجى رفع الكأس والاستمتاع بهذه النشرة!
بنتي شيللر، دوروثيا ريشكوسكي، بيتينا ماركس وهايكي لوشمان