الافتتاحية

تكثر في السياسة الإشارات المجازية إلى الألعاب - مثل الإشارة المعروفة إلى المواجهة الدبلوماسية بين القوى العظمى في آسيا بداية القرن العشرين بـ "اللعبة الكبرى"، حيث كانت تعتبر التحركات الإستراتيجية في منطقة ما بأنها "لعبة على لوحة شطرنج" أو "مسرح" حرب؛ أو مثل الإشارة إلى السياسيين بـ"اللاعبين"، منهم الأقوياء الذين يوضعون في خانة "المؤثّرين"، ومنهم الضعفاء الذين يقبعون في خانة "الدمى"، واخيراً المجانين الذين يوضعون في خانة "البطاقات الجامحة".

في الواقع، تود الحكومات أن تتباهى بألعابها السياسية ولكنها سرعان ما تشعر بعدم الارتياح عندما يرفض المواطنون ألّا يكون لهم دور فعّال في هذه السياسات، فيواجهون السلطة بالحقيقة عن طريق النكات. وقد يصبح الحاكمون الظالمون أشدّ ظلماً لدى مواجهتهم جّدية المحتجين، لاسيما عندما يتحدّونهم بمقاومة فنّية إبداعية، لأنهم يدركون جيداً مدى قوة هذه الأدوات الني يستعملها الناشطون لكسب دعم الشعب ضد الحكّام بفضح حيلهم.

ولهذا السبب قررنا أن ننظر إلى المساحة التي يتداخل فيها المرح والجدّ، حيث تبدو السياسة وكأنها مجرّد مجموعة من الألعاب، أو استعراض يهدف الى تشتيت انتباه المواطنين لمنعهم من الانخراط فيها.

يشرح يورن دي كوك كيف أن سباقات الخيل في ميدان بيروت بعيدة كل البعد عن " أسكوت Ascot الشرق الأوسط" النخبوي، وحتى بعد اندلاع الحرب الأهلية أضحت منبراً مشتركاً نادراً يلتقي فيه أشخاص من خلفيات طائفية واجتماعية مختلفة للتعبير عن رأيهم. المهدي عبد الجواد من تونس يغوص في ذكريات طفولته وألعاب غلبت الحدود المجتمعية.

ينظر الدكتور دانييل رايش في السياسة اللبنانية والأحداث الرياضية الكبرى، ونظرته هذه تتوافق مع رؤية سلمى بلكبير حول ثقافة الحدث العام في المغرب وسياسات الدولة فيما يتعلق بالثقافة وقراراتها في شأن تمويلها استراتيجياً. ومن جهتها توضح ليا بارودي، مديرة جمعية "مارش" اللبنانية كيف أن المسرح يساهم في التغلّب على الانقسامات الاجتماعية والسياسية. تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى مدرسة السيرك في بير زيت، حيث يأتي أداء الممثلين بفوائد ثقافية كثيرة على المجتمع، كما تشرحه بالتفصيل هزار عزّة. أمّا إنغا هوفمان، فتطرّق إلى تنامي مشهد غريب وجريء في لبنان معتبرة إيّاه عملًا سياسياً عميق الأبعاد يدعو إلى ​​ الاعتراف بحقوق المجتمعات المحلية على اختلافها وغرابتها.

أمّا في ما يتعلّق بالعالم الافتراضي، تأخذنا تانيت شهوان إلى ساحة اللعب على شبكة الانترنت في لبنان فيما تحلّل آنا ماريا لوكا استخدام ألعاب الكمبيوتر كأداة للتجنيد لحزب الله اللبناني وكذلك لما يسمى بالدولة الإسلامية. أخيراً، ينظر الأستاذ رامي العلي إلى المستقبل، حيث يمتزج الواقع مع العالم الافتراضي ومع تطوّر النقاش في العالم العربي حول الفرص والمخاطر والأسئلة الأخلاقية، التي سيظهرها هذا المزيج.

 جاهز؟ لننطلق إذاً!

الدكتورة بنتي شيللر، باوكي باومن، الدكتورة بيتينا ماركس، الدكتورة هايكي لوشمان