السياسات الدولية والنزاعات

إطلاق كتابي "أبو يورغن: يومياتي مع السفير الألماني" و"كيف تم اختراع اللغة الألمانية"

يسّر مؤسسة هينرش بٌل – مكتب الشرق الأوسط وتجمع 10/11 أن يقدما كتابين من تأليف كُتاب سوريين معاصرين: "أبو يورغن: يومياتي مع السفير الألماني"، رواية متسلسلة جروتسك مع قدرات سحرية، لـعساف العساف و"كيف تم اختراع اللغة الألمانية"، مجموعة قصص قصيرة  فكاهية وسريالية، لـرشا عباس  

عن حدود خفية - نقاش مع الكاتبة والمخرجة والمؤدّية سوسن أبو خالد

في عصر يوم مشمس يتخلّله نسيم عليل في أيار/مايو، تجلس سوسن أبو خالد بهدوء في زاوية أحد المقاهي في بيروت وهي تحدّق في صورة التقطتها في كينكاكو-جي، معبد الجناح الذهبي، في كيوتو. يتميز المعبد بتصميمه المرهف، فهو مغطّى بالذهب ومزيّن بأوراق مطلية بالذهب؛ والهدف من تصميمه ليس فقط التخفيف من وطأة الأفكار والمشاعر السلبية عن الموت وتبديدها، بل أيضاً توليد خلفية من الشطَط البصري. عادت سوسن للتو من اليابان، حيث شاركت في مهرجان المسرح العالمي في شيزووكا من خلال عرضها المسرحي الأخير بعنوان "أليس"، ويبدو عالمها الفني مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بروح كينكاكو-جي. تماماً كما أن فرط البريق في المعبد يُستخدَم للتشجيع على قبول الموت، تتبنّى سوسن فلسفة مشابهة في إخراجها وأدائها حيث يتم تسخير العرض البصري لتقديم الموت على المسرح. تفصل بين الاثنَين عوالم وأشكال لكن خيطاً مشتركاً يمتدّ بينهما فيشكّل الأساس لسرديات جديدة.

الحدود والمخدرات والمهاجرون في شمال المغرب

على الرغم من أنه لمفهوم الحدود تاريخٌ طويل، يبقى تعريفها ملتبساً إلى حد بعيد. فهو يعتمد على مجموعة كبيرة من العناصر السياسية-الاجتماعية والاقتصادية المعقّدة التي تتناقض في بعض الأحيان. والسبب الأساسي هو صعوبة تحديد شكل الحدود ووظيفتها، بما أنها تتغير وتتطور باستمرار. وهكذا يتغيّر مفهوم الحدود عند الانتقال من اختصاص أكاديمي إلى آخر. ثمة عددٌ من المقاربات المتنوّعة للمفهوم، ويستخدم كل ميدان أفكاراً وفلسفات خاصة به؛ فسواءً في الميدان التاريخي أو الجغرافي أو السياسي أو السوسيولوجي أو الأنثروبولوجي أو النفسي أو غير ذلك، من الواضح أنه ليس هناك تعريفٌ واحد للحدود. بيد أن مفهوم الحدود يعتمد إلى حد كبير على مفهوم جون لوك (John Locke) عن القانون الطبيعي وترسيم حقوق الملكية الخاصة. يقع هذا المفهوم في صلب إنتاج المعارف في العلوم الاجتماعية، وهو متداوَل أيضاً بكثرة في العلاقات الدولية.

إذا كانت أوروبا حصناً، فجدرانها مليئة إذاً بالتصدعات: حالة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في المغرب

نراهم يومياً في نشرات الأخبار. حشودٌ من الأجساد السوداء تكتظّ بها مراكب غير صالحة للإبحار، أجساد مغطّاة بخِرَقٍ تتمدّد، بلا حيل ولا قوة، منهوكة القوى، على الرمال البيضاء. لا وجوه. لا أسماء. تُعيد هذه الصور، مراراً وتكراراً، توليد تخيّلات عن اجتياح أوروبا من "الآخر" المتشدّد؛ تخيّلات تبرّر بدورها الإجراءات الاستثنائية المتمثّلة في الإدارة العسكريتارية والاعتباطية للهجرة. هنا أيضاً، تتشابه الصور وتتماهى: سفنٌ عسكرية، رادارات طوّافة، عناصر يرتدون بزّاتهم ويضعون قفّازات يعترضون الأجساد اليائسة. غالباً ما نرى هذه الصور. لم يبقَ ما نراه أو نفكّر فيه؛ أو نفعله: يبدو وكأنه يتعذّر وقف "تدفّق" هؤلاء الأشخاص والرد العنيف من الدول على عبور حدودها. اقلبوا الصفحة، غيِّروا المحطة. ومع ذلك، هذا "التدفق" للأشخاص هو ما سعيت بالضبط إلى تصويره بطريقة مختلفة: سوف أحاول أن أُبيِّن أن الهجرة العابرة للأوطان لسكّان أفريقيا جنوب الصحراء الذين يمرّون عبر المغرب العربي ليست "اجتياحاً" أحادي الاتجاه وعنيفاً وحاشداً، بل تطوّرت وفقاً لأنماط معقّدة، على امتداد سنوات عدّة في معظم الأحيان، وتطبعها أشكال متعدّدة من النشاط والتعاون من جانب المهاجرين.