الدورة السابعة من مهرجان "ما بقى الّا نوصل"

حقوقنا المتجذرة

18 آب - 2 أيلول
2023

Almost There 7th Edition - OUR ROOTED RIGHTS - Heinrich Böll Foundation Beirut - Middle East

video-thumbnail Watch on YouTube

تخيّلوا أن نباتات الريحان تحمي البندورة  عبر إبعاد الحشرات عنها، وتردّ البندورة هذا الجميل عبر جذورها العميقة التي تحافظ على الماء، مما يُبقي نباتات الريحان رطبة. هذه واحدة فقط من بين هذا الكّم من دورات الطبيعة المتعددة و المترابطة في ما بينها وضمن سلسلة  متشابكة لا حصر لها. وهذه أسهل طريقة لتبيان كيف نظمت الطبيعة نفسها دائماً، واستفادت من تنوع أصنافها لضمان بقائها.

للسنة السابعة على التوالي، يتمحور مهرجان أفلامنا حول حقوق الإنسان والهجرة. يحمل مهرجان هذا العام عنوان "حقوقنا المتجذرة" ويركز على العدالة البيئية.

إن اختيار هذا الموضوع بات أمراً ملحًا لأن رفع الوعي ودق ناقوس الخطر هما مسألة بقاء. إن مناقشة العدالة البيئية  قد تُثمر فقط إذا جرت على نطاق محلي واستندت على خصوصيات كل بلد أو منطقة. لقد جمعنا في هذا المهرجان بعض الأمثلة التي توضح كيف أدت أعمالنا إلى تغير المناخ وجعلته يتنبأ تقريباً بدمار كل العالم، وكيف أن ثمة مبادرات تتفانى في العمل الدؤوب لتعيدنا للمسار الصحيح من عند حافة نقاط التحول البيئي.

نأمل أن تكون هذه الأفلام نقطة انطلاق جيدة لمناقشات مثمرة وتبادل للمعرفة والخبرة، ونأمل أن تكون بذوراً للتغيير.

لنتجنب التواصل مع من يؤمنون فقط بمعتقدات مشابهة لمعتقداتنا، تواصلنا مع شركاء محليين في مناطق مختلفة في لبنان بحيث يعكس تبادلنا للآراء تنوع المناطق والمجموعات المشتركة في هذا البلد.

لدينا هذا العام ثلاثة مواضيع فرعية: السيادة الغذائية، تغير المناخ وإدارة الماء.

يمكن فهم السيادة الغذائية على أنها طريقة للمقاومة تبدأ بالاكتفاء الذاتي: بلد يأكل ما ينتجه. للأسف ، تقريباً لم يعد الأمر كذلك بعد الآن. هذا ما تمت مناقشته في الفيلم الوثائقي التونسي "كسكسي: حبوب الكرامة" للمخرج حبيب عايب.

الزراعة المعمرة هي أساس لمبادرة مثيرة للاهتمام في حقل السيادة الغذائية. من فلسطين، وفيلم "الثورة غير المحكية" لأمين نايفة، نشهد هذا المفهوم الزراعي القديم الذي أعيد النظر فيه على مدار سنوات عديدة وصولاً حتى الآن. إن الزراعة المعمرة هي تجربة محلية تساعد المجتمعات الصغيرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي و بيع المنتجات الصحية الفائضة عنها في سوق يتزايد عليه الطلب.

تعد الحدائق المجتمعية المشتركة جانباً آخر من التجربة نفسها. العديد من هذه المبادرات أوقفت بشكل عنيف من قبل مالكي الأراضي وعقليتهم الرأسمالية الجشعة. هبة ياسين ورنا موسى ترويان هذه القصة في فيلم "نحيّ الأرض .... في  صيدا حديقة أهلية".

يروي فيلم "حب بري" للمخرجة جُمانة منّاع رحلة آلاف البذور التي تسافر من الشرق الأوسط إلى بنك البذور النرويجي إيكاردا (قبو سفالبارد العالمي للبذور). يأتي طعامنا من بذور سريعة العطب تحتاج إلى الحماية من الحروب والجشع ويجب حفظها جيداً للأجيال القادمة في بنوك البذور. ولكن كما يمكننا أن نتوقع، قد يستخدم حفظ هذه البذور لأغراض مختلفة هي أقل من خيرية. كيف نضمن ألا يكون ذلك لصالح الشركات الغذائية الزراعية الكبيرة؟

"العدالة البيئية: لماذا تقع النسوية والأرض  في صلبها"، هو فيلم لجييم (لبنان) يقدم لنا وجهة نظر متشابكة ومتداخلة بين عوامل مختلفة. لا يمكننا النظر فقط إلى الحقوق البيئية بمفردها. هذه الحقوق مرتبطة ارتباطاً وثيقًا بحقوق أخرى (التعليم، الرعاية الصحية، الإسكان، إمكانية الوصول إلى الغذاء، والمساواة بين الجنسين، إلخ ...) لا يمكننا التعامل مع إحدى هذه الحقوق دون الأخرى.

في هذا السياق، يمكننا إلقاء نظرة مفصلة على فيلم إيلينا كاستلر "أشويق، أغنية النساء الشجاعات" المصور في الجزائر. إنها شهادة قوية كيف أن النساء، رغم كل الدمار والحرائق المتعددة التي نشبت في تلك المنطقة، يحاولن عبر الأغاني التقليدية والقديمة شفاء أنفسهن وبعضهن البعض. لا يمكن مناقشة تغير المناخ بطريقة مثمرة إلا من خلال حماية عوامل البيئة المتعددة.

كما ذكرنا سابقاً، قد يكون التغيير أكثر تأثيراً عندما يحصل على نطاق محلي. نحتاج إلى معاينة القضايا البيئية في كل بلد لنفهم الوضع بكامله. هذا يوصلنا إلى أربعة مقاطع فيديو قصيرة صورتها منظمة غرينبيس الدولية المعروفة وتدور أحداثها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذه الفيديوهات هي: "تأثيرات المناخ على شعاب البحر الأحمرالمرجانية المرنة- “ مصر، "التصحر في الجزائر وارتفاع منسوب مياه البحر واختفاء الزراعة"، "أشجار الأرز اللبنانية الأيقونية" و"المغرب، صراع قبيلة بدوية من أجل البقاء"، كل هذه الفيديوهات تسلط الضوء على آثار تغير المناخ الخطر.

موضوعنا الفرعي الثالث والأخير، إدارة المياه، التي هي واحدة من أكثر الأمور غير العادلة بيئياً. وهذا ينطبق بشكل خاص على لبنان، البلد الذي يتمتع بوفرة المياه. إن مخطط السدود العام وسوء إدارة الموارد المائية والتسمم المائي والعديد من الكوارث الأخرى التي تهدد الحياة والطبيعة، هي كلها تمثل القصة المؤسفة لتاريخ هذا البلد فيما يتعلق بالمياه على مدى العقود الماضية.

إن البعض من الأمور غير العادلة بيئياً أوضحها فيلم الرسوم المتحركة القصير "المياه غير المرئية"، الذي أنتجته منظمة "أمواج" غير الحكومية في لبنان.

بالرغم من كل ما سبق، لنختتم كلامنا ببارقة أمل ونحتفل بقضة نجاح تجربة سابقة على أمل حصول المزيد منها. تم إيقاف مشروع سد وادي بسري بفضل الحركة البيئية في لبنان إثر انتفاضة عام 2019. وهذا الانتصار جعلنا نتجنب الدخول في مخطط عام لتوزيع السدود في جميع أنحاء البلاد.

إن المحادثات والحوارات والمبادرات التي يقودها المجتمع وكل هذه الأعمال والتي روت خيالنا وأخصبت إبداعنا، نأمل منها أن تبعدنا عن حافة التغير المناخي المتعذر إلغاءه. لِعّل ذلك يُسهم في إستمرارية دورة الحياة البيئية على كوكبنا.

الأفلام